بقلم: عوزي برعام
لقد استشاط الرئيس براك اوباما غضبا مرة تلو الاخرى، وحذر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من الاستمرار في توسيع البناء في المستوطنات وحثه على العمل من اجل استئناف العملية السياسية. ولكن كل ذلك دون فائدة.
اوباما يعتبر أن نتنياهو هو زعيم غير مسؤول وغير مصداق. وأنه كسب باستقامة تحفظ المجتمع الدولي من حكومته. ولكن ما الذي يحرك نتنياهو؟ وما الذي يريد تحقيقه؟.
إن هناك من يعتقدون أن نتنياهو يتبع سياسة مخطط لها، وأن هدفه هو القضاء على طموح الفلسطينيين في اقامة دولة، وليس السعي الى ايجاد حل سياسي. وبالنسبة لي، رأيي مختلف تماما: تطرف الليكود لم يبدأ بسبب مواقف نتنياهو، بل بسبب ضعفه. فهو ينجر، ليس بسبب ضغط اصدقائه في الليكود. لأنهم هم واييلت شكيد ايضا لا يعملون باستقلالية، بل تحركهم جهات ايديولوجية، وتحت تأثير هذه الجهات فان نتنياهو ينجر نحو الهاوية. وقد توقع العاصفة وحذر اعضاء الحكومة من ذلك بصوت واضح. ولكن في نهاية المطاف وبناء على حسابات باردة، فضل التصادم مع اوباما وليس مع الحاخام دوف ليئور.
إن نتنياهو هو القائد القومي رسميا. ولكن في المقابل هو لا يحدد الاتجاه وحجم الميل نحو اليمين. ولا زئيف الكين أو ياريف لفين أو اييلت شكيد أو اوري اريئيل وبتسلئيل سموتريتش ايضا. فالاتجاه السياسي الذي يوجهه المعسكر الايديولوجي يضعه حاخامات « يشع » - دوف ليئور واليعيزر ربينوفيتش وشلومو افينري وآخرين. هؤلاء هم من يحددون السياسة الحقيقية ويؤثرون من وراء الكواليس، وأحيانا بشكل علني، ومواقفهم السياسية واضحة ومنهجية وحاسمة.
إن هؤلاء الحاخامات غير منغلقين أمام ما يحدث في العالم، لكنهم يؤمنون بنظرية المراحل. وحسب الوعد الالهي فان ارض اسرائيل جميعها تابعة لشعب اسرائيل. وقد حان الآن وقت المرحلة التي يمكن فيها تحقيق هذا الوعد. إن ضم جميع المناطق هو عمل « يهودي » وليس عمل « ديمقراطي ». والعرب الذين يرغبون يمكنهم البقاء تحت سيادة اسرائيل، لكن بدون أي حق في التأثير على سياستها. الحاخامات لا يخشون من مصطلح « دولة الابرتهايد »، أن نظام الابرتهايد يصبح قزما في نظرهم مقابل الحاجة الى فرض السيادة الاسرائيلية على كل البلاد. والحديث يدور عن انبعاث من شأنه أن يعيد اقامة الهيكل من جديد. هذه هي المرحلة النهائية في نظرية المراحل التي يسعون اليها.
هناك عشرات آلاف الاشخاص الذين يؤمنون بالاحكام السياسية والدينية لهذه الجماعة الخطيرة. وحتى اليمين العلماني هو عبد لموقف « الوعد الالهي ». وماذا عن المستوطنين؟ اغلبيتهم الساحقة هي قطيع الليئوريين والافينريين. فقد اختاروا أن يكونوا نشطاء فاعلين في الليكود. ويجب الاعتراف بأن هذا الخيار قد أثبت نجاعته. وهناك اعضاء كنيست من الليكود يرقصون على أنغام المزمار الحاخامي.
وعن الطريقة المتوقعة لرد السياسيين من اليمين على قرار مجلس الامن، يمكن القول بأنهم هم أنفسهم لا يؤمنون بالاقوال التي تخرج من افواههم. وكان واضحا أن سموتريتش سيقول إن الرد اليهودي الوحيد على القرار هو فرض السيادة على كل المناطق. وأن يتحدث بينيت وشكيد عن « الضم الممكن ». إنهم يرددون أوامر الحاخامات.
اعضاء الكنيست من الليكود لم يستوعبوا بعد حقيقة أنهم شركاء مع الحاخامات الذين يطمحون الى تغيير شكل الدولة التي قامت ببنائها الحركة الصهيونية، بمشاركة الجناح اليميني.
يمكن أن يكون غضب اوباما يرتبط ايضا بحقيقة أنه الآن فقط، في نهاية ولايته، فهم أخيرا حقيقة أن من يضعون السياسة الاسرائيلية في المناطق لا يجلسون في مباني الحكومة، بل في الخليل وبيت إيل.