خبر رجال دين يدعون لحماية جسور العيش المشترك

الساعة 07:51 م|13 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

أكد رجال دين، مسلمون ومسيحيون وسامريون، ان فلسطين ظلت على الدوام جسرا للعيش المشترك بين مختلف الديانات، وأن المطلوب هو حماية وتحصين جسور العلاقة بين المكونات الدينية، خاصة في ظل ما يشهده محيطنا العربي من تأجيج للطائفية وقتل وارهاب باسم الدين، واستنكروا في ذات الوقت التفجير الاخير الذي استهدف الكنيسة القبطية الارثوذكسية في مصر والذي ادى الى استشهاد وجرح عشرات المصلين.

جاء ذلك خلال ندوة بعنوان « فلسطين جسر التعايش ومهد الديانات » نظمتها أمس جمعية بذور للتنمية والثقافة بالتعاون مع مركز الطفل الثقافي التابع لبلدية نابلس، وتحدث فيها كل من رئيس اساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا، والداعية والمفكر الاسلامي زهير الدبعي، وممثل السامريين اسحق رضوان السامري، وادراها ممثل الجمعية رائد الدبعي، وذلك بحضور عدد من رجال الدين وممثلي العديد من الفعاليات والمؤسسات.

اعداؤنا يريدوننا مشرذمين

وفي كلمته، أكد المطران عطا الله، أن فلسطين كانت دوما نموذجا في الوحدة الوطنية والعيش المشترك، مقتبسا عن البابا « شنوده » قوله عن القدس بأنها « قطعة من السماء على الأرض »، ومؤكدا أن فلسطين أمانة في اعناقنا جميعا، وكذلك القدس ووحدتنا الوطنية وتلاقينا الانساني، فيجب المحافظة عليها بكل قوة كي نتمكن من مواجهة المخططات التي تسعى للنيل من قضيتنا.

وأضاف بأنه « وجب علينا ان نكون موحدين في مواجهة المؤامرات والمخططات المعادية، فاعداؤنا لا يريدون للمسلم والمسيحي والسامري ان يجتمعوا معا ويتحاوروا فيما بينهم، بل يريدوننا مشرذمين ومفككين ومقسمين، من اجل تمرير مشاريعهم الاستعمارية في المنطقة العربية برمتها ».

المسيحية ليست بضاعة مستوردة من الغرب

وشدد عطا الله على ان « المسيحية في بلادنا ليست بضاعة مستوردة من الغرب، فهي ليست من روما او اثينا او باريس، وانما انطلقت من هنا ، ونحن كمسيحيين فلسطينيين نفخر كون المسيحية انطلقت من هذه الارض المقدسة ».

وقال بان المسيحيين وان اصبحت نسبتهم في فلسطين نحو 1% فقط بسبب النكبات والنكسات والازمات، فهم قلة في عددهم ولكنهم ليسو أقلية، مضيفا اننا نفتخر بانتمائنا للامة العربية، وبلغتنا العربية وحضارتنا العربية كما نفخر بتلاقينا الانساني.

واضاف عطا الله بان لقاءنا اليوم هو لقاء الوحدة والعيش المشترك، مضيفا ان نابلس تشكل نموذجا فريدا في هذه العلاقة بين مسلميها ومسيحييها وسامرييها، وهي كذلك قلعة الانسانية والثقافة والفكر.

فسيفساء جميلة

بدوره، تحدث اسحق السامري، عن الفسيفساء الجميلة التي تعبر عنها نابلس بمكوناتها الدينية، الاسلامية والمسيحية والسامرية، موضحا ان هذه اللوحة ليس لها أي مثيل في الكون، وان الاحتلال قد فشل في دق الاسافين بين اتباع هذه الديانات.

وقال بأن السامرين يشعرون بالامان عندما يستمعون الى الآذان خمس مرات في اليوم، وكذلك عندما يستمعون الى اجراس الكنائس ايام الاحد.

السامريون ليسو يهودا

واشار اسحق الى ان أكثر ما يضايق السامريين هو عندما يقول البعض عنهم، ولو على سبيل المزاح، بأنهم (يهود)، موضحا ان مثل هذا القول يعني تحويل السامريين من ديانتهم الى ديانة اخرى، مشيرا الى ان هناك 7 الاف فرق بين الديانة السامرية واليهودية.

نختلف في العقيدة ونلتقي في القيم

وفي كلمته، قال الدبعي بأننا نختلف مع المسيحيين والسامريين في العقيدة والشريعة وهي اختلافات مهمة، ولكننا نتفق في امور غالية ومفيدة، اذ اننا نؤمن جميعا بان الله هو رب العالمين، وان قيم الدين مطلقة وموجودة في كل الاديان.

واستعرض الدبعي عددا من الايات القرآنية التي توضح ان الله وحده هو الذي يصنف الناس ويفصل بينهم.

واشار الى أن رجل الدين المسيحي الذي رفع الاذان في الكنيسة يستحق كل تقدير، وهو بهذا العمل لم يخرج عن انتمائه لوطنه ومجتمعه.

وقال الدبعي بانه عندما فتح المسلمون هذه البلاد، لم تكن فارغة او غير مأهولة، فقد كانت فيها كنائس واديرة، فالمسيح ولد في فلسطين وليس في أوروبا.

وشدد على ان الطائفية شيء سيء واداة من ادوات الاستعمار، و« بلفور » عندما وجه رسالته الى الصهيوني « روتشيلد » قد وصفنا بطوائف يهودية رغم اننا كنا نشكل اكثر من 90% من سكان الارض، وكل ذلك لانهم يريدون للطائفية ان تتغلغل بيننا.

وركز الدبعي على البعد الانساني، موضحا أننا كبشر وهناك شيء مشترك يجمعنا، مشيرا الى ان مدينة مثل بغداد كان فيها مئات المساجد والاديرة والحسينيات ومعابد الصابئة والمجوس، وكانت بمثابة مركز الكون، ولكن عندما تغلغلت فيها الطائفية اصبحت مدينة السيارات المتفجرة.

اهمية اللقاء والتحاور

وكان ممثل جمعية بذور، رائد الدبعي، قد شدد على اهمية اللقاء والتحاور وبناء جسور من الامل والانطلاق بروح المواطنة الصالحة والفريق الواحد لمواجهة التحديات المشتركة التي تحيط بنا ولا تفرق بين انتماءاتنا وتوجهاتنا وتعدد مشاربنا الدينية، لافتا الى خطورة القراءات المشوهة لجوهر الاديان.

وفي نهاية الندوة قدم عدد من الحضور مداخلات، عبروا فيها عن فخرهم وسعادتهم لحالة التلاقي والمحبة بين مختلف الديانات في فلسطين، وشددوا على ضرورة حماية هذا النسيج وهذه اللوحة الفلسطينية الجميلة، وعدم افساح المجال للاصولية والتطرف والاستعمار باشاعة الطائفية في مجتمعنا، واستخلاص العبر مما يحصل في محيطنا العربي كالعراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر وغيرها من الدول.

كلمات دلالية