خبر أم الحيران و عمُّون بين كيان إرهاب و « دولة قانون؟؟ »..علي عقلة عرسان

الساعة 09:06 ص|04 فبراير 2017

 

المهزلة، أم التمثيلية الاستعراضية الهابطة، أم البضاعة الفاسدة المعدَّة للتصدير العالمي بمهارة وعناية، أم الفجور بتاريخيته، وبوصفه خاصية ملازمة للصهيونية.. أيُّ تلك التسميات أو الصفات، تكون ملائمة ولائقة، لوصف ما صنعه كيان الإرهاب اليهودي، وما كُتِبِ عنه وأعلن، بمناسبة إخلاء مستوطنة « عَمُّوَنة »، بعد عشرين سنة من تحدي القانون، والعدوان على الملكية الخاصة لفلسطينيين استبيح وطنهم، وأُهدرت حقوقهم، وبعد قرار « محكمة العدل العليا؟! »، التي سكتت عن استيطان ٧٠٠٠٠٠ سبع مئة ألف إرهابي صهيوني، في القدس والضفة الغربية، منذ الرابع من حزيران ١٩٦٧.. بعد قرارها بإخلاء « كرفانات = بَرَّاكيَّات » متنقلة، تعود لقطيع من المسنوطنين الصهاينة، يبلغ ٤٠ - ٤٢ عائلة أي ما يقارب ١٥٠ فرداً، سطوا على أرض هي ملكية خاصة لفلسطينيين، وأقاموا فيها « مستوطنة » أسموها « عَمُّونة، قرب قرية الطيبة، شمال شرق رام الله؟! أظن أن كل هذه المسميات متداخلة تصلح عنواناً لهذه المهزلة الهابطة، التي : أبكت » صحفيين وإرهابيين يهوداً، يوم الأربعاء الأول من شباط/فبراير ٢٠١٧، حسّهم الإنساني متحجِّر أو مشوَّه، حيال عرب فلسطين الذين تدمر بيوتهم، ويحرقون أحياءً؟! كانت هناك مواقف متباينة من الحدَث، ولكن على الرغم من التباين، بل التضاد أحياناً، لم أتبين رؤية أو موقفاً واحداً يخترق جدار العنصريَّة الطّبع، والنفاق الصهيوني السميك، اللذين يحيطان باغتصاب فلسطين كلها، وبممارسة الإرهاب ضد شعبها، منذ سبعين عاماً على الأقل.؟! ولم أتبين إلا إصراراً على تقديم كيان العنصرية والإرهاب، على أنه « دولة قانون »، مع أنه سقر يوم الإثنين السادس من شباط/فبراير ٢٠١٧ أسوأ صيغة تزري بكل قانون، بإقرار ما يسمى « قانون التسوية » الذي ينتزع « شرعية لاستلاب الأرض والملكية والحق، بموجب ما يُسمَّى » ٍقانوناً؟!« . ؟!  وعلى تقديم قطعان الإرهابيين، المسمايين مستوطنين، الذين يجتاحون القدس والضفة الغربية، ويحتلون الأرض، ويقتلون الفلسطينيين، ويحرقون أشجارهم، ومزروعاتهم، وبيوتهم بمن فيها من أطفال وأمهات وآباء، وهم نيام.. إظهار أولئك على أنهم ضحايا، أو أبطال، أو مواطنون إسرائيليون من درجة عالية جداً، يتمسكون بأرض وهبها لهم » الرَّب« ، يقولون: » نحن نستوطن في بلادنا، الرب أعطانا هذه الأرض؟!« .. إن هذا شيئ أكثر من مضحك.. وأكثر من عطرسة بلهاء.. لكن البالهة تنتصر بالقوة، والقوة غالباً ما تنصر المجرمين والبلهاء؟! فهل هناك من يطالب من يقولون ذلك القول:  بإبراز سند تمليك وطن شعب آخر، لشذاذ آفاق يتجمعون من أوطانهم، لللعدوان والإجرام، هل مَن يطالبهم بتوقيع الرَّب؟ الفلسطينيون يملكون أن يقولوا ذلك، حتى أمام » محكمة العدل العليا اليهودية« /! لكن من يستمع لهم هناك، في محكمة » شعب الربّ« ؟!  اليهود يدعون، واليهود يكذبون، واليهود يصنعون الأساطير، ويستنطقونها، ويستجدون باسمها.. وعلى العالم أن يصدق كذبهم وافتراءهم.. وإلا فهو ضد شعب الرب، وضد اليهودية، وضد السامية، وضد الرّب بالنتيجة..؟! ويحميهم، في ضلالهم وأساطيرهم وإرهابهم ، قوة شر، فيها من هو مصاب بعمى القلب وإفلاس الروح، لكنه يملك قوة بطش أكثر عماء؟! الرّب للجميع، والرب عادل، لا يعطي أحداً على حساب أحد. واسطورة شعب الله المختار أكثر من كذبة على الرب. وكذب اليهود تنقضه الوقائع، ولكن من ينقض القوة العمياء التي تدمر الوقائع وترفضها وتزور ما تشاء منها؟!

