خبر بذكرى استشهاده الـ21 « أيمن الرزاينة »: سيف قسم الذي لا يغمد

الساعة 04:21 م|03 فبراير 2017

فلسطين اليوم

يعزفُ الدمُ ألحاناً من بيادر القدس وغزة، كلها شجنٌ وأبياتٌ من قسم، وفي مصباح الفجر يُرى النصرَ متلألأً في جبينه وكَفُه، يشارُ الى الطيفِ في عينيه المثقلتانِ بشوقِ الزمن .

أيمن الرزاينة، وأي اسمٍ في محراب قداستكَ قد بدى فينا عزماً وابتهاجا، وأنت القادمُ من صوت سماء بيت ليد المعجزة، صارخاً في جوفِ الأرضِ أن الموتَ كرامةُ العاشقين، تَصحبُ بيدكَ مهرَ الكرامة، وابتسامتك تعلو على جبال الجليل، كبسمةٍ في وقت الضحى بعد انتهاء المعركة.

يمر يوم الثالث من فبراير، عند كثير من الناس كيوم طبيعي مثل باقي الأيام، ولكن عند من عرف « سيف القسم »، لم يكن يوماً عادياً، بل كان يوم ارتقاء فارس من فرسان الشعب الفلسطيني والقوى الإسلامية المجاهدة « قسم » الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إنه الشهيد القائد أيمن ذيب الرزاينة « أبو إسلام »، أحد فرسان القوى الإسلامية المجاهدة « قسم »، والذي استشهد برفقة رفيق دربه الشهيد القائد عمار الأعرج.

وفي ذكرى استشهاده وبعد مضي واحد وعشرون عاماً على ارتقائه شهيداً بإذن الله، قام « الإعلام الحربي » بإجراء مقابلات صحفية مع كلاً من والدة الشهداء الحاجة « أم أيمن »، وزوجة الشهيد « أم إسلام »، بالإضافة إلى نجل الشهيد « إسلام »، وكذلك « أبو معاذ » أحد مجاهدي القوى الإسلامية المجاهدة « قسم » والذي عاش مع الشهيد في ذلك الزمن الجميل بمقاومته وعزته وعنفوانه.

أم الشهداء

وتحدثت الوالدة الصابرة والتي قدمت خلال هذه المسيرة المعبدة بالدم أربعة من أبنائها شهداء، عن علاقة المحبة التي تربطها بنجلها وكذلك الصفات التي تمتع بها، مشيرةً إلى أنها كانت تربطها به علاقة قوية جداً، منوهةً الى أنه كان محبوباً بين إخوته وأخواته، ويشهد له جميع أهل الحي والجيران بخلقه الطيب والتزامه الشديد.

وأضافت أم أيمن، أنه كان شديد الالتزام في المسجد فقد كان يصلي جميع الصلوات في المسجد، وكان من الإخوة الصائمين العابدين، فكان يصوم كل اثنين وخميس ولا يمكن ان يمر يوم اثنين أو خميس إلا ويصومه لشدة حبه للصوم والعبادة والتقرب لله عزوجل« .

الزوجة المحتسبة

من جانبها، أشارت أم إسلام زوجة الشهيد أيمن الرزاينة، إلى أن الشهيد أيمن كان يتصف بالأب المثالي، وكان رغم انشغاله في أعماله الجهادية وما الى ذلك، كان يترك بعض الوقت لأبنائه ليداعبهم ويكون بجوارهم.

وأوضحت الزوجة المحتسبة، الى أن أيمن كان من الرجال القلائل الذين يحملون هم دينه ووطنه وأبناء شعبه، حيث أنه كان يتأثر عند سماع أي مجزرة يرتكبها العدو الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني.

نجل الشهيد

بدوره تحدث إسلام نجل الشهيد والابن الأكبر له قائلاً: »كنت أبلغ من العمر خمسة أعوام عند استشهاد أبي, كبرت وترعرعت في أسرة متدينة وكنت فخوراً بأن والدي كان من رجال الجهاد الإسلامي, حيث كان والدي عنواناً للتسامح والصدق في حياته, وكان الناس ينظروا لي باحترام وتقدير وذلك تقديراً ووفاءً منهم لصنيع والدي، حيث أن هذه النظرة ما زالت إلى يومنا هذا, وأنا فخوراً جداً بوالدي أيمن رحمه الله وتقبله في علياء المجد« .

