خبر التطورات في العلاقات الأوروبية -الإيرانية

الساعة 09:23 ص|25 يناير 2017

فلسطين اليوم

بقلم: سيما شاين (نيوز 1)

ترجمة: مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية

مر عام على توقيع الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأوروبية عن إيران، لوحظت خلاله حيوية في الاتصالات والاتفاقيات الموقعة بين دول أوروبا وإيران. حتى الآن زار إيران أكثر من مائتي وفد تجاري أوروبي، جزءٌ من الاتصالات نضجت بالفعل وحققت صفقات اقتصادية، ممّا يعكس ارتفاعًا بنسبة 43% في التجارة بين إيران وأوروبا في النصف الأول من عام 2016، مقارنة بالفترة نفسها خلال عام 2015 حين كانت العقوبات ما زالت قائمة. في المقابل، في 25 أكتوبر 2016 اتخذ البرلمان الأوروبي قرارًا بشأن استراتيجية السياسيات تجاه إيران في العهد الذي سيتبع الاتفاق النووي ورفع العقوبات.

فور التوقيع على الاتفاق النووي، وحتى قبل رفع العقوبات، بدأت زيارات مسؤولين أوروبيين لإيران، ورافقهم رجال أعمال بهدف تمهيد الطريق للاستثمار والتعاون الاقتصادي. رئيس إيران أيضًا حسن روحاني أجرى جولة زيارات، لأول مرة منذ سنوات، في العواصم الأوروبية، حيث تم في إطارها توقيع اتفاقيات إطارية لتعاون اقتصادي - تجاري بين الدول.

من بين الصفقات البارزة التي تم الاتفاق عليها منذ ذاك الحين شراء حوالي مائة طائرة ايرباص من فرنسا لمدة عشر سنوات، وتمت الصفقة بعد أن ألغت الولايات المتحدة معارضتها لتلك الصفقة، وقد هبطت فعليًا أول طائرة في إيران. عودة نشاطات شركات السيارات « بيجو » و« رينو » الفرنسية لإيران، شركة النفط الفرنسية « توتال » عادت في نوفمبر الماضي للعمل في إيران بعد توقف دام 6 سنوات، في إطار اتفاق لتطوير مرحلة إضافية في حقل الغاز جنوب فارس بالتعاون مع شركة صينية صفقة قيمتها 6 مليار دولار، مع إيطاليا تم توقيع صفقات في مجالات الطاقة، ألمانيا - التي كانت في الماضي الشريك الأكبر مع إيران - وقعت على صفقة لتطوير نظام السكة الحديد في إيران على يد شركة « سيمنز ».

بالإضافة لذلك، عادت شركة التأمين البريطانية « لويدز » للعمل في إيران، التي كانت قد أوقفت عملها هناك منذ عدة سنوات. إن هذه لتطورات مهمة، حيث اضطر روحاني في السنوات الأخيرة لمواجهة انخفاض هائل في الأسعار بسبب رفض شركات التأمين، وعلى رأسها « لويدز »، أن تعمل على تأمين بضائع إيرانية. هذه التطورات التجارية - بجانب عودة نشاطات إيران في نظام الاتصال العالمي « سويفت » الذي انضمت إليه حوالي 3 بنوك إيرانية، وكذلك عودة بنوك صغيرة أوروبية لإيران - ساهمت في تحسين المؤشرات الاقتصادية لإيران، التي سُجلت في العام الماضي.

أربعة أضعاف

كذلك في المجال السياسي، بدأت في العام الماضي عدة تطورات مهمة، فقد عززت جهود إيران بالخروج من العزلة السياسية كأحد إنجازات الاتفاق النووي. أبرزها استئناف العلاقات مع بريطانيا، بعد أربع سنوات من الانقطاع، في أعقاب محاولة حشد إيراني السيطرة على السفارة في طهران. في المقابل، البرلمان الإيراني تلقى بعد نقاشات متواصلة وجهود تأثير إيرانية استراتيجية لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع إيران. هذا يشمل دعم توسيع التعاون الاقتصادي، الاستثمارات والتجارة بين دول أوروبا وإيران، وكذلك دعم انضمام إيران لمنظمة التجارة العالمية (WTO)، مع الإشارة لحقيقة ان الاقتصاد الإيراني هو الأكبر في العالم بعد منظمة التجارة العالمية. هذا وتذكر وثيقة استراتيجية تعزيز العلاقات مع إيران أن الاتحاد الأوروبي كان الشريك التجاري الاكبر لإيران، وأن نطاق التجارة يصل اليوم لـ 8 مليار دولار، ومن المتوقع ان ترتفع النسبة بمعدل أربعة أضعاف خلال السنتين القادمتين. من جانب آخر، الوثيقة لا تتجاهل القضايا الإشكالية المتعلقة بحقوق الانسان في إيران، وتنص على أن غياب حرية التعبير في شبكات الانترنت، وترصد ما ينشر على الانترنت، وغياب الحرية الرقمية تعتبر خرقًا لحقوق الانسان، ولذلك فهي عائق أمام تطور التجارة مع إيران.

