على حدودِ غزة

بالصور صيادون ومزارعون يطاردهم الاحتلال في لقمة عيشهم

الساعة 07:10 ص|11 يناير 2017

فلسطين اليوم

تشق أشعة الشمس طريقها بين الظلام على استحياءٍ في ساعاتِ الصباح الباكرة ويشق الصياد أحمد زايد،33 عامًا طريقه اليومي نحو البحر حاملًا غزله وشِباكه مُتسعينًا بـ « حسكته » الصغيرة ليقوت رزق بيته وعياله.
زايد الذي يزاول المهنة منذ كان شِبلًا بما يزيد عن عشرين عامًا، لا يعرف من شتى الأعمال عملًا غيره فقد توارثه من أبيه وأجداده، لم يكن يعرف أن هذا اليوم الاعتيادي في غمار البحر ولفحاتِ نسماته اللاسعةِ البرودة سيكون آخر عهده بالصيد.
برًا وبحرًا
في صبيحة الـ 19 من أيلول/2016م، كان يجلس على مركبه الصغير يتجاذب أطراف الحديث مع زميله في عمقٍ لم يتجاوز الميل ونصف داخل بحر غزة وإذ بالطرّاد الإسرائيلي يتعدى الحدود البحرية _التي تسمح للصيادين بالصيد على بُعد 6 أميال_ ويباغته بطلقٍ ناري مُباشر من مسافة ثلاثة أميال دون أي تحذير.
يوضح أحمد: « اخترقت الرصاصة جنبي اليُمنى ودخلت إلى بطني وأنا فقدت الوعي مُباشرةً وقام الصيادون بنقلي لمجمع الشفاء الطبي فأقمت فيه 13 يوم وتم خلالها استئصال »الزايدة« عندي وجزء من القالون ولم يتمكن الأطباء من إزالة الرصاصة التي استقرت بين فقرات عمودي الفقري ».



صيادين
الأمر الذي أردى أحمد قعيدًا عاجزًا عن الحركة إضافة لمعاناته الالتهابات والتقرحات في المكان، وعدم تمكنه من مزاولة المهنة من جديد تارِكًا أسرته المكونة من سبعةِ أفراد في بيته المتهالك إثر سقفه « الزينكو » تستجدي يد الغوثِ والمعونة.
ليست حالةِ زايد هي الأولى من نوعها التي تتعرض لانتهاكٍ سافر من الاحتلال وليس البحر وحده مَن تنتهك حرمته فعلى النظير من الحدود البرية الجنوبية لقطاع غزة كان الشاب « وسيم العمور » _19 عامًا« يقوم برعي الأغنام بصحبةِ اخوانه الذين ما فتئوا يرعونها منذ ساعاتِ الصباح الأولى وحتى غروب الشمس.
وبينما كان يرعى أغنامه على بُعد 500 متر من الحدود الفلسطينية مع الاحتلال في يوم 18/ مارس/2016 تم اطلاق نار عليه مُباشرة مِن قِبل أحد الجنود الاحتلال؛ ما أدى لإصابته في الفخذ فتعطلت أعصاب الرجل لديه كاملة وشُلّت حركة قدمه.
يقول العمور: »نحن كبرنا على رعي الأغنام وليس لنا مهنة غيرها، لكن الاحتلال يُحاول صدنا يوميًا من خلال رشق الغازات المسيلة للدموع فيسبب الخطر علينا وعلى أغنامنا ولكن هذه المرة لم يكتفي بالغاز وقام بإطلاق النار صوبي بلا إنذار فتوقفت حركة قدمي ومن حينها لم أستطيع مواصلة رعي الأغنام مطلقًا« .
كما تطال يد البطش الإسرائيلية المزارعين الفلسطينيين الذين يمارسون عملهم بمحاذاة الحدود الفاصلة بيننا وبين الأراضي المحتلة بشكل يومي ومتواصل حيث تعرض المزارع »محمود أبو عمشة« _22 عام_ من بيت حانون الذي يعمل في أرضهم مع والده واخوانه بتاريخ 8/ أيلول/ 2016م.
يقول: »تبعد أرضنا التي نتوجه لفلاحتها يوميًا عن الحدود 300 متر فقط باتجاه شارع جكر، وكنا نزرع بشكل عادي وطبيعي جدًا ففوجئنا بتصويب الاحتلال سلاحه تجاهي مباشرةً فأُصيبت يدي بطلق ناري أدى لبتر اصبعي وتهشيم عظام الرسغ لدي فوضع الأطباء البلاتين فيها« .
انتهاك للقانون
فرض الاحتلال الاسرائيلي بشكلٍ أحادي على نحو 15% من مساحة أراضي قطاع غزة وهي مساحة غير ثابتة البُعد تتراوح من 300-1500 متر، قيدًا على الوصول في مخالفةٍ للقانون الدولي، فأصبحت حياة المدنيين العُزل مرتبطة بأهواء جنودِ الاحتلال.



