شهد العام 2016 تصعيداً غير مسبوق من قبل الاحتلال و مستوطنيه في القدس و المسجد الأقصى، و استهدف أيضاً المواطنين المقدسيين في كافة مناحي حياتهم.
و بدءاً بسرقة و مصادرة الأراضي، و مروراً بتهويد وتغيير معالم المدينة المقدسة، و ليس انتهاءً بالاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى و استمرار الحفريات اسفله و في محيطه، واصلت قوات الاحتلال استهداف المواطنين المقدسيين من خلال الاعتداءات و الاعتقالات، والابعاد و هدم منازلهم، في ظل صمت دولي و اسلامي و عربي لما يجري هناك.
« وكالة فلسطين اليوم الاخبارية » أعدت في هذا التقرير حصاداً للأحداث التي شهدتها مدينة القدس المحتلة، و المسجد الأقصى، وكان على النحو التالي:
تكثيف الاقتحامات للأقصى
حيث كثف قطعان المستوطنين اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، بحماية من قوات الاحتلال التي كانت تساعدهم في تدنيس المسجد الأقصى، و القيام بطقوس « تلمودية » في باحاته، حيث شهد العام 2016 نحو 16 ألف اقتحام و تدنيس للمسجد، تزامن مع ابعاد المرابطين و المرابطات عنه، بل اعتقالهم و فرض غرامات مالية على بعضهم، في مسعى لفرض واقع جديد على الأرض من خلال التقسيم الزماني و المكاني للمسجد الأقصى.
هدم المنازل و المنشآت
حيث شهد العام 2016 هجمة شرسة من قبل الاحتلال، استهدفت منازل المواطنين المقدسيين،دفعتهم في أحيان كثيرة لهدمها بأيديهم، بحجة عدم وجود تراخيص بناء، و في حين تعطي المزيد من تراخيص البناء للمستوطنين، ترفض إعطاء المواطنين الفلسطينيين من الحصول على تراخيص للبناء، حيث هدمت جرافات الاحتلال ما يزيد عن 300 منزل و منشأة فلسطينية هناك، و لا سيما تجريف مساحات واسعة من مقابر اسلامية هناك، كــ « مقبرة مأمن الله »،و « مقبرة باب الرحمة ».
استمرار الحفريات
و قد واصل الاحتلال حفرياته أسفل المسجد الأقصى، حيث تسببت الحفريات في انهيارات في أماكن متعددة،أصبحت تهدد قواعد المسجد، فقد أعلن الاحتلال مؤخراً افتتاح نفق طويل بطول 780 متراً، و بعرض مترين اسفل الأقصى، كما تم الاعلان عن الانتهاء من بناء السور الأول من مشروع « شتراوس » غرب المسجد الأقصى، و يتكونمن 4 طوابق يعلوهاقبة ذهبية تغطي مسجد الصخرة المشرفة،و المسجد القبلي.
الاستيطان
تصاعدت عمليات البناء و التوسيع للمستوطنات الاسرائيلية في المدينة المقدسة خلال العام 2016، عبر وسائل متعددة، و في وتيرة متسارعة، و ذلك وفقاً لسياسات تتبعها حكومة الاحتلال لتهديد القدس و البلدة القديمة.
وبشأن الاستيطان فأظهر تقرير صدر اليوم انه تم الاعلان خلال 2016 من مخططات وعطاءات ومنح تراخيص لنحو 27335 وحدة استيطانية جديدة في مراحل البناء والتخطيط والمصادقة، وخصص لها مئات ملايين الشواقل من اجل اخراجها الى حيز التنفيذ، منها 19 ألف في مدينة القدس، كما تمت المصادقة على بناء 4416 وحدة في مستوطنة « موديعين » غرب من رام الله، وعن مخطط هيكلي جديد لمستوطنة « مخماش مزراح »، يهدف لتحويل مستوطنات « معاليه مخماش »، و« ريمونيم »، و« بساجوت » و« كوخاف يئير » إلى « ضاحية سكنية كبيرة »، وبناء 2500 وحدة سكنية جديدة، إضافة إلى 98 وحدة سكنية جديدة ستستخدم لإسكان مستوطني بؤرة « عمونا » الاستيطانية التي بنيت على ارض فلسطينية والمقرر اخلاؤها، والاعلان عن مئات الوحدات الاستيطانية في مستوطنات بيت لحم والخليل وسلفيت ونابلس.
وطرأ على وتيرة البناء الاستيطاني عام 2016ارتفاعاً حاداً بنسبة بلغت 57% عن العام الماضي اغلبها في مدينة القدس، وان الحكومة الاسرائيلية عملت على اقرار قانون تسوية الاراضي أو ما يسمى قانون « تبييض المستوطنات » لشرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.
قانون « المؤذن »
حيث تتويجاً لمحاولات قديمة، صادقت ما تُسمى « اللجنة الوزارية للتشريع » في حكومة الاحتلال، على مشروع قانون « منع الأذان » في المساجد الإسلامية، مع تأييد من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لمشروع القانون.