رفاق القسم

من جانبه أوضح »أبو معاذ« أحد مجاهدي القوى الإسلامية المجاهدة »قسم« الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وأحد الذين عملوا خلال الفترة التي نشط بها الشهيد أيمن الرزاينة في صفوف »قسم« ، قائلاً: »شارك أيمن في كل فعاليات الانتفاضة الشعبية الأولى منذ اللحظة الأولى لها، فقد كان من أوائل الذين هاجموا الجيب العسكري الذي تم إحراقه في وسط المخيم الثائر في نفس اللحظات التي استشهد فيها الشهيد حاتم السيسي، حيث تم اعتقاله في العام ألف وتسعمائة وتسعة وثمانون، حيث أمضى الشهيد في السجن ثمانية عشر شهراً ليخرج بعدها أكثر إصراراً وعناداً عاقداً العزم على مواصلة درب الشهداء ولينضم الى الجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، القوى الإسلامية المجاهدة « قسم ».

وأردف أبو معاذ قائلاً: « أن كلاً من الشهيدين أيمن الرزاينة وعمار الأعرج، كانا بمثابة التوأم الذي لا يفترق، حيث كانا بالنسبة لمن يراهم أو يعرفهم كرجل واحد، حيث أنهما عاشا معاً وجاهدا معاً واستشهدا معاً.

عمليات مشرفة

وبخصوص العمليات التي شارك وأشرف عليها الشهيد أيمن الرزاينة برفقة رفيق دربه الشهيد القائد عمار الأعرج، بين المجاهد »أبو معاذ« ، أن أبو اسلام كان يتمتع بشخصية عسكرية فريدة، وامتاز بالقدرة العالية على التخطيط والتنفيذ، فكان مجاهداً وقائداً رسالي، أفنى حياته في سبيل الله، وكذلك الشهيد عمار الأعرج كان من أبرز المهندسين المصنعين للأحزمة الناسفة والعبوات التفجيرية، وشارك الشهيدين عمار الأعرج وأيمن الرزاينة على عدة عمليات نوعية ، من أبرزها:

الشيخ عجلين

عملية الشيخ عجلين غرب مدينة غزة، التي أصيب بها عدداً من جنود الاحتلال حيث كان أيمن من ضمن المجموعة التي نفذت العملية  وكان من ضمنها الاستشهادي أنور عزيز بتاريخ الثاني من أغسطس من العام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعون.

أسدود

عملية أسدود والتي نفذها شهيد »قسم« الأول، الاستشهادي المجاهد علاء الدين الكحلوت في مدينة اسدود والتي أدت الى مصرع صهيوني ومجندة صهيونية بتاريخ الثاني عشر من سبتمبر من العام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعون.

الخط الشرقي

عملية الخط الشرقي شرق مدينة غزة، التي نفذها الاستشهادي المجاهد أنور عزيز، حيث كان لشهيدنا أيمن الرزاينة الدور البارز على الرصد والتخطيط للعملية وكان على تنافس مع الاستشهادي أنور عزيز على تنفيذها بتاريخ الثالث عشر من ديسمبر ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعون.

علي العيماوي

عملية أسدود والتي نفذها الاستشهادي المجاهد علي العيماوي، والتي أدت الى مقتل ضابطين صهيونيين وأصيب عشرة آخرين بتاريخ السابع من أبريل من العام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعون.

معبر بيت حانون

عملية معبر بيت حانون »ايرز« التي شارك بها الشهيد أيمن الرزاينة بنفسه برفقة عددا من المجاهدين في أول يوم لدخول السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، والتي أدت إلى مقتل جنديين صهيونيين بعد الاشتباك معهم من نقطة صفر بتاريخ الرابع من مايو ألف وتسعمائة وأربعة وتسعون.

موراج

عملية مستوطنة »موراج« ، التي أدت الى مقتل ثلاثة جنود صهاينة، وكان الشهيد أيمن الرزاينة قائداً للمجوعة التي نفذت العملية.

