تقرير في غزة .. متى تقول السيدات « أنا بدينة ولا أُبالي »؟!

الساعة 07:53 ص|13 فبراير 2017

فلسطين اليوم

« رمقني بنظرة من رأسي لأخمص قدمي وقال مقاسك ليس لدينا »، « بعد أربع أولاد زوجي قال لي: بدي يرجع وزنك متل ما أخدتك »، « الخطابات ما بكملو فنجان القهوة »، « نورت المينا يا لنش »، « رجليا ما بحملوني ».

بهذه الكلمات عبرت البدينات عن أسباب اقبالهم على المراكز الرياضية التي تختلف وتتنوع فوراء كل فتاة وسيدة حكاية كانت سببًا رئيسيًا في قدومها للمركز.

أمنية مُعلّقة

« آلاء مجدي » _16 عام_ تُخصص ساعتين قبل دوامها المدرسي المسائي للدوام بالمركز الرياضي متنقلة بين الأجهزة الرياضية، تقول: « أصبحت أكره التسوق من عبارة _مقاسك ليس لدينا، أو فصلي تفصيل_ كأنني المخلوق الوحيد على وجه الأرض الذي يحمل هذا الوزن، وكلما حدثت مناسبة في العائلة يصيبني اكتئاب من اللف على الفساتين ومقاسات الفساتين ».

وقد تعد مشكلة التسوق مشكلة عامة لدى البدينات يحاولن أن يتجنبنها بأيّة وسيلة وقد يتجاهلن نظرات الباعة « الدنيئة » _على حدِ وصفهن_ والتي تمتلئ بالسخرية إلا أن قواهن قد تخرّ تحت أمنية « نفسي ألبس زي كل البنات ».

أما « نائلة الأحمد » _29 عام_ وهي أم لأربعة أولاد، والتي لم تسمع من زوجها « كلمة حلوة » بخصوص موضوع وزنها منذ أن أصبحت حامل للمرة الأولى وحتى اليوم، تقول لفلسطين اليوم: « صحيح أن وزني فوق الـ 100 كيلو وصحيح انه زوجي لا يتوقف عن التعليقات الساخرة على هذا الموضوع لكن كلمة أريد أن يعود وزنك كما رأيتك أول مرة صدمتني وكانت سبب ارتيادي للمركز ».

وتستغرب زميلاتها في المركز كلمة زوجها لها بأن تعود بوزنها كيوم زواجها مُعلِقات « بدو كسم وبدو أولاد! »، إلا أنها أجابتهم أن الأمر لا يقتصر على زوجها فقط، فطالما هددتها والدته « حماتها » بقولها: « اضعفي قبل ما أزوجه كسم الغزال »، في إشارة إلى أنها ستزوجه بأخرى نحيفة.

قصص الخطابات

ولا تتوقف مشكلات البدينات عند هذا الحدّ بل تمتد إلى كلمات الخطابات اللاذعة وانتقاداتهم الحادة لأشكال الفتيات وأحجامهم وتلميحهم عن جمال الرشيقات في إشارة إلى استحالة أن تجد الفتاة المكتنزة شريك لحياتها.

الجامعية « أحلام خضر » أجابت عن استفسارنا حول سبب متابعتها لدى نادي شمس الرياضي بقولها: « كل يوم أواجه مشاكل بخصوص وزني، في الجامعة والشارع والسيارة والسوق وكل مكان لكن كل شيء يمكنني تجاوزه إلا كلمة خطابة _بس لو إنها أضعف شوي »، مردفة بسخرية: « قلت أضعف حتى الخطابات يكملوا فنجان قهوتهم ».

« أم فادي » رغم أنها في أوائل الأربعينات من عمرها إلا أنها لم تعد تستطيع المشي لمسافات طويلة فيما كانت نصيحة الأطباء الدائمة لها هي انقاص وزنها، تقول: « رجليا ما بحملوني »، معبرّة عن استيائها الشخصي من وزنها الزائد لكنها كما تعترف مازحة « لا أقاوم روائح الأكلات الشهية ».

أما المهندسة « أمل حسن » فمجرد أن تحضر لمقابلة صديقاتها بالمركز يباشرونها بكلمة « نورت المينا يا لنش » وتعلو بعدها الضحكات فهي صاحبة أعلى وزن من بينهن. وترتاد أمل مركز « سوبر جيم » بشكل اعتيادي دون أن تمارس الرياضة! معللّة حضورها بالقول: « رفع عتب ».

وتُعلق صديقاتها عليها بقولهن أنها كلما تسير في الشارع تسبب « أزمة سير » فأمل التي تقل 96 كيلو مع قصر قامة دائمًا ما تتفادى تعليقات السائقين بدفعها مواصلات عن راكبين، تقول: « أتثاقل من المشي لزيادة وزني ولسخرية الناس فأركب التاكسي الذي عادةً ما يشكل ركوبي فيه ضيق السائق أو الركاب فأقوم بالدفع عن راكبين لأختصر نظراتهم ».

مشكلة ثقة

وتعاني البدينات من نظرة مجتمعية قاصرة لا تقتصر على قطاع غزة بل تمتد إلى الوطن العربي كافة، رغم أن امتلاء الجسم كان من أهم سمات جمال المرأة لدى العرب قديمًا.

وكان أول من كسر قاعدة الجمال للنحيفات الدارجة مجتمعيًا الآن هي مسابقة جمال للبدينات في لبنان أعدتها محطة LBC في عام 2013 وتحمست نساء كثيرات للاشتراك في المسابقة، بهدف إيصال رسالة للمجتمع في حق المرأة البدينة بالحياة، وعدم تمييزها بسبب وزنها.

وفي آخر احصائية للعام 2010 بفلسطين بلغت نسبة الذين يعانون من السمنة 35% فيما عدّها المختصون بالعالية جدًا، ويمثل الاقبال على المراكز الرياضية ومراكز تخفيف الوزن في قطاع غزة ما نسبته 90% من السيدات فيما تبقى نسبة 7% للرجال و3% للأطفال.

ويرى مختصون التنمية البشرية أن المشكلة تتعلق بالثقة بالنفس، معتبرين أن الأمر لا يعدو عن كونه مختص بأصحاب الشخصيات الانهزامية بغض النظر عن التعليقات الساخرة الحاصلة من مختلف الفئات المجتمعية.

ونصحوا السيدات مُفرطات الوزن أن يقفن أمام خيار من اثنين إما تفكير جاد نحو انقاص الوزن بالطرق الطبية من تصغير حجم المعدة إلى اتباع نظام غذائي صحي بوصفة طبية معتمدة فالمتابعة الرياضية اللازمة.

أو أن يتقبلن أشكالهن _خاصة لو كانت الزيادة لا تتعدى بِضع كليو جرامات عن الوزن المثالي_ بالرضا عن أنفسهن واثبات ذواتهن بخوض المجالات كافة وألا يبقين قابعات تحت أسر الانطوائية والعزلة والاكتئاب ومحاولات تخفيف الوزن الفاشلة.

كلمات دلالية