قائمة الموقع

خبر حنين للرقيب -هآرتس

2016-12-19T11:38:34+02:00
فلسطين اليوم

 

حنين للرقيب -هآرتس

بقلم: سيفي هندلر

 (المضمون: حول قضية الفنانة من بتسلئيل كان يمكن اللجوء الى أي حل باستثناء حل التحقيق الجنائي وتدخل الشرطة - المصدر).

 

حرية التعبير في مجال الفن في اسرائيل تتعرض لهجوم مباشر في السنوات الاخيرة. وهناك أوجه كثيرة ومتعددة لذلك، لكن الخلاصة المطلوبة هي أن حقل الفن في اسرائيل يتعرض لعملية اخضاع للنظام. ومن الواضح ايضا أن هذا الهجوم على الرسامين والكتاب والمغنين والممثلين لن يتلاشى قريبا، بل سيزداد. قضية « الصورة في بتسلئيل » هي فصل آخر أكثر دقة في هذا الهجوم، الذي لن ينتهي بشكل جيد في المدى المنظور.

 

يمكن الاعتقاد أن ما قامت به الطالبة في بتسلئيل كان ناجحا، كما يمكن الاعتقاد أنها قد اخطأت الهدف. ويمكن انتقاد استخدام الحبر بشكل غير دقيق. ويمكن الاعتقاد ايضا أن ذلك أثار التفكير والنقاش. بين كل ذلك وبين التحقيق الجنائي تحت التحذير للطالبة، واستدعاء معلميها في الاكاديمية الى الشرطة، هناك فجوة عميقة. اذا تجاوز أحد ما حدود العقلانية في القضية فهي سلطات القانون التي وافقت بشكل سريع على التحقيق تحت التحذير في قضية هناك طرق كثيرة لمواجهتها: محادثة بين الطلاب والمعلمين وحتى النقاش الجماهيري حول الصورة والتحريض السياسي. إن كل حل تقريبا كان أجدر من الحل الجنائي الفوري الذي تم اتخاذه ضد العمل الفني ومن قامت به.

 

إن ما فعله الرسام والمحاضر لاري افرامسون كان جيدا، فقد ذكر بالتحقيق مع باولو فرونزا في فنيسيا قبل أكثر من 400 سنة. وفرونزا هو من الفنانين المشهورين في فينيسيا في القرن السادس عشر، الذي قام بتصوير « العشاء الاخير » من اجل الكهنة الدومنيكان، حيث كانت الصورة راقية جدا الى درجة أن الرقابة الكاثوليكية قامت باستدعائه في تموز 1573 للمثول أمامهم.

 

في قراءة متجددة لذلك التحقيق يصعب عدم الحنين الى الرقابة التي كانت تسيطر على الفن والابداع. « من هم بالفعل الاشخاص الذين تعتقد أنهم كانوا في العشاء الاخير؟ » سئل فرونزا وأجاب: « اعتقد أنه كان هناك فقط يسوع ورسله، لكن حين بقي مكان في الصورة قمت بوضع شخصيات قمت باختلاقها ». وقد صعب عليه المحققون ودخلوا في التفاصيل الدقيقة لهذه الشخصيات التي تنكش أسنانها بالشوكة. وطلبوا أن يفهموا: « عندما تضيف شخصيات كهذه الى

 

لوحتك فهل تحاول ملاءمتها مع موضوع معين... أم أنك ترسم ما يخطر ببالك دون أي محاكمة أو تقدير؟ ». وأجاب فرونزا: « لقد طلبوا مني تزيين الصورة كما أراه مناسبا. وهذه صورة كبيرة جدا يمكنها استيعاب الكثير من الشخصيات ».

 

وأضاف فرونزا كلمات تفسير بقيت منقوشة في مجال الفن: « نحن الرسامون نتحمل مسؤولية حرية الابداع مثل الشعراء أو المجانين ».

 

وفي نهاية التحقيق أمر المحققون باحداث تعديل على اللوحة. والتعديل الوحيد الذي قام به فرونزا هو تغيير الاسم من « العشاء الاخير » الى « العشاء في بيت لويس »، الذي هو عشاء فاخر أكثر، يصف العهد الجديد.

 

الآن ليس فقط ابداع فرونزا هو الذي يزين متحف الاكاديمية في فنيسيا، بل هناك ايضا بروتوكول التحقيق الذي يثبت نفسه كوثيقة تتحدث عن حرية الابداع للرسامين والشعراء والمجانين ايضا.

 

واذا فُرض علينا العيش في الحقبة القريبة من الرقابة على الفنون، فنحن سنطلب شيئا واحدا غير متواضع وهو: ليكن رجال الرقابة مثقفون مثل الذين كانوا في فنيسيا، اولئك الذين ينظرون الى الابداع الفني ويقرأون عنه قبل الدخول الى غرفة التحقيق.

اخبار ذات صلة