عند غلاة الصهاينة، وساستهم، ومؤيدي إرهابهم، وممارسات دولتهم العنصرية.. المستوطنون اليهود يناضلون، ويضحون، لكي يكتمل حلم » إسرائيل الصهيوني، أو حلم الصهيونية في إسرائيل« ؟! ويعملون على أن تكون كل فلسطين وطناً لهم، كمرحلة أولى في التوسع، الذي يسمونه » تحريراً، ويرفضون أن يسمى احتلالاً؟!  ومن ثم يتدرج التوسُّع، بعد شموله لفلسطين كلها، لتطبيق مقولة: « ضفتان لنهر الأردن، الأولى لنا، والثانية أيضاً »؟! ثم تلي ذلك مراحل ومظاهر أخرى للتوسع والهيمنة: جغرافياً، واقتصادياً وسياسياً.. إلخ، إنهم يبنون، في المرحلة الأولى، ما يشاؤون، وأينما يشاؤون في فلسطين، ويقتلون من أبنائها من يشاءوون في كل وقت، والذرائع لا تنتهي.؟! نادرون جداً جداً، من بين اليهود، أولئك الذين يرفعون صوتهم باحتجاج على انتزاع الأنسنة عن الفلسطينيين، لاستباحتهم وما يمثلون، وما يملكون.

 الأغبياء هم وحدهم، من يستغبون الناس: إسرائيل تخلي عمونة، « براكيات خشبية متنقلة، بنيت على أرض فلسطينية مسروقة، فيها ٤٠ عائلة ». وقد سُحبَت تلك البراكيات إلى حضن آخر من الجبل الذي كانت فيه، ولم يدمر شيئ منها. وتعهد نتنياهو فوراً ببناء مستوطنة بديلة، « شرعية؟! » .. هكذا.. هكذا.. « شرعية »؟! في أقرب وقت. وكانت « دولة القانون »؟!، قد دمرت قبل أيام فقط، منازل الفلسطينيين في أم الحيران، وقتلت منهم، ومنازل أخرى في قرية قلنسوة، فعلت ذلك بالقوة المسلحة وبالجرافات. وهي تمهد لإقرار ما سمي بقانون التسوية، أي الاستيلاء على أراضي المواطنين الفلسطينيين وديارهم التي يسكنونها، في القدس والضفة الغربية، بالقوة التي فرضت نفسها قانوناً، سيوافق عليه الكنيست يوم الاثنين ٦ شباط/ فبراير ٢٠١٧ ليشمل كل ما اغتصب وسرق واحتل من أرض فلسطين منذ عام ١٩٤٧. إسرائيل كما قامت على الإرهاب، تستمر دولة إرهاب واغتصاب وحرامية ونصابين عالميين.. لكن، لأنها كما تقول « دولة قانون؟! » و« لا يمكن عدم تنفيذ قرار الحكم لأن اسرائيل هي دولة قانون. لو لم تكن اسرائيل دولة قانون، ولو انجرت إلى الفوضى، فانها ببساطة لن تكون. ».. لذلك فهي تسن قوانين السرقة، بعد وقبل أن تقوم بذلك..؟! لمَ الاستغراب،، المهم أن يكون هناك ذِكْر للقانون، في دولة، لتكون دولة قانون!؟ بالقوة المسلحة، وممارسة الإرهاب؟! عجب.. ولم العجب، ونحن في عالم القوة؟!