ويحظر المشروع -وهو عبارة عن تعديل للمشروع الذي قدمه « حزب البيت اليهودي » قبل سنوات- رفع الأذان بواسطة مكبرات الصوت في نحو 500 مسجد وخاصة في ساعات الليل والفجر، وذلك بذريعة « إزعاج مئات الآلاف من اليهود والحفاظ على جودة البيئة ».
وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 أقرت اللجنة الوزارية الخاصة بالتشريعات مشروع قانون يمنع رفع الأذان عبر مكبرات الصوت في مساجد القدس والمناطق القريبة من المستوطنات وداخل أراضي فلسطين عام 1948، وذلك تمهيدا لعرضه على الكنيست لمناقشته والمصادقة عليه في ثلاث قراءات حتى يصبح قانونا واجب النفاذ.
و تعقيباً على التصعيد الصهيوني الممنهج في المدينة المقدسة و محيطها تحدثت مراسلة « وكالة فلسطين اليوم الاخبارية » الى د. أحمد أبو حلبية رئيس لجنة القدس بالمجلس التشريعي، الذي بدوره أشار الى أن العام 2016 منذ بدايته كان حافلاً بالاعتداءات الصهيونية التي استهدفت كل شيء في القدس، وخصوصاً المسجد الأقصى.
و أوضح بأن الاحتلال من خلال ممارساته وحفرياته المستمرة يسعى لتهويد المدينة المقدسة جغرافيًا بمساحة 600 كليو متر مربع، وطمس المعالم والآثار الإسلامية والمسيحية، وتغيير الهوية العربية والاسلامية، واستحداث هوية يهودية في القدس.
وبيَّن أن العام 2016 شهد تكثيف الاحتلال لمشاريع الاستيطان داخل القدس، من أجل تقسيم المنطقة لصالح نفوذها ومصالحها الشخصية, مشيرًا الى أن حكومة الاحتلال ضربت القرارات الدولية كافة بعرض الحائط, دون أي اعتبار لأحد.
و دعا أبو حلبية السلطة الفلسطينية الى استثمار القرارات الدولية التي اتُخذت خلال هذا العام، لصالح القدس و المسجد الأقصى، و استغلالها دولياً لملاحقة الاحتلال و مجرمي الحرب في حكومته.
و أشار الى أن « اليونسكو » كانت اتخذت قراراً أعلنت فيه أن لا علاقة لليهود في المسجد الأقصى ، كما تبنى مجلس الأمن قراراً يدين الاستيطان،لافتاً الى أن هذه القرارت يجب أن يتم استثمارها لملاحقة الاحتلال في المحافل الدولية، لإلزامه بوقف اعتداءاته في مدينة القدس و المسجد الأقصى.
و عن الموقف العربي و الاسلامي، أكد أبو حلبية بأن الوضع الذي وصلت اليه دول المنطقة ساعد الاحتلال في توسيع هجمته على المدينة المقدسة، لافتاً الى أن انشغال الأنظمة و الشعوب العربية و الاسلامية في المنطقة في واقعهم المرير،جعلهم بعيدين عن التفكير في قضايا الأمة، و خصوصاً قضية فلسطين، مشيراً الى أن ما يجري في المنطقة من صراعات سببه الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.
بدوره أوضح عميد الأسرى المقدسيين، المحرر فؤاد الرازم أن المدينة المقدسة شهدت خلال عام 2016 كارثة حقيقية و تصعيداً غير مسبوق من قبل الاحتلال، بسبب الاقتحامات و الاعتقالات، و سياسة هدم المنازل و المنشآت.. الخ.
و أكد الرازم في حديث لــ « وكالة فلسطين اليوم الاخبارية » بأن هذا العدوان ما كان ليحدث لولا التخلي العربي و الاسلامي عن القضية المركزية للأمة، و التي تعتبر القدس جزء من عقيدتها الاسلامية.
و نوه الى أنه اذا استمر الصمت تجاه ما يجري في القدس، سيزيد الاحتلال من مخططاته التهويدية للمدينة، مضيفاً: « ليعلم كل عربي و مسلم أن ما يجري في القدس يمس عقيدة كل واحد منا، و اذا لم نتحرك لانقاذها سنصحو يوماً لا نجد فيها شيئاً من تراث و حجارة و مقدسات، بل سيتم ترحيل اهلها، و التي بدأت فعلياً عملية تهجيرهم بعد تهجير 81 عائلة في سلوان و الاستيلاء على منازلهم، بحجة أنها ملك ليهود يمنيين منذ ما قبل عام 48 ».
كما دعا الكل العربي و الاسلامي للوقوف عند مسؤولياته، و استثمار قرارات اليونسكو و مجلس الأمن لملاحقة الاحتلال الخارج عن القانون الدولي، و الذي يعتبر الفلسطينيين في المرتبة العاشرة من المواطنة سواءً في مناطق 48 أو القدس.
وطالب الفلسطينيين بأن يوحدوا صفوفهم، و أن يضعوا استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة الاحتلال من الناحية الدولية في كافة المؤسسات.
و أشار الى أن المطلوب أولاً إنهاء الانقسام الفلسطيني، و ايجاد استراتيجية موحدة، تكون المقاومة بكل أشكالها بما فيها المسلحة أساساً لها، لمواجهة العدوان الصهيوني المتزايد، حيث أن الاحتلال لا يفهم الا لغة القوة و النار.