خبر شعبٌ يحتضن المقاومة ومقاومةٌ تضحي من أجل الشعب

الساعة 01:44 م|14 يناير 2017

بقلم

إن القارئ للتاريخ الإنساني يستطيع أن يستنبط العديد من المبادئ والقواعد والشروط لانتصار مقاومة الشعوب ضد محتليها ومستعمريها على اختلاف المكان والزمان والشخوص.

ونحن في الحالة الفلسطينية، لسنا ببعيدين عن تلك السنن التاريخية, لذا من الأهمية بمكان أن يتعرف كلٌ من الشعب ومناضليه في شتى بقاع الوطن على أهم قانون تاريخي لانتصار مقاومة الشعوب، والذي ينص على أن قدرة أي مقاومة على  حسم صراعها ضد المحتل، يتوقف إلى حدٍ بعيد على موقف الجماهير منها والتفافهم الشعبي حولها ومدى تجاوبهم مع قراراتها. فكلما كانت الجماهير ملتصقة بالمقاومة كان النصر حليفها، كون الجماهير مصدر الإمكانيات المعنوية التي تعتبر الأهم في صراع المقاومة مع أعدائها من احتلال واستعمار. فالصراع في أساسه، هو صراع إرادة وتصميم، وخاصة أن قوى المقاومة، تدرك أنها لا تستطيع حسم الصراع في معركة واحدة، بسبب اختلال ميزان القوى المادية دوماً لصالح الاحتلال، لذا تهدف إلى رفع كلفة الاحتلال ومراكمة الانتصارات الميدانية البسيطة، ممهدة بذلك للانتصار والتحرير, ولكن في كل المراحل يجب على المقاومة أن تحافظ على علاقتها الايجابية مع الجماهير.

المقاومة الحقيقية هي وليدة البيوت والأزقة والقرى والمدن والمخيمات, هي ملح الأرض وضمير الشعب, هي نبض الشارع والتعبير الصادق عن هموم الناس وأحلامهم وأحزانهم. وفي المقابل، الجماهير هم وقود الثورة وحاضنة المقاومة وحضنها الدافئ والقلعة التي تتكسر على أسوارها كل المؤامرات لضرب المقاومة. ولهذا تحاول قوى الشر والظلم دائماً و بإصرار تدمير هذه العلاقة وحرف مسارها والإيقاع بين الشعب ومقاومته, لتتحول المقاومة في نظر الجماهير لعبء ثقيل وسبب لآلامهم وأحزانهم وضنك معيشتهم لتفقد بذلك حاضنتها الشعبية وتفقد مبرر وجودها ونبل معانيها وقيمة تضحياتها، فتتحول إلى روح بلا جسد و بنادق بلا شرعية.

وهنا يبرز الدور المركزي لأخلاق المقاومة في أوساط شعبها لتعزيز صموده المادي المعنوي وتعزيز إيمانه بقضيته والثقة بعدالتها ومصداقية برامجها وطهر أياديها ونبل غاياتها, من خلال تغليب العام الوطني على الخاص الحزبي, والتأكيد دومًا على أن التناقض الرئيسي مع الاحتلال الذي يغتصب الأرض ويستعبد الإنسان, والعمل الدؤوب على زرع الثقة في وجدان الجماهير بأن المقاومة هي السبيل للعيش بكرامة وعزة وهناء بعيداً عن ظلم وقهر الاحتلال؛ هذا على الصعيد السياسي لفعل وخطاب المقاومة.

أما على مستوى سلوك الأفراد تتجلى أخلاقيات المقاومة في تجاوز الذات والتضحية والصبر واجتناب الغرور والصدق وخفض الجناح والثقة بالنصر الإلهي. لذا العامل الأخلاقي داخل منظومة المقاومة ليس مجرد قيمة مضافة إلى ممارسة الفعل المقاوم ولا يندرج تحت باب تزكية النفس وطهارة القلب فقط، ولا يكفي أن يكون جزءًا من ديكورات صورة المقاومة, بل هو عاملٌ مركزيٌ وحاسم في تكتيكات واستراتيجيات وبرامج ومعارك المقاومة ضد الاحتلال والحفاظ على ديمومتها.

وبذلك يكون العامل الأخلاقي أصلا تكوينيا للمقاومة وأدائها _قد يصل لحد القداسة _ لذا غير مسموح لأحد مهما كانأ أو لأي تنظيم مهما علا شأنهأ المساس بأخلاقيات المقاومة أو تعكير صفو علاقتها بالشعب. فذلك إخلالٌ بالسنة التاريخية لانتصار الشعوب. وللحفاظ على المقاومة وحماية الشعب ليكن شعار مقاومتنا: {الشعب يحتضن المقاومة والمقاومة تضحي من أجل الشعب}.

كلمات دلالية