ثلاثة آلاف شرطي وجندي ورجل أمن، شاركوا في عملية الإخلاء في عمّونة. وفي وصف مسرح الحدث، عمونة، أو المشهد الذي ينبغي أن يراه العالم، لن نقدم إلا ما ذكره يهود، اختلفوا عن غيرهم من المطبلين للكذب والعنصرية، ونقتطف هنا من يوسي ميلمان، وجدعون ليفي، وليفي كانت له مواقف معارضة لممارسات المستوطنين ضد الفلسطينيين. في جريدة معاريف، بتاريخ الثاني من شباط/فبراير، قال يوسي ميلمان، في وصف مسرح الحدَث، عمونة:« أفراد الشرطة الذين كلفوا بمهمة الاخلاء، على الاقل في خطوط الاشتباك، وصلوا بلا خوذات وهراوة وسلاح ناري. جاءوا في الصباح، وهم لا يُخلون في الليل، ولم يظهر فرسان في الميدان. فقد أُرشدوا على إبداء التعاطف. سلوك شرطة إسرائيل تصرخ الى السماء، بخلاف سلوكها في إخلاء الغُزاة في أحياء الفقر، وبالطبع في البلدات العربية بشكل عام، والبلدات البدوية بشكل خاص. فلا داعٍ لأن يقول أحد إن هذا لا ينبع الا من العنصرية؟// معاريف – 2/2/2017 // أما جدعون ليفي، فكتب: » ليس دائما تكون حاجة الى 8 كتائب من الجيش الاسرائيلي و3 آلاف شرطي من اجل إخلاء شخص من مكان ليس بيته..« ، وعن  عنصرية »إسرائيل« قال هي بين » بين أم الحيران وعمونة أمس كان الفرق يصرخ الى عنان السماء: شرطة ابرتهايد، شرطة واحدة للبيض وأخرى لأبناء البلاد. بعد ما حدث أمس لا يمكن الاستمرار في الانكار.« // هارتس ٢/٢/٢٠١٧ وعندما تم تدمير بيوت الفلسطينيين، في إخلاء » أم الحيران« ، ووقع قتل، قال ليفي، ما يستحق أن نذكره: » بين أم الحيران وتقوع والفارعة وطولكرم يمر خط مستقيم واحد: خط عدم أنسنة الفلسطينيين الذي يوجه الجنود والشرطة. البداية في حملة التحريض والنهاية هي الاصبع الخفيف على الزناد. الجذور عميقة، يجب الاعتراف بذلك: حسب رأي اغلبية الاسرائيليين، كل العرب متشابهون وهم ليسوا بشرا مساوين لنا، هم ليسوا مثلنا. إنهم لا يحبون أولادهم مثلنا، ولا يحبون حياتهم مثلنا. لقد ولدوا من اجل أن يُقتلوا، لا مشكلة في قتلهم، جميعهم أعداء واجسام مشبوهة، مخربون وقتلة. حياتهم وموتهم رخيصين. لذلك اقتلوهم ولن يحدث لكم أي سوء. اقتلوهم لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل معهم.// عن هآرتس في - 19/1/2017

من الواضح جداً كيف أعدَّ المشهد ولماذا، وقد مُهِّد له، مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض رئيساً، وما رافق إخلاء عمونة من تحرك سياسي، وتغطية إعلامية واسعة، واستنفار لمجتمع الاحتلال في فلسطين المحتلة، وما أجري من مقابلات مع أطفال يبكون ويسألون أمهاتهم: « هل سيكون لنا بيت »؟! إن الفجور الصهيوني بلغ مداه.. فكان أن سُحبت « الكرافانات » إلى منطقة قريبة، وسميت أرض الفلسطينيين التي كانت عمونة « روضة محمية »، بمعنى أنه لا يستطيع الفلسطينيون، مُلَّاك الأرض، دخولها. وتعهد نتياهو ببناء مستوطنة بديلة، بأسرع ما يمكن للذين « تم إخلاؤهم » من عمونة، ووعِد اللصوص بالتعويض.. وتمت طمأنة قطعان المستوطنين، على أن ما اغتصبوه من أرض، وما بنوه في القدس والضفة،  لن يُمسّ. وذكَّرَ وزير العدوان، أفيغدور ليبرمان، الجميع، بتصريح ذي مغزى، بأن الاستيطان محمي، ومستمر، وأنه خلال أقل من أسبوعين، في الأيام القليلة الماضية، منذ تولي الرئيس ترامب السلطة رسمياً، قررت « حكومة إسرائيل بناء ٥٧٠٠ وحدة سكنية، في الضفة الغربية والقدس، منها ٣٥٠٠ بناء فوري، وتسويق فوري. »؟!، وتمت الإشارة إلى أنه سوف تٌنشأ مستوطَنة جديدة في الضفة؟! كل هذا على شرف « إخلاء عَمُّونَة »، باسم « دولة القانون »، ولابتزاز العالم وإقناعه بأن « كيان الإرهاب هو دولة قانون، بدليل ما جرى في عمونه؟! وعليه » تبرعوا لدولة القانون، وادفعوا لها، واحموها؟! ؟! فمن ذا الذي تنطلي عليه « هزليّات » كيان الإرهاب الصهيوني إلا من لديهم كل اللهفة لتصديق كل ما تقول؟! ومن ذا الذي يمكن أن يرى في « عونطة » هزلية عمونة، مظهراً من مظاهر دولة قانون، سوى أغبياء يحاولون استغفال العالم أيضاً.. لكن أولئك الصهاينة يدركون أن غباءهم محمي ومُستَحب، وسوف يقدَّم للعالم، على أنه « عدالة » تستحق المناصرة والمكافأة.. والسيد ترامب على استعداد تام، لكي يرقص على هذا الإيقاع، من دون تحفيز أو تشجيع؟!

