خبر أن تكون فلسطينيا في لبنان!"

الساعة 12:04 م|16 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وضعاً بائساً؛ فعلى الرغم من إقامتهم في هذا البلد العربي لفترة طويلة بدأت منذ النكبة عام 1948، إلا أنه يجري معاملتهم كأجانب؛ ما يعني أنهم محرمون من حق التملك، ويواجهون قيودا في العمل.

وفضلا عن ذلك، تحظر السلطات اللبنانية أي توسعة للمخيمات الـ12، التي يقيم فيها هؤلاء اللاجئون رغم تضاعف أعداد سكانها؛ ليعيش الفلسطينيون في لبنان « الأمرَّين »، حسب وصف حقوقيين.

لكن بعض السياسيين في لبنان يؤكدون أن ما يتعرض له الفلسطينيون هو مسألة سياسية تستهدف عدم الإخلال بالتوازن الطائفي، فضلا عن عدم توطنيهم حتى لا يضيع حق العودة، ويؤكدون على أنه من الصعب على لبنان تحمل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين دون دعم دولي، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها.

ووفق « وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى » (أونروا)، هناك أكثر من 483 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في لبنان، ويعيش غالبيتهم في المخيمات.

وتوضح أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ليسوا مواطنين رسميين لدولة أخرى، وهم بالتالي غير قادرين على اكتساب نفس الحقوق التي يتمتع بها الأجانب الذين يعيشون ويعملون في لبنان.

وبخصوص العمل، شرعنت السلطات اللبنانية، بدءاً من العام 1982، في حرمان اللاجئين الفلسطينيين من كثير من الوظائف. وعن ذلك، تقول « أونروا » إن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لا يتمتعون بالحق في العمل في ما يزيد على 20 وظيفة.

وحول ذلك، يقول محمود حنفي، مدير « المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان » (شاهد) (مؤسسة أهلية مقرها لبنان)، للأناضول: « هناك لبس في التعاطي مع الفلسطينيين لكونهم مصنفين كلاجئين من نوع خاص (وفق ميثاق اللجوء الصادر عام 1951)؛ فهم لا يُعاملون بمبدأ المعاملة بالمثل »؛ وإنما يعاملون معاملة الأجانب.

ووفقا ذلك، يعاني اللاجئون الفلسطينيون الحرمان من العمل في مجموعتي المهن الخاضعة لفقرة المعاملة بالمثل (بينها: الطب، والصيدلة، ووكالات السفر، ورئاسة تحرير الصحف، وأصحاب مستشفيات، وتأمين وإعادة تأمين، والطبوغرافيا، والهندسة) والمهن الخاصة بالجنسية اللبنانية (بينها: القانون (المحاماة)، والصحافة، وخبراء فنيون (تقنيون)، وتملك شركات سياحة، وإدارة شركات طباعة).

إلا أن الدولة اللبنانية أذنت بعمل اللاجئين في بعض المهن المحدودة جداً شرط الحصول على إجازة عمل وتقديم المستندات المطلوبة إلى جانب دفع الرسوم المتوجبة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية سنوياً؛ علماً بأنهم لا يستفيدون من خدمات الضمان ولا تعويض نهاية الخدمة، ومن بين هذه المهن العمل التدريس بالمدارس والكليات الخاصة، والقطاع الزراعي الموسمي، والبناء، والدهان. التملك، هو ثاني أهم أوجه معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؛ ففي عام 2001 تم حجب حقهم في التملك بموجب قرار قانوني جاء فيه: « لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، أو لأي شخص إذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين ».

وعن ذلك يقول « حنفي »، وهو لاجئ فلسطيني مقيم في لبنان، ساخراً: « من المفارقة أنه لو تم للبنان يوماً توقيع معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني (إسرائيل) فإن الإسرائيلي يتملك، والفلسطيني على حاله لن يستطيع التملك أبداً ». ويلفت إلى أن المعاناة لها أبعاد أوسع تكمن في « عدم قدرة الفلسطيني المتملك قبل عام 2001 أن يورث أولاده، وكذلك الحال بالنسبة للبنانية المتزوجة من فلسطيني فإنها لا تملك توريث أولادها على الإطلاق لكونهم لاجئون فلسطينيون ».