نتساريم

عملية نتساريم التي أدت إلى مقتل ثلاثة ضباط صهاينة، وأصيب تسعة آخرين، والتي نفذها الاستشهادي هشام حمد، والشهيد أيمن الرزاينة برفقة عمار الأعرج هما من أشرفا على العملية من تجهيز وتوصيل الاستشهادي هشام حمد لمكان تنفيذ العملية بتاريخ الحادي عشر من نوفمبر من العام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعون، وكانت هذه العملية انتقاماً لعملية اغتيال الشهيد القائد هاني عابد، وظهر شهيدنا أيمن الرزاينة برفقة الشهيد القائد نبيل الشريحي في حفل تأبين هاني عابد ليعلن عن العملية البطولية.

سديروت

عملية مستوطنة »سديروت« ، وتمثلت بتمكن الشهيد أيمن الرزاينة برفقة أحد المجاهدين من خطف الشرطي الصهيوني التابع لحرس الحدود »ايلان سُودريك« ، وأصيب بهذه العملية النوعية المجاهد المرافق للشهيد أيمن الرزاينة، وقام الشهيد أيمن بإسعاف المجاهد الذي أصيب بالعملية، وحال ذلك دون انسحاب شهيدنا أيمن بالشرطي المختطف بالعملية، فقام بقتل ذلك الشرطي واستولى على سلاحه الشخصي وعلى أوراقه الشخصية، وتمكن من دفنه بمنطقة بعيدة عن مكان العملية وكانت هذه العملية بتاريخ الثاني عشر من فبراير من العام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعون، وأظهر شهيدنا القائد أيمن الرزاينة المسدس الذي أهدته إياه قيادة »قسم« والذي غنمه من الشرطي المختطف »ايلان سُودريك« في حفل تأبين الاستشهادي علي العيماوي وأطلق به النار في الهواء بحفل التأبين.

كفار داروم

عملية مستوطنة كفار داروم، التي نفذها الاستشهادي خالد الخطيب وأسفرت عن مقتل ثلاثة عشر جندي صهيوني، وإصابة أكثر من ثلاثون آخرين، حيث كانا الشهيدين أيمن الرزاينة وعمار الأعرج من المشرفين على العملية، وقاما بتوصيل الاستشهادي خالد الخطيب الى مكان العملية بتاريخ التاسع من أبريل من العام ألف وتسعمائة وخمسة وتسعون.

بيت ليد

عملية »بيت ليد المزوجة« ، والتي نفذها الاستشهاديين أنور سكر وصلاح شاكر، وأسفرت عن مقتل أربعة وعشرون جندياً وضابطاً صهيونياً، وأصيب أكثر من ثمانون آخرين بتاريخ الثاني والعشرون من يناير من العام ألف وتسعمائة وخمسة وتسعون، حيث كان لشهيدنا أيمن الرزاينة وعمار الأعرج دوراً بارزاً ومهماً بالعملية برفقة الأسير القائد عبد الحليم البلبيسي من خلال نقل الاستشهاديين وإدخال العبوات والأحزمة الناسفة من معبر بيت حانون »ايرز" لمكان العملية من خلال التنسيق مع الشهيد القائد محمود الخواجا، وتعتبر عملية بيت ليد من اكبر وأضخم العمليات الاستشهادية في تاريخ الصراع المتواصل.

واختتم أبو معاذ حديثه، بالتأكيد على خيار الجهاد والمقاومة والتي زرعها الدكتور المعلم فتحي الشقاقي في نفوس المجاهدين، مشيراً إلى أن هذا الخيار هو الخيار الأصوب والأقرب لتحقيق النصر والتمكين بإذن الله.

حياة جهاد خاتمتها شهادة

الجدير بالذكر، أنه في يوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك، الموافق الثالث من فبراير من العام ألف وتسعمائة وستة وتسعون، وقبيل أذان المغرب بدقائق كان الشهيد جالساً مع رفيق دربه عمار يرتلون سورة الأنفال فإذا برصاصات الغدر من أبناء أجهزة السلطة الفلسطينية تنالهم وتصعد أرواح الشهداء إلى بارئها، ويهرب القتلة، تلاحقهم دماء الشهيدين إلى يوم القيامة.

كلمات دلالية