ابو رمضان
وآخر الاعتداءات كانت حادثة مقتل الصياد محمد الهسي مؤخرًا وتهشيم قاربه الصغير في عمق البحر، وتشير الاحصائيات إلى ازدياد الانتهاكات »الإسرائيلية« التي يقوم بها الاحتلال تجاه المدنيين الفلسطينيين العُزل عام 2016 بشكل كبير ومتضاعف عن السنوات السابقة.
فيما تندرج هذه الانتهاكات في إطار تجاوز القانون الدولي ووثيقة جنيف الرابعة، بحسبِ مدير مركز العربي للتطور الزراعي محسن أبو رمضان: »يقوم الاحتلال باعتداءات ممنهجة ومنظمة تجاه الصيادين ومنع المزارعين من الوصول للمنطقة مقيدة الوصول إلا بمساحة محدودة ما أدى لحرمانهم من الأمن الغذائي واستهداف العديد منهم« .


وأكد الناشط الحقوقي أبو رمضان أنه من المفترض أن تكون هذه الانتهاكات واحدة من الملفات الرئيسية التي تتبناها منظمات حقوق الانسان وكذلك السلطة الفلسطينية بما يتعلق بإثارة هذا الملف في محكمة الجنايات الدولية، مشيرًا إلى أن طبيعة الاحتلال ألا يُقدم تحذيرات لقيامه بالانتهاكات ويستمر في ممارساته العدوانية؛ لعدم مسائلته من المجتمع الدولي.
بدورها أفادت م. عفاف أبو غالي القائم بأعمال إدارة الاغاثة الزراعية في قطاع غزة أنهم نفذوا جُملة مشاريع خلال 2016 باتجاه المدنيين المنتهكة حقوقهم منها مشروع انشاء وتركيب خط ناقل للمياه في منطقة شرق الشجاعية استفاد منه نحو 50 مزارع لإعادة الحياة لأراضيهم.
وعملت الاغاثة على انشاء دفيئات زراعية لعدد 31 مزارع في المناطق الحدودية بتكلفة 12 ألف دولار لكل دفيئة، كما قامت بتأهيل 212 دونم زراعي تضمنت تسييج وتمديد شبكات ريّ وزراعة خضروات وأشجار وزيتون وتوزيع أسمدة عضوية.
وقالت أبو غالي إنهم قدموا مساعدات مالية لعدد 11 أسرة هم الأكثر انتهاكًا في العام المنصرم والتي تم رصدها ضمن مشروع وتمويلها من خلال أطباء العالم فرنسا، وكذلك تشغيل 84 عامل في منطقتي الزنة والسريج التي تتعرض حتى اللحظة لعمليات رش المبيدات.
بالإضافة تدريب نحو 25 صياد من المُصابين على احتياطات الأمن والسلامة المهنية والاسعاف الأولي وتقديم مساعدات للصيادين كتزوديهم بمدخلات صيد لتساعدهم على مزاولة عملهم.



تقرير الصيادين
من ناحية أخرى أوضح م. مصطفى الفيومي من جمعية التنمية الزراعية أن حصيلة انتهاكات الاحتلال لعام 2016 لمرتادي المنطقة مقيدة الوصول بحرًا تزيد عن 1565 انتهاك مفيدًا بأنها تختلف من حوادث إطلاق نار إلى إصابات ومعتقلين اعتقلوا بطريقة تمتهن كرامتهم لأسرى لم يتم الافراج عنهم حتى اللحظة وكذلك مصادرة وتضرر قوارب الصيادين وقطع شباكهم.
وأكد الفيومي أن الانتهاكات البرية للاحتلال تجاوزت 1400 انتهاك، تتنوع من حوادث إطلاق نار عشوائية وإصابات مباشرة لمدنين ووفيات، مبينًا أن العام الماضي سجل حالة وفاة وهي »زانة العمور" _59 عامًا_ إضافة لتوغلات وتجريف أراضٍ وقصف منشآت زراعية وعمليات رش المبيدات التي تؤدي لخسائر فادحة.

 

كلمات دلالية