 هذا حال ينبغي ألا يغيب عن البال، بالتسبة لكل من الفلسطينيين والعرب، الذين ينبغي عليهم أن يضعوا أنفسهم بمواجهة حقيقة، يعمل كيان الإرهاب الصهيوني « إسرائيل » وحماته، على فرضها واقعاً على الأرض لا يمكن تجاوزه، ولا القفز فوقه، وهو أن « حل الدولتين »، الذي هو منتهى التنازل من جانب الفلسطينيين خاصة والعرب عامة، عن حقوق تاريخية، لم يعد موجوداً، أو ممكناً.. فالاستطيان ابتلع ذلك الإمكان، و« إسرائيل » المُشَجَّعَة على الاستيطان والعدوان من حلفائها الأميركان، انتهت « من حل الدولتين غير الأخلاقي، وغير القابل للتحقق أيضاً. كما قال رون كحليلي في ١٩/١/٢٠١٧- ها آرتس »، باسم كثيرين غيره. وأن هذا « الكابوس »، حل الدولتين، الذي أخطأ نتنياهو في الإعلان عن قبوله كلامياً، في خطاب بار إيلان، وظلَّ يعمل على نقضه عملياً، بل على تدميره كلياً، في كل خطوة سياسية، واستيطانية، وتفاوضية، بعد ذلك التاريخ، وما زال يفعل ذلك.. لا بد من التخلُّص منه. وهناك كثرة يهودية كاثرة، تدفع في هذا الاتجاه، ومنهم شركاء له في حكومته، وآخرون في حزبه، ومجتمعه، ومن حلفائه.. ويبرز الآن، على رأس أولئك، رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت، الذي أعلن بصراحة وتحدٍّ، أن هدفه الاستراتيجي: « هو إنزال نتنياهو من خطاب بار ايلان. هذا هو اختبار حياة نتنياهو. يمكنه ان يسجل في التاريخ كمن أنقذ إسرائيل من حماستان على طريق 6. اذا اتخذ مثل هذه الخطوة، فسيحصل على دعمي ». في /22/1/2016 و؛ل أولئك يعلقون آمالاً كبيرة على ترامب، الذي يرون أنه سيخلصهم من ذلك، ويساعدهم على تحقيق ما هو أبعد منه.

فهل نحن، أعنى الفلسطينيين والعرب> على استعداد لمواجهة ما هو بخكم المجقق من مواجهات غاية في التأثير في قضية العرب المركزية، التي ينبغي أن تبقى كذلك وينظر إليها بهذه الصفة والأهمية، إلى أن يتحقق نصر ما، في وقت ما.. أم أننا ستبقى منشغلين في قتل بعضنا بعضاً، إلى أن يحقق أعداؤنا كل ما يريدون، ويذهبون أبعد مما نستطيع أن نرى وندرك؟!

يبدو أن الجواب بعلم الغيب، فالحاضر مشغول بالحاضر.. وليس لنا، ولا نرغب في أن تكون لنا، رؤية زرقاء اليمامة، ولا عيناها..

والله المُستعان.

كلمات دلالية