خبر تناغم بين الهادم والمهدوم -هآرتس

الساعة 11:44 ص|30 يناير 2017

فلسطين اليوم

 

بقلم: عودة بشارات

(المضمون: لو قام اعضاء الكنيست العرب بأنفسهم بهدم منازل أم الحيران وقمع المتظاهرين فهذا لن يكون كافيا لارضاء السلطات في اسرائيل - المصدر).

كان الامر سيكون جيدا لو أنه في وقت هدم المنازل في أم الحيران لو أن عضو الكنيست أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، أخذ مكان سائق الجرافة وبدأ بهدم المنازل. وبشكل موازٍ، كان سيأخذ عضو الكنيست طالب أبو عرار على مسؤوليته مهمة اطلاق النار الحية عند الحاجة، وأن تطلق عضوة الكنيست عايدة توما الرصاص المطاطي.

بالنسبة لاحمد طيبي هناك مهمة لا تقل أهمية وهي التواجد في المكان مع شاحنة مليئة بغاز الفلفل والاهتمام باستخدام الغاز ضد المحرضين، وأن زملاءه في الحركة لا يستخدمونه سراً كاضافة للحمص. وباقي اعضاء الكنيست في القائمة المشتركة وحلفاءهم من ميرتس كان يفترض أن يشكلوا حلقات للدبكة لرفع معنويات من يهدمون منازل العرب في الرينة.

يا لهذا المشهد الرائع. عضوة الكنيست ذهيبة غلئون، على رأس الدبكة وهي تلوح بعلم حرس الحدود، وعلى الطرف الثاني من الصف عضو الكنيست مسعود غنايم: جئنا اليكم للهدم.

 

هذا على ساق واحدة، هذا ما يُطلب من اعضاء الكنيست العرب أن يفعلوه من اجل الحصول على مباركة قادة السلطات. وأنا أعدكم بأنه بعد كل هذه الاعمال الوطنية التي ذكرتها، فان مفتش الشرطة روني ألشيخ سيدعي أن قمع اعضاء الكنيست العرب للمتظاهرين كان ضعيفا، ووزير الامن الداخلي جلعاد أردان سيشكتي أن غاز الفلفل قد انتهت صلاحيته، وستولول وزيرة الثقافة ميري ريغف بأن غلئون قامت بتزييف اللحن عن قصد.

لو لم تكن هذه تراجيديا، لكان يمكن الانفجار ضحكا. ما الذي تريدونه من اعضاء الكنيست العرب؟ من ناحية، صراخ يصم الآذان ومشاهد شد الشعر لمن تم تدمير عالمهم بذريعة أن اعضاء الكنيست العرب لا يتابعون مشاكل المواطن العربي العادي، ويخصصون كل وقتهم وجهدهم للمشكلة الفلسطينية. ومن ناحية اخرى، عندما يشمر اعضاء الكنيست العرب عن اذرعهم من اجل الدفاع عن أبناء شعبهم ضد قمع السلطات، تُسمع اصوات بأنهم يُحرضون. ويبدو أن العرب قد توقعوا السلوك المتلون للسلطات، وفقط من اجل ذلك أوجدوا المثل القائل « احترنا يا قرعة من وين نبوسك ».

إذاً أيها العرب الأعزاء، اليكم نمط الزعيم العربي الذي عملت السلطات على دعمه في اوساطكم: متعاون. وماذا عن المواطنين العرب؟ من المفروض أن يقوموا ضد القادة الذين يلحقون الضرر بالعلاقة الطيبة التي تنسج بينهم وبين السلطات. وها هو النشيد الذي تريد السلطات أن تسمعه: « ما هو ردكم أيها العرب المخلصون على هدم منازلكم؟/ شكرا لدولة اسرائيل/ واذا أقمنا على خرائب منازلكم حاضرة يهودية/ شكر أكثر/ لمن الشكر ولمن البركة/ لدولتنا التي قامت بالهدم ».

يا لهذا التناغم الحاصل هنا بين ما يهدم وما يبنى فوقه. بين هذا الذي اقتلع والذي زرع مكانه. بدون تحريض اعضاء الكنيست العرب فان الورود تبدو أكثر تألقا. لذلك بدل دقيقتين من الكراهية التي اقترحها جورج اورويل في كتابه « 1984 » مطلوب من العرب تخصيص ساعتين يوميا من اجل الاقتناع بأن الاجحاف الذي يلحق بهم في دولة اليهود ما هو إلا بركة.

 

احيانا أصاب بشعور أنه قبل أن يكتب « 1984 » – في العام 1948 – فان أورويل العظيم ألقى نظرة على ما يحدث لدينا في ساحة الشرق الاوسط. يبدو أنه لم يصدق ما شاهده، لذلك كتب عن مفارقة مشابهة ستحدث بعد سنوات طويلة. بالفعل، كيف سيصدق؟ يطردون اغلبية الشعب الفلسطيني من وطنه، أما العالم فيعتقد أن المطرودين هم المجرمون. وها هو التاريخ يكرر نفسه بعد سبعين سنة. يهودي يقوم على دمار العربي. يمكن أن تكون الأحداث في هذه الاثناء في أم الحيران كتاب آخر مخبأ لأورويل.

 

كلمات دلالية