دعا التشريعي للانعقاد فوراً لاستراد صلاحياته المعطلة

خبر مركز حقوقي يرفض التستر خلف « القانون » لقمع الخصوم السياسيين

الساعة 11:56 ص|21 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

حذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من تبعات تغول السلطة التنفيذية على أعضاء المجلس التشريعي، مؤكداً أن المحاسبة الانتقائية ظلم شامل، وإن محاربة الفساد إن وجد أساس لها، يجب أن لا تنصب على التيارات المعارضة دون غيرها.

وكرر المركز في بيان له تحفظه على قرار المحكمة الدستورية القاضي بإعطاء الرئيس منفرداً صلاحية رفع الحصانة عن نواب المجلس، لما تعنيه من تقويض استقلالية وحرية أعضاء المجلس التشريعي، المعطل أصلا منذ الانقسام الفلسطيني.

ووفق متابعة المركز فق أكد المستشار القانوني للرئيس الفلسطيني، السيد حسن العوري، بتاريخ 12 ديسمبر 2016 عن إصدار قرار من قبل الرئيس الفلسطيني برفع الحصانة عن 5 نواب من كتلة فتح البرلمانية، وهم: محمد دحلان، شامي الشامي، نجاة أبو بكر، ناصر جمعة، وجمال الطيراوي. وتأتي هذه الخطوة بعد الرأي الاستشاري للمحكمة الدستورية بتاريخ 6 نوفمبر 2016، والذي أقرت فيه بحق الرئيس الفلسطيني إصدار قرار بقانون برفع الحصانة عن نواب المجلس التشريعي استناداً إلى صلاحياته بموجب المادة 43 من القانون الاساسي الفلسطيني.

وكانت محكمة جرائم الفساد الفلسطينية قد أصدرت حكماً غيابياً، بتاريخ 14 ديسمبر 2016، على النائب محمد دحلان بالحبس لمدة ثلاث سنوات، وإعادة 16 مليون دولار إلى خزينة السلطة، حيث أدانته المحكمة باختلاس تلك الأموال إبان توليه منصب منسق الشؤون الأمنية للرئاسة الفلسطينية.

يشار إلى أن النائب محمد دحلان من أبرز الخصوم السياسيين للرئيس الفلسطيني، وأن محكمة الفساد رفضت الدعوة المقدمة ضده في أبريل 2015 لتمتعه بالحصانة التشريعية، وقالت حينها إن رفع الحصانة ضده لا يكون إلا من قبل المجلس التشريعي.

وبعد صدور الرأي الاستشاري للمحكمة الدستورية، استؤنف الحكم وباشرت المحكمة القضية وأصدرت حكمها.

وقد تابع المركز بقلق تطور الأمور منذ البداية، حيث عمل الرئيس الفلسطيني في العام الأخير على تعزيز سلطاته بشكل واسع، من خلال السيطرة على السلطة القضائية، والتفرد بتشكيل المحكمة الدستورية، بعد السيطرة على مجلس القضاء الأعلى، حيث كشفت حادثة الاطاحة برئيس المجلس الأعلى السابق سامي صرصور، والذي وقع كتاب استقالته قبل توليه منصبه كرئيس لمجلس القضاء الأعلى، أن المجلس ليس جهة مستقلة عن الرئيس، حيث يملك الرئيس عزل رئيس المجلس في أي وقت بمجرد إبراز كتاب الاستقالة الموقع سلفاً.

وقد جاءت الخطوة الثانية، والتي أصدرت المحكمة الدستورية رأياً استشارياً يؤكد صلاحية الرئيس في رفع الحصانة عن النواب، بعد أن كان الرئيس قد أصدر قراراً برفع الحصانة عن النائب محمد دحلان، وبذلك أصبحت الطريق ممهدة لرفع الحصانة عن أي نائب آخر لا يلتزم بالخط السياسي للرئيس الفلسطيني، وهذا ملاحظ من هوية النواب الخمسة الذين رفعت عنهم الحصانة.

وهذا التتابع في الاحداث يطرح تساؤلاً وتخوفاً حول وهم وجود ثلاث سلطات في السلطة الفلسطينية، طالما أكد الرئيس على احترام الفصل بينهم.

