خبر باحثون يضعون آلية لتطوير الواقع الصحي في فلسطين

الساعة 12:28 م|12 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

أوصى المؤتمر العلمي المُحكم الذي نظمته كلية الحقوق في جامعة الإسراء إلى ضرورة العمل على الصعيدين المحلي والدولي للارتقاء بالواقع الصحي في فلسطين، لتقديم خدمة أفضل للمواطنين.

يشار، إلى أن المؤتمر شارك فيه خمسة عشر باحثاً في مجال الحقوق الصحية، وخلص إلى أن الحقوق الصحية في فلسطين تعاني من انتهاكات جسيمة؛ لأسباب عدة على رأسها سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة التي حالت وما زالت من تمتع الفلسطينيين بحقوقهم الصحية.

وشملت التوصيات الهامة للمؤتمر، توصيات على الصعيد المحلي والدولي، تمثل في مجملها حلولاً جوهرية للارتقاء بالواقع الصحي في فلسطين.

توصيات هامة على الصعيد المحلي

وشملت التوصيات فيما يتعلق بالصعيد المحلي، ضرورة العمل دون إبطاء على انضمام فلسطين لجميع المواثيق الدولية الخاصة بالحقوق الصحية خصوصاً وأن وضع فلسطين القانوني الآن يخولها حق الانضمام لمثل تلك الاتفاقيات بعد حصولها على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة. ودعا المؤتمرون السلطة الفلسطينية الى ضرورة التوجه فوراً لمقاضاة سلطات الاحتلال أمام العدالة الدولية، واتخاذ خطوات جدية وعملية بشأن وقف الانتهاكات الاسرائيلية بحق سكان قطاع غزة وبحق المؤسسات الصحية والطواقم الطبية، والعمل على مواصلة توثيق ورصد الانتهاكات الاسرائيلية بحق الاعيان والطواقم الطبية، وتجهيز الملفات الخاصة بهذه الجرائم لتقديمها للمحاكم الدولية لمقاضاة الاحتلال الاسرائيلي.

وشدد المؤتمرون في توصياتهم على وجوب سعي الدولة الفلسطينية لدفع وتحفيز المجتمع الدولي لضرورة إرساء قواعد المسؤولية الجزائية الدولية والحد من إفلات قوات الاحتلال الاسرائيلي من محاسبتها ومعاقبتها عن انتهاكاتها المستمرة للحقوق الصحية وبالذات حقوق الأطفال الصحية.

كما شددوا على ضرورة تحييد مرافق الخدمات وبالذات المرافق الصحية عن التجاذبات السياسية بين السلطات الحاكمة من أجل الارتقاء بالخدمات الصحية والتقديم الخدمة الأمثل والفضلة للمرضي.

فيما شملت التوصيات التي خصت المؤسسات الصحية المحلية، ضرورة بناء وتوفير الأماكن الصحية العامة أو زيادة مساحات البناء لاستيعاب المرضى بشكل عام والمرضي بأمراض مزمنة بشكل خاص، والمرضي بأمراض خطيرة مثل مرض السرطان من أجل تقديم أفضل الخدمات الصحية للمرضى، وضرورة زيادة الطواقم الطبية سواء من أطباء أو ممرضين أو أخصائيين في كافة التخصصات الطبية العاملين في المستشفيات والعيادات العامة ليتناسب مع عدد المرضى واحتياجاتهم، وبالذات زيادة عدد أخصائي الأورام من الأطباء وكذلك الممرضين الذين  المؤهلين للتعامل مع مريضات السرطان، والعمل على توفير الاحتياجات الطبية اللازمة من أجهزة ومعدات طبية وأجهزة تشخيص الأمراض، وأدوية للجميع المرضي وبالذات المرضي المصابين بأمراض خطيرة، وضرورة توفير أطباء نفسيين لمتابعة المرضى المصابين بأمراض خطيرة مثل مرض السرطان من أجل مساعدتهم نفسياً على تخطي الأوضاع النفسية والصحية لهذا المرض الخطير.

