شارفت على الانتهاء

بالصور « أبو عودة » يحاول إحياء مهنة « الحاكواتي » بفلسطين

الساعة 02:00 م|05 فبراير 2017

فلسطين اليوم

بشوقٍ وشغفٍ تجمع مجموعة من الأطفال، حول رجلٍ يُسمى « الحاكواتي » ذي الملابس اللافتة من جلابية بيضاء وعباءة بُنية وطربوش أحمر يغطي رأسه، ليستمعوا إلى قصصٍ وحكاياتٍ وأشعارٍ، تنقلهم من الواقع إلى عالمِ ملئ بالخيال والمغامرات والمرح.

ينتقل الراوي من قصة الغابة إلى قصة الملك بقالبٍ قصصي مميز، يجذب حاستي السمع والبصر لدى الأطفال، وغيرهم من كبار السن، لمواصلة الاستماع إلى « حاكواتي » فلسطين، سليمان أبو عودة، دون كلل أو ملل.

وتعتبر مهنة الحاكواتي، أو الراوي، أو القاص، تقليداً شعبياً، لشخص يمتهن سرد الحكايات في حمامات الاستجمام العامة والمنازل والمحال التجارية والمقاهي والاحتفالات، إذ يحتشد الناس حوله، ولا يكتفي عادة بقص القصة، إنما يتفاعل مع بطلها، ويجسده عبر الصوت والحركات والإيماءات.

تقمص أبو عودة البالغ من العمر 56 عاماً، شخصية الحاكواتي صدفة خلال عملهِ بإحدى الجمعيات، عندما طُلب منه سرد قصة للأطفال بناءً على ثقافته وحفظه للكثير من القصص، والتفاعل معها عبر الحركات والإيماءات التي تُضفي جمالاً خاصاً على القصة.

الفرحة التي رسمها « أبو عودة » على وجوه الأطفال والمسؤولين بالجمعية، دفعته للتفكير في إعادة إحياء التراث القديم الذي شارف على الانتهاء، إزاء التطور التكنولوجي السريع في القرن الـ 21، فبدأ بسرد حكاياته وقصصه الجميلة للطلبة في مدارس غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بمخيم الشاطئ، إضافة لتخصيص ساحة من منزله لأطفال الحارة.

« مراسل فلسطين اليوم » زار منزل « حاكواتي » فلسطين بمخيم الشاطئ، ليستمع عن قرب لإحدى القصص والحكايات التي يرويها، والتي تصادفت بقصة « لعله خير » وهي إحدى القصص التي تهدف إلى الرضا بما قسمه الله عز وجل لك.

يتوسط أبو عودة الأطفال، بزيه اللافت ويسرد لهم الحكاية، ويقول: كان يا مكان في قديم الزمان « ملك » خاض مبارزة السيوف فقطع إصبعه، فجاءه الوزير وقال له « لعله خير »، فتعجب الملك وأمر بحبسه فرد الوزير بالقول « لعله خير »، وفي أحد الأيام غادر الملك وحاشيته لرحلة الصيد« ، وفجأة وقف الروي وبدأ يُشير بيديه يميناً ويساراً ويغير نبرة صوته، ويكمل حكايته »هجم عليه أكالي البشر فاعتقلوه وحاشيته وفي إحدى مناسباتهم الدينية أمروا بطهي الملك ليأكلوه وفقاً لمعتقداتهم وتراثهم إلا أن القدر رحم الملك؛ لأن آكالي البشر لا يطهوا إنسانا ناقصا « إصبعه مقطوع »، فحمد الملك الله عز وجل لبتر إصبعه في مبارزة السيوف وعاد إلى مملكته وأمر بالإفراج عن الوزير وسأله عن قوله « لعله خير »، عندما أمر بحبسه، فأجابه لو كنت معك لأكلني القوم لأني لم أتعرض لبتر أي عضو بجسدي.

ومع نهاية القصة، صرخ الأطفال بصوت واحد « غيرها .. غيرها » دليلاً على شوقهم وحبهم للقصص التي يُلقيها « أبو عودة » ويقول لمراسلنا: أشعر بسعادة غامرة تملئ قلبي عندما أرسم البسمة والفرح على وجوه الأطفال، وتكثر سعادتي عندما يسأل الأطفال بعضهما عن القصة ويجاوبوا بأنفسهم.

وعن القصص والحكايات التي يرويها أشار إلى أنها، قصص وحكايات وروايات وأشعار ونوادر حقيقية وخيالية تهدف لإكساب الأطفال التربية والسلوك الجميل القائم على الحب والتعاون والإخلاص إضافة لمساعدتهم في إطلاق خيالهم الواسع في التفكير.

ولفت إلى أن مهنة الحاكواتي ليست جديدة ولا مبتدعة لكن الصدفة هي من دفعتني لممارسة هذا العمل الفني والتراثي الجميل للحفاظ على الطابع العربي والإسلامي.

وعن أصل مهنة الحاكواتي، يوضح أنها مهنة تراثية موجودة منذ أزمنة طويلة، كان يتنقل فيها الحاكواتي بين المدن والقرى والمقاهي وفي بيوت واحتفالات الأثرياء، فقد كانت مهنة للكسب، وصاحبها يمتاز بسرعة البديهة، والقدرة على الحفظ، والقدرة على الارتجال وتأليف القصص، إضافة إلى القدرة على النشيد والغناء والتمثيل.

وولد الحاكواتي « أبو عودة » في بلدة حمامة، شمالي بلدة المجدل-عسقلان المحتلة عام 1948، وتلقى تعليمي الأساسي والثانوي في مدينة غزة، ودرس الإخراج المسرحي في معهد الفنون بمدينة رام الله، والصحافة في جامعة بيرزيت، إضافة إلى اللغة العربية وآدابها في جامعة الإسكندرية، وعمل في إدارة بعض المشاريع والأنشطة الثقافية في فرنسا، علاوة على تخصصه في التحكيم الدولي.

ويحلُم « أبو عودة » بنشر فن الحاكواتي في جميع المدارس الفلسطينية، لأهدافها النبيلة بدفع الأطفال للتفكير الخيالي والجمالي لكتابة القصة، مؤكداً أنه نجح في نشر الفن بإحدى المدارس في مخيم الشاطئ، مبيناً أنه يحاول تخصيص حصة مدرسية لسرد القصص والحكايات.



حكواتي

حكواتي فلسطين

حكواتي يروي قصته

حكواتي

 

كلمات دلالية