وأوضح المركز الحقوقي أن هذا الوضع المخل ينذر بتغول أكبر من قبل السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى بل وعلى حقوق وحريات المواطنين، بعد تكبيل كل رقيب أو حسيب.

وقال المركز:" إن صدور قرار استشاري من الحكمة الدستورية بصلاحية الرئيس في رفع الحصانة البرلمانية، يطرح الكثير من التساؤلات حول استقلالية المحكمة، وخاصة إن عرفنا أن قرار المحكمة يخالف بشكل واضح المادة (53) من القانون الأساسي الفلسطيني، والمادتان (95، 96) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي، والتي أكدت على عدم جواز رفع الحصانة أو التنازل عنها إلا بموافقة المجلس فقط، وفق إجراءات قانونية محددة.

وأوضح المركز أنه كان سيرحب برفع الحصانة عن النواب وتقديمهم للعدالة لو كان هذا الأمر خطوة على طريق الاصلاح في السلطة الفلسطينية والتي تعاني من فساد إداري ومالي مستشري، ولو تمت وفق الأصول القانونية وفي ظل قضاء مستقل.

ولكن في ظل الانتقائية التي تفتح بها ملفات الفساد والمخالفات القانونية، يؤكد المركز أن العدالة الانتقائية ظلم شامل، لأنها لا تهدف إلى تعزيز المحاسبة والشفافية بل لترهيب الخصوم السياسيين، ولترهيب كل من تسول له نفسه انتقاد الرئيس الفلسطيني أو مسلك السلطة.

وتساءل المركز كيف يمكن أن ترفع الحصانة عن النائبة ابو بكر، والتي تلقت استدعاء للمثول أمام النيابة يوم أمس الثلاثاء، لمجرد أنها وجهت تهم بالفساد إلى أحد الوزراء، حتى دون تحديد الاسم. أليس هذا هو واجب المجلس التشريعي وأعضائه في الرقابة؟ يؤكد المركز أن أحد اسباب منح الحصانة لأعضاء المجلس هو تمكينهم من توجيه الاتهامات للوزراء والتحقيق ومعهم.  ولا يعقل أن يتم رفع الحصانة ومحاسبة نائب لأنها وجهت اتهام لوزير.

كما إن كثير من التساؤلات تحوم حول مصداقية الاتهامات الأخرى التي وجهت للنواب الآخرين، وخاصة في ظل التدخلات الجمة من قبل السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية، وفضيحة الاطاحة برئيس مجلس القضاء الأعلى، المستشار صرصور.

والتساؤل الأهم هل من قبيل الصدفة أن يكون كل النواب الذين تم رفع الحصانة عنهم لارتكاب مخالفات قانونية من التيار المخالف للرئيس الفلسطيني في حركة فتح؟

وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن ما تقوم به السلطة التنفيذية من استخدام للسلطة القضائية للنيل من أعضاء المجلس التشريعي، هو وصفة انتحار للنظام السياسي الفلسطيني، تعصف بمصداقية كل السلطات.

وحذر المركز من أن تساهم هذه الأحداث في تفاقم تدهور الوضع الأمني المتدهور أصلا في الضفة الغربية.

وطالب المركز الرئيس عباس بوقف تغول السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية.

وناشد جميع الأطراف الفاعلة المحلية والدولية بالضغط على الرئيس الفلسطيني للرجوع عن الإجراءات التعسفية بحق نواب المجلس التشريعي وإطلاق الحريات.

وأكد المركز على ترحيبه بمحاسبة الجميع بمن فيهم نواب المجلس التشريعي على أية مخالفة قانونية، سيما الفساد وسرقة المال العام. ولكن، يجب أن تكون المحاسبة شاملة ومتبادلة، لا انتقائية أو موجهه لسلطة دون أخرى، وأن تكون أمام قضاء مستقل. موضحاً أن هذا لن يتحقق إلا بعد إصلاح قضائي شامل وإعادة الاعتبار للمجلس التشريعي، والذي يفترض وجود إرادة سياسية للإصلاح وإنهاء الانقسام.

ودعا المركز المجلس التشريعي للانعقاد فوراً، واسترداد صلاحياته المعطلة منذ الانقسام الفلسطيني، لمواجهة تغول السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، كخطوة ضرورية لعقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المستحقة منذ العام 2010 بصورة نزيهة.

كلمات دلالية