إلى جانب ذلك، أوصى المؤتمرون بضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني والعمل على توحيد التشريعات الفلسطينية في محافظات الوطن وبالذات التشريعات المتعلقة بالحقوق الصحية ومساءلة العاملين في مجال المهن الصحية، وتعديل القانون الأساسي الفلسطيني بإضافة نصوص قانونية تتضمن الاعتراف الصريح بالحقوق الصحية وتقرر مبادئ ومعايير تحكم العمل الصحي والمهن الصحية، وترسم إجراءات محددة كفيلة بضمان الحقوق الصحية، بما يتوافق مع المعايير الدولية، والالتزامات على دولة فلسطين، وتعديل تعديل قانون الصحة العامة بما يضمن إفراد نصوص قانونية مستقلة تبين الحقوق الصحية للسجناء والمعتقلين، ونصوص قانونية خاصة في قانون الصحة لحماية الأطباء والعاملين في المهن الطبية ليتمكنوا من أداء مهامهم على أكمل وجه.

وحث المؤتمرون المشرع الفلسطيني على ضرورة تعديل قانون الصحة العامة الفلسطيني بإضافة مواد تسد النقص التشريعي، بحيث يتم تنظيم أحكام نقل الأعضاء البشرية، ووسائل الانجاب المساعدة، والأبحاث المتصلة بأمراض السرطان وغيرها من القضايا المستحدثة، وضرورة تنظيم أحكام المسؤولية الطبية بما يضمن حقوق المريض ويحقق أفضل رعاية له، مع عدم اغفال تنظيم الصحة النفسية والعقلية، بشكل ينسجم مع المعايير الدولية واحترام حقوق المريض، وبما يواكب التطورات العلمية الحديثة، والأخذ بالنظام القضائي بجانب النظام الرئاسي في تأديب الموظف العام إذا كانت المخالفة التأديبية تستوجب عقوبة شديدة، وذلك بإحالة الموظف إلى المحكمة التأديبية لتتولى تأديبه وتوقيع الجزاء عليه، وللأخذ بالنظام القضائي في تأديب الموظفين العاملين في المهن الطبية لخصوصية وطبيعة هذه المهن؛ ولما يمتاز به التأديب أمام القضاء من ضمان للموظف وحياد القضاء وعدم محاباته للموظف الطبيب مرتكب المخالفة.

ودعا المؤتمر المُشرع إلى ضرورة سن وإصدار قانون للمسئولية التأديبية في المهن الطبية يراعى فيه طبيعة وخصوصية المهن الطبية مثل مهن الطب والصيدلة، والمهن الطبية المساعدة مثل التمريض وفني المختبرات والأشعة وغيرها من المهن الطبية المساعدة، وسن وإصدار قانون للمسئولية الجزائية في المهن الطبية يراعى فيه طبيعة وخصوصية المهن الطبية، ويتضمن نصوص قانونية تبين الالتزامات الواقع على العاملين بالمهن الطبية وعلاقتهم بالمرضى، ونصوص تشريعية خاصة بتنظيم المراكز والعيادات الخاصة ووضع آلية متابعتها ومراقبتها، ويتضمن نصوص قانونية خاصة باللجنة التي تشكل من قبل وزارة الصحة وإعطائها صفة الضبطية القضائية بعد تقييدها بضوابط خاصة يضمن حيادها.

كما دعا المؤتمر المُشرع إلى ضرورة استحداث نظام قانوني خاص بتسوية النزاعات الطبية والصحية والصيدلانية بالطرق السلمية، وذلك لتجاوز ما قد يترتب على اللجوء للقضاء من جهد ووقت ومال، وسن قانون يلزم الأطباء والصيادلة والمشافي والمصحات والمراكز الاستشفائية والعيادات بضبط الملف الصحي للطبيب، وتسليمه له شخصياً وتخطي عقبة التعتيم الاداري عن الامتناع بتسليم هذا الأخير والدفع بالسر المهني.

وشدد المؤتمر على وجوب تعديل التشريعات الطبية والصحية والصيدلانية بأجرأ مجموعة من القواعد الزجرية؛ حتى لا يُفهم بأن القانون يقتصر على ما هو تأديبي، دون أن يرقى إلى المساءلة الجزائية، وضرورة سن وإصدار تشريعي خاص يتعلق بالمسئولية المدنية عن أخطاء المهن الطبية