خبر الاعترافات تحت التعذيب -هآرتس

الساعة 11:09 ص|24 يناير 2017

فلسطين اليوم

بقلم: حاييم لفنسون

          (المضمون: اعتراف عدد من المحققين في نقاش جرى بينهم وبوجود آخرين بأنهم يستخدمون التعذيب ضد المعتقلين من خلال وسائل انتقائية  - المصدر).

          على مدى سنين تحاول المؤسسة الاسرائيلية اخفاء ما يحدث في غرف التحقيق. حيث يستخدم المحققون الضغط، بما في ذلك التعذيب، أو « الطرق الانتقائية » كما قيل. إن عملية الاخفاء تعمل ساعات اضافية. حتى عندما يتم الكشف عن التعذيب وتصل شهادات من تم تعذيبهم الى الجمهور، الجهاز يفعل كل شيء لابقاء دور المحققين في الظلام. كل شيء بما في ذلك الصفقات التي تكون مخففة مع من تم تعذيبهم مقابل صمتهم.

          من تعرض لأذرع المحققين تحدث عن طرق مختلفة، بدءً من الصراخ في الأذن ومرورا بالضرب وانتهاء بحركات مؤلمة لوقت طويل. وحتى الآن تم سماع هذه النظريات من طرف واحد، هو المشتكي. ولكن خلال نقاش أجراه المحققون في الفترة الاخيرة بوجود الشهود، تحولت هذه القصص الى أكثر ملموسية، حيث تحدثوا عن تعذيب الاشخاص في قضايا مركزية، وعن الذي يصادق على ذلك وما فائدة ذلك في التحقيق.

          الوضع ليس مثلما في غوانتنامو، قال ن. اثناء الحديث، وهو محقق سابق كان من صلاحيته السماح بالانتقال الى الطرق الانتقائية، كما قال. نحن لا نجعل المعتقل يقف عاريا في درجة حرارة تبلغ 10 تحت الصفر، أضاف. الطرق التي يتم استخدامها في اسرائيل، حسب اقواله، يتم اختيارها بدقة كي لا تخلف ضررا أو علامات من جهة، وتكون ناجعة بما يكفي من اجل كسر روح من يتم التحقيق معهم من جهة اخرى. وهذه الطرق وصلت الى العناوين في كانون الاول 2015 اثناء التحقيق في عملية القتل في دوما، بعد أن تمت محاكمة المتهمين عميرام بن اوليئيل والقاصر أ. بتهمة اشعال الحريق، حيث زعما أنه تم تعذيبهما خلال التحقيق.

          ردا على ذلك حدثت مظاهرات في ارجاء البلاد. واعترف المحققون أنه كان هناك تعذيب، لكنهم نفوا الادعاء حول « التحرش الجنسي والبصق ». ولم تنته بعد محاكمة المشبوهين، لكن محاميهما عيدي كيدار أوضح أنه « بسبب التعذيب قاما بالاعتراف بأفعال لم ينفذاها ».

          منذ أن قام أ. بالشكوى حول التعذيب في التحقيق ما زالت الشكوى قيد العلاج. « لقد أجلسوني اثناء التحقيق على كرسي، ووضعوا عصبة على عيوني، ولم أعرف من الذي قام بتوجيه صفعة على وجهي. وشعرت بأن رأسي قد طار بسببها »، هذا ما قاله أمام المسؤول عن فحص شكاوى المحقق معهم. « لم أر، لكن يبدو لي أن هذه كانت كفة اليد. وبعد ذلك أجلسوني حيث كان ظهري مسنود لظهر الكرسي وكنت مكبلا. وجلس أمامي محقق وكانت قدماه تمسكان بقدمي، وقام بدفعي الى الوراء. وفي مرحلة معينة لم استطع أن أصمد. فقد تألمت عضلات بطني فنزلت الى أسفل مثل القوس. وكل جسمي بدأ يؤلمني. وأثناء هذه الوضعية تعرضت للضرب على ركبتي، واستمر ذلك بضع ساعات. وفي مرحلة معينة بدأت بالبكاء والصراخ من الألم ».

          هذا الوصف يماثل وسائل التحقيق الانتقائية التي تحدث عنها ن. الصفع هو الوسيلة الاولى. وحسب اقواله قوة اللطمة لا تكون بالدرجة القصوى، والهدف هو عدم الحاق الضرر باعضاء الجسم مثل الأنف والأذن والفم. ويتم تغطية وجه الشخص المحقق معه. وقال ايضا إن تغطية العيون هي بهدف السلام وحتى لا يرى من يحقق معه أنه سيتلقى صفعة. وبالتالي يحرك رأسه ويتعرض للاصابة. ايضا ارجاع الجسم الى الخلف كان من ضمن اوصاف ن.، حيث يجلس الشخص على كرسي بدون ظهر ويفرض عليه المحققون ارجاع ظهره نحو الخلف وتكون يداه مكبلتين من الخلف وقدميه ايضا. أحد المحققين يمنع الشخص من الجلوس مجددا، وفي هذه الوضعية يضطر الى استخدام عضلات بطنه للصمود.

          وماذا عن البكاء والألم؟ هذه ايضا تحدث عنها ن. فعندما يجبر المحققون الشخص على النزول على ركبتيه وظهره الى الحائط ويداه مكبلتان، يبقى في هذه الوضعية لفترة طويلة. واذا سقط يرفعونه من جديد، كما قال ن. وحتى لو بكى وتوسل وصرخ، فان المحققين يستمرون في فعلهم.