قضية إضافية أخرى في استراتيجية الاتحاد الأوروبي لتعزيز العلاقات مع إيران متعلقة بعقوبة الإعدام وأحكام القتل في هذه الدولة، إيران تحتل المركز الأول في العالم في عمليات الاعدام في صفوف السكان. حسب معطيات منظمة العفو الدولية، 977 شخص تم إعدامهم في إيران خلال عام 2015، أغلبهم تم اتهامهم بتجارة المخدرات، جزء منهم قاصرين. استراتيجية الاتحاد الأوروبي تنص على أن أساس موقف أوروبا - الذي يعارض عقوبة الإعدام - فإن هذه القضية تحتل الصدارة في جدول أعمال سياسات حقوق الانسان والسياسات الخارجية الأوروبية. الاستراتيجية الأوروبية تؤكد على أن هذه القضية سيتم رفعها في الحوار السياسي، وتطلب في المرحلة الأولى وقف فوري لتنفيذ عقوبة الإعدام، لمن تم الحكم عليهم، وتطالب البرلمان الإيراني بإعادة النظر من جديد في هذا البند من قانون العقوبات، الذي يسمح بعقوبة الإعدام للقاصرين دون سن الـ 18. هذا بالإضافة لأن الاتحاد الأوروبي يحث إيران على تغيير التشريع الذي يسمح بعقوبة الإعدام على تجارة المخدرات؛ تغيير يقلل بشكل كبير عدد الذين يتم إعدامهم.

قضية حساسة

على خلفية ذلك يعقد في إيران نقاش حول رغبة الاتحاد الأوروبي بفتح مكتب اتصال في إيران، أشبه بسفارة. في هذه المرحلة، تعمل ممثليات صغيرة عبر سفارات ألمانية وليس هناك ترخيصات إيرانية لفتح سفارات. كما هو الحال في معظم القضايا السياسية الخارجية، قضية العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أصبح محور النقاشات السياسية في الساحة الداخلية الإيرانية ووسيلة لهجوم المحافظين على روحاني وحكومته، الذين يخشون أن قيام مستقل لسفارات الاتحاد الأوروبي تعتبر جاذبة لجهات حقوق الانسان الإيرانية. رئيس السلطة القضائية، قرر أن هذه السفارات ستكون « عشًا للفساد »، وهو لن يسمح بإقامتها. في الوقت نفسه، الاتحاد الأوروبي يقترح على إيران ان تنضم لخطة البحث الخاصة به في إطار مشروع « أفق 2020 »، بالإضافة لبرامج تبادل طلبة، يُذكر أن أكثر من 60% من الجمهور الإيراني هو تحت عمر 30، وهذا المجال اعتبر الأكثر حساسية في إيران، في ظل الإشراف الدقيق الذي ينفذه النظام على مناهج التعليم في الجامعات والقلق من انشطة سياسية في صفوف الطلاب، الذين يقيمون بشكل سنوي في يوم الطالب أحداث يرفعون بها شعارات ضد النظام.

العلاقات بين إيران وأوروبا هي الأهم بالنسبة للنظام في طهران، سواء في المجال الاقتصادي التجاري أو كنفوذ ضد الولايات المتحدة، التي ينظر إليها على أنها معادية للنظام. العلاقات مع أوروبا لها أهمية عظيمة، وموقف الدول الأوروبية التي صاغت الاتفاق النووي مهم لضمان استمراريته. وفعليًا، وزراء الخارجية الأوروبيين عادوا في اجتماعهم الأخير، وأكدوا على دعمهم لتنفيذ الاتفاق وتطوير العلاقات الاقتصادية مع إيران، مع توضيحهم أنهم لن يدعموا إلغاء الاتفاق. وجب التأكيد على أنه لو نفذ الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب تهديداته وألغى أو حاول إجراء تغييرات على الاتفاق النووي، سيكون لذلك بالغ الأهمية، حيث سيسمح لإيران بمعارضة مطلبه مع علمها أن علاقاتها مع الأوروبيين ستستمر.

كلمات دلالية