خبر يصرون على أن يكونوا مثلهم- معاريف

الساعة 09:24 ص|05 يناير 2017

فلسطين اليوم

بقلم: بن كسبيت

« جادي جادي إحذر، رابين يبحث عن رفيق »، هذا ما هتف به أعضاء عصابة لافاميليا امام قاعة الكريا في تل ابيب صباح أمس. المسؤولية عن هتاف القتال هذا ليست ملقية على زعران كرة القدم اولئك بل على من يندفعون على ظهورهم. مذنب من حرر النمر. فالزعامة يفترض بها أن تشق الطريق، ان ترسم الحدود، او توجه الخطى. في اسرائيل 2016، تندفع الزعامة مع التيارات الاكثر عكرة. رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو لم ينبس ببنت شفه طوال النهار كله. يحتمل أن يكون انتظر ما سيصدر على لسان ابنه، الذي لم يلاحظ بعد الميل السائد في الشبكات الاجتماعية.

فقط في الثامنة الا خمس دقائق مساء، قبيل نشرات الاخبار، تفضل برفع بوست الى الفيس بوك والاعراب عن تأييد لمنح العفو لاليئور أزاريا. آه، نعم، وكذا « يدعو الى ابداء المسؤولية تجاه الجيش الاسرائيلي، قادته ورئيس الاركان ».

رئيس وزراء لا يقف على الفور، بصوت واضح وعال، الى جانب رئيس اركان الجيش الاسرائيلي، الى جانب قيادة الجيش الاسرائيلي، الى جانب هيئة من ثلاثة قضاة في المحكمة العسكرية، هو رئيس وزراء غير جدير بتولي منصبه لحظة واحدة أخرى.

ليس فيّ شماتة على اليئور أزاريا. فلا قلبا لا يتفطر على مشهد حالة الجندي ذي الوجه الصبياني والابتسامة الخجلة. في القصة التي أمامنا أزاريا هو الضحية المأساوي. فلولم يحاط بمحامين طامعين بالنشر وسياسيين فارغين وطامعين بالابهة، لكان يمكن لازاريا أن يخرج بسلام نسبي من الوضع الذي علق فيه.

 

          كان يحتاج ببساطة لان يقول الحقيقة: لا اعرف ما حصل لي، فقدت السيطرة، رأيت رفيقي يطعن، صعد الدم الى رأسي، علقت في وضعية لم انجح في السيطرة عليها، وانتهى. ما كنا لننجر الى رقصة الشياطين منفلتة العقال التي جررنا اليها، ما كنا سنكتشف ما اكتشفناه، وازاريا كان سيحصل على سنة سجن فعلي، يقضي نصفها ويذهب الى البيت.

 

          ولكن ازاريا فقد السيطرة على مصيره، احيط بالانتهازيين والمنافقين ممن آمنوا بان بوسعهم أن يثنوا ما حصل هناك، ومن الجهة الاخرى ارتكبت ايضا بضعة اخطاء في السلوك العسكري (وان لم تكن جوهرية). في السطر الاخير، كلنا خسرنا.

 

          واحد من اولئك الذين رقصوا أمس على الدم وزايدوا علينا أخلاقيا هو النائب احمد طيبي. وواحدة من اولئك الذين اجابوه كانت عنات باركو من الليكود. هذا ما غردته، ردا على احدى تغريدات الطيبي: « خلافا للمجتمع الاسرائيلي، فان المجتمع الفلسطيني هو مجتمع حكمه الاخلاقي مشوه وبشكل عام يقوم على اساس فكرة الاسود والابيض. النائب الطيبي هو آخر من يزايد علينا اخلاقيا ».

 

          هذه فرصة نادرة للتماثل مع ما قالته النائبة باركو. بالفعل، في المجتمع الفلسطيني توجد أساسات اجرامية كثيرة جدا، وهو يغرق بالدم ويقدس القتلة. كم نحن نخرج عن اطوارنا حين يسمون شوارع وميادين على اسماء « شهداء ». كم نحن نغتاظ حين يدفعون الرواتب للسجناء – القتلة في السجن الاسرائيلي.

 

          إذن لماذا، يا رب العالمين، نحن نصر على أن نكون مثلهم؟ فجعل اليئور أزاريا بطلا، هو فلسطنة المجتمع الاسرائيلي. هذا بالضبط ما يفعله اعداؤنا، بلا تمييز، بخلاف القيم والقواعد الاخلاقية الكونية. هذا خط الفصل الذي يفصل بيننا وبينهم.

 

          ان حقيقة أن في دولة اسرائيل وفي الجيش الاسرائيلي لا تطلق النار للقتل على من القي على الارض ولا يشكل تهديدا، هي تفوقنا الاكبر عليهم.

 

          هذه الحقيقة تلقت أمس تأكيدا متجددا بالاجماع في المحكمة العسكرية، ولكنها سحقت وجرفت في تيار عكر من جمهور محرض، عطش للدماء، يكره العرب كراهية موت ولكنه يسعى الى الاقتداء بقيمهم وبسلوكهم. هذا، وليس العرب أنفسهم، هو التهديد الاكبر على الوجود، التفوق النوعي والاخلاقية للدولة اليهودية. في هذا المجال كان لنا حتى وقت اخير مضى فوق حاسم على اعدائنا. يبدو أن ليس بعد اليوم.

كلمات دلالية