          بشكل عام، موضوع التعذيب تم طرحه في الرأي العام أكثر من مرة، ليس فقط من منظمات حقوق الانسان. ففي العام 1999 رفضت محكمة العدل العليا استخدام التعذيب مع المحقق معهم، لكن الحكومة سمحت به حينها. وحسب روح قرار الحكم أصدر المستشار القانوني للحكومة في حينه، اليكيم روبنشتاين، توجيهات جديدة. صحيح أن هذه التوجيهات لم توافق على التعذيب، لكن قيل إنه لا يجب محاكمة المحققين جنائيا، « الشخص لا يتحمل المسؤولية الجنائية عن عمل اضطر الى القيام به فورا لانقاذ حياته وحريته وممتلكاته، هو أو غيره، من خطر ملموس. ولم تكن هناك طريقة اخرى لفعل ذلك ».

          وعلى الرغم من ذلك قيل إن صلاحية اعطاء الأمر توجد فقط للجهات الأكثر رفعة في الدولة. وأن المحقق الذي يجلس في الغرفة يجب عليه توثيق عدد الضربات والصفعات وباقي الوسائل التي يستخدمها. وبعد كل عمل كهذا يجب عليه ابلاغ المستشار القانوني للحكومة.

          أحد المحققين الذين شاركوا في الحديث تحدث عن الاساس القانوني الذي يسمح باستخدام العنف. وحسب اقواله، بناء على « الدفاع عن الحاجة »، عندما يعرف المحقق أن هذه هي الطريقة التي ستُمكنه من منع عملية واحباطها، فهو يقوم بذلك من اجل الحصول على المعلومات.

          من ناحية هرمية للمصادقة، على المحقق نفسه طلب المصادقة على استخدام تلك الطرق. ورغم ذلك، في الحالات الملحة، مثل مخرب يريد تفجير نفسه، يستطيع المحقق نفسه استخدام هذه الاساليب في الميدان دون الحصول على الاذن. وفي ظل وجود خطر على حياة الناس يمكن استخدام الدفاع عن الحاجة بأثر رجعي.

          نظرة للوراء تظهر أنه في السنوات ما بعد قرار محكمة العدل العليا وأوامر المستشار القانوني الجديدة، تم تغيير طرق التعذيب، وتقلص استخدامها. لكن هذا الوضع تغير في السنوات الاخيرة، بل زاد استخدام هذه الطرق. تحقيق هآرتس في أيار 2015 أظهر زيادة استخدام التعذيب. وتم الحديث عن الوقوف لساعات والأيدي ممدودة على الجانبين، والوقوف الى الحائط وضرب الشخص اذا رفض الجلوس، وتغطية العيون لفترة طويلة وتكبيل الشخص وضربه والصراخ في أذنيه.

          في الحديث الذي أجراه ن. تحدث عن جزء من هذه الاساليب. مثلا، الصراخ. واحيانا تكون هناك حاجة الى الامساك بقميص الشخص وسحبه نحو المحقق والصراخ عليه. وطريقة اخرى تم الحديث عنها وهي رفع الأيدي، حيث يكون على الشخص رفع يديه الى مستوى كتفه وهي مكبلة من الخلف.

          يتبين من الحديث أن المحققين يدركون شدة الألم الذي يتسببون به نتيجة هذه الحركات. وقد جرب بعضهم ذلك على نفسه ووجد أن هذا الامر صعب ويصعب تحمله.

          مسألة اخرى يجب النقاش حولها، هي مسألة الفائدة. في اغلبية الحالات تبين أن التعذيب ليس ناجعا، مثلما في حالة محمد الخطيب. وهو من نشطاء حماس في الخليل. وقد اعتقل الخطيب في اعقاب الكشف عن خلايا حماس في الضفة الغربية في صيف 2014، بعد شهرين من خطف وقتل الفتيان الثلاثة ايال يفراح وجلعاد شاعر ونفتالي فرانكل.

          المحققون اعتقدوا أن هناك صلة بين الخلايا وبين عملية الخطف. لذلك استخدموا التعذيب ضد اعضاء هذه الخلايا بزعم أن مبدأ « الدفاع عن الحاجة » ينطبق على هذه الحالة. وعندما تم احضار الخطيب، الذي هو صديق الخاطف مروان القواسمي منذ الطفولة، الى التحقيق، اعترف تحت التعذيب أنه كان يراقب. ولكن فيما بعد تبين أنه ليست هناك أي صلة بينه وبين العملية أو بين الخلايا وبين العملية. حيث عملت الخلية المسؤولة عن الخطف وحدها.

          في اطار ذلك التحقيق لم يتم تعذيب الخطيب فقط، بل ايضا تم تعذيب شكري الخواجا الذي وردت قصته في هآرتس في تشرين الاول 2015. « لقد قام بالتحقيق معي بين 3 – 10 محققين، ومنهم من كان برتبة ميجر وكولونيل »، قال أمام المحكمة العسكرية في عوفر. « كان هناك الكولونيل سولي. وايضا نوريت كانت هناك ». وحسب أقواله فقد قام المحققون بتكبيل يديه ورجليه وإجلاسه على كرسي بدون ظهر، وقاموا بارجاعه حتى الارض. « قدماي كانتا مكبلتين بالكرسي من الامام، وقام المحقق بضربي على وجهي وصدري. ومن كان خلفي كان يمسك أكتافي ويقوم برفعي وانزالي ».

          في النقاش الموثق لم يتحدث ن. عن هذه القضية، لكنه أكد حاجة أن يعرف من يتم التحقيق معه بأن التحقيق ليس فقط اسئلة واجابات. فيجب أن يكون واضحا أنه من اجل الحصول على اجابات فان محاولات الاقناع لا يجب أن تكون لفظية فقط.

كلمات دلالية