ويروى « حنفي »، في هذا الصدد، أن البيت الذي اشتراه لنفسه وعائلته مسجل باسم صديق لبناني له؛ لأن أحداً من عائلته لا يستطيع التملك، وهو ما قد يخلق أزمة حقيقة عند الكثيرين أمثاله« .

ويعتبر أن »القوانين اللبنانية هي تسوية سياسية مذهبية أجحفت الحقوق الفلسطينية« . السكن، الذي يعد حقاً مدنياً، يعتبر أيضا معاناة أخرى للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

إذ تمنع الحكومة اللبنانية أي عملية توسع في مساحة المخيمات التي ضاقت على ساكنيها على الرغم من تضاعف أعداد السكان في ظروف لا تصلح للعيش أساساً.

يقول »حنفي« مستغرباً: »إن كانت السلطة اللبنانية تحظر توسع مساحة المخيمات؛ فلماذا لم تسمح بإعادة بناء المخيم الذي هدمته سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) في الجنوب عام 1974، ولماذا حالت دون إعادة بناء مخيمي تل الزعتر وجسر الباشا (شرق بيرو)؟« ، والذين تم تدميرهما إبان الحرب الأهلية اللبنانية (أبريل/نيسان 1975 - أكتوبر/تشرين الأول 1990).

وكان اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يتوزعون على 16 مخيماً بقي منها، حالياً، 12 مخيما فقط.

الباحث في الشأن الفلسطيني سامر المناع، وهو لاجئ فلسطيني مقيم في لبنان، ينتقد أيضا معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويتطرق بصفة خاصة إلى مستوى التعاطي الأمني مع وجودهم في لبنان.

ويضيف للأناضول: »أن تكون فلسطينياً في لبنان يعني أنك تعاني كل أنواع الحرمان التي تصل بك الى كل أفق مسدود؛ فيرى الفلسطيني نفسه مهاجراً في البحر والبر والجو ليضيف إلى نكبته نكبات أخرى، أو أن يعيش شبابه عاطلاً عن العمل حاملاً هم قوت يومه« .

ويتساءل مستغرباً: »لماذا يتجاهل اللبنانيون في وسائل إعلامهم أن هذه المخيمات الفلسطينية خرّجت آلاف الحالات الإبداعية التي وصلت العالمية، من أطباء ومهندسين ومخرجين وفنيين وموسيقيين إلى جانب الممثلين والمخترعين وسواهم؟ لماذا التركيز على التعاطي الأمني فقط معهم« .

كما يستنكر »المناع« أي تبرير لهذه الإجراءات بداعي التوطين في لبنان، قائلاً: »نحن لم نطالب بالجنسية اللبنانية يوماً ولا نسعى لها، الفلسطينيون فقط يريدون منهم حقوق الإنسان التي شرعتها كل الهيئات الدولية وصادق لبنان عليها« .

ويضيف: »ليفتحوا الحدود للفلسطينيين وليعدّوا على أصابعهم أعداد اللاجئين الذين يختاروا البقاء في لبنان على العودة إلى فلسطين؛ إنما يشاع حول قضية التوطين هو مادة إعلامية لتبرير الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان« ، وفق قوله.

ويتمنى »المناع« الإفراج عن حق الملكية العقارية للفلسطينيين في لبنان، وعدم الحيلولة بين اللاجىء والوصول الى سوق العمل لأن اللاجىء الفلسطيني هو جزء من التكوين المجتمعي والمال الذي يحصده يصرفه داخل البلد نفسه.

ويعتبر في حديثه أن »استقدام مئات الآلاف من العمال الخارجيين كان يمكن الاستعاضة عنهم وتوفير تكاليف ذلك بتشغيل آلاف اللاجئين العاطلين عن العمل المتعلمين والكفوئين وهو ما يتضح جلياً في أول فرصة خارجية تسمح لهم بإبراز تفوقهم« .

»والمناع« هو مؤلف كتاب »أن تكون فلسطينيا في لبنان!"، والذي يتضمن مشاهدات استمدها من واقع حياة اللاجئين في لبنان، خصوصا أهالي المخيمات.

كلمات دلالية