خبر ثمانية أعوام على فراقه.. الشهيد جهاد نواهضة لا زال ينبض بالحياة

الساعة 08:34 م|23 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

الشهيد جهاد نواهضة، عاش بين خيارين، إما زوجة تعيش في كنفه وتنجب له أطفالا يحملون اسمه واسم فلسطين، وإما جنات ونهر عند مليك مقتدر، فاختار الثانية بعد أن جد واجتهد وقدم روحه رخيصة في سبيل هذا الخيار.

الميلاد و النشأة

في 20/4/1988 وعلى أسِرة مستشفى الشهيد خليل سليمان الحكومي، ولد جهاد أحمد أمين نواهضة، وترعرع في بلدة اليامون غرب جنين. أنهى دراسة الصف الحادي عشر وخرج من المدرسة لينطلق للعمل لمساعدة أهله في كسب لقمة العيش، في أسرة تتكون من 5 أخوة و5 أخوات إلى جانب والديه.

صفاته وأخلاقه:

تقول والدته أم عماد وهي تتذكر صفات فلذة كبدها إن « الابتسامة لم تكن تفارق محياه، كثير المزاح، يحب الناس، عشق إخوانه وأقاربه، كان ملتزماً بصلاة الجماعة، وقارئا لكتاب الله، وكان صديقا قريبا من الشهيد فواز فريحات ».

أما شقيقه مراد فلا ينسى عندما كان مرافقا له في مطاردته عندما كان يخاف عليه أكثر من خوفه على نفسه، ليقول: كان جهاد مقداما مستعدا أن يضحي بنفسه مقابل أن يحمي من معه، جهاد كان وفيا لمن يصدقه، بسيطا وشجاعا في نفس الوقت، لديه إصرار على تحقيق هدفه« .

مشواره الجهادي

في أواخر العام 2007 و إلى جانب شقيقه الذي كان معتقلا لدى الاحتلال، بدأ الشهيد جهاد نواهضة مشواره الجهادي عندما كان يشارك في تشييع من سبقوه بالفوز بالشهادة، كالشهيد فواز فريحات وبلال كميل وغيرهم.

بعد شهر من بدء مشواره، استدعاه جهاز المخابرات الفلسطينية للمقابلة ليُحتجز مدة خمسة أشهر بتهمة حيازة السلاح ومساعدة مطلوبين من سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وبعد الإفراج عنه من سجون المخابرات، بعدة أيام اعتقله جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية لأن الاحتلال هدد باغتياله.

في سجن الاستخبارات العسكرية الفلسطينية كان على موعد مع عدد من مجاهدي سرايا القدس ومن ثم أفرج عنه بعد ضغوط أسرية وتدخل شخصيات كبيرة بعد أن أمضى في السجن40 يوما ».

موعد مع الشهادة

تحبس الأم دموعها وهي تتذكر تلك الليلة المؤلمة وتقول: ليلة 15/12/2008 تناول العشاء، واستحم، وتعطر، وكأنه ذاهب إلى مهمة رسمية، و خرج بسرعة البرق تحت زخات المطر، وذلك بعد أن تلقى مكالمة هاتفية مفادها « تعال في موضوع ضروري أنتظرك بمركز الانترنت ».

وتتابع: بعد خروجه بنصف ساعة كانت عيني تغفو، أيقظتني ابنتي وأخبرتني أن جهاد أصيب واعتقلته القوات الخاصة الإسرائيلية؛ فتوجهت إلى المكان الذي أصيب فيه عند باب بلدية اليامون  ولم أجد إلا خيطا من الدم كان قد سال منه بعد اعتقاله وإصابته.

وأردفت بالقول: بعد ساعة جاء الخبر بأن روح جهاد ارتقت إلى جوار ربها، بعدما اغتالته القوات الخاصة الإسرائيلية بعد إصابته واعتقاله« .

يشار إلى أن السيارة التي استقلتها القوات الخاصة الإسرائيلية لاغتيال الشهيد نواهضة كانت من نوع مرسيدس 412 مرت كسرعة البرق من أمام المنزل بعد انسحابها، ولم تكن تعلم الأم أن ابنها جهاد مر ليودعها ويلقي النظرة الأخيرة على منزل عائلته.

أما شقيقة الشهيد جهاد فروت لنا حال أمها حين تلقت نبأ استشهاده: فقدت وعيها ولم تع ما تقول، وبدأت تصرخ » جهاد ما مات أحضروا لي جهاد، جهاد ما مات جهاد ما مات« .

وتضيف شقيقته: حتى اليوم رأيته يفتح لي باب منزل جميل وكأنه قصر، وطلب مني الدخول إليه، وعند دخولي وجدت شخصا عنده وقال لي: احكي ما في قلبك، ومن ثم استيقظت ».

أما رفيق دربه و شقيقه مراد فيروي لنا لحظة تلقيه الخبر داخل السجن: كنت معتقلا في سجن مجدو واستدعاني قائد المنطقة في الجيش الإسرائيلي للتحقيق وقال لي: جهاد قتلناه، فسألته ما سبب تصفيته؟ فقال جئنا لاعتقاله فحاول الهرب وقمنا بإطلاق النار عليه، فأجبته بأنكم حين ترسلون وحدات مستعربين ترسلونهم للقتل وليس للاعتقال« .

وتختم والدته حديثها بالقول: بين لحظة وأخرى تأتي صورته أمامي، أتذكر حركاته ومزاحه الذي كان يملأ المنزل، وصوت ضحكاته.. أسأل الله أن يجمعني به في الفردوس الأعلى إن شاء الله ».

هكذا ارتقى  الشهيد جهاد إلى جوار ربه ليلتقي برفاق دربه الشهداء بلال كميل الطيرجي وفواز فريحات وغيرهم من قادة وجنود سرايا القدس« .

يشار إلى أن شقيقه مراد أمضى ما مجموعه خمسة سنوات في سجون الاحتلال، وشقيقه كفاح حكم عليه 28 عاما بعد اعتقاله وهو في طريقه لتنفيذ عملية استشهادية لسرايا القدس، وأفرج عنه في صفقة وفاء الأحرار وأبعد إلى قطاع غزة وتزوج ورزقه الله بطفل سمّاه »جهاد" تيمنا باسم شقيقه الشهيد.

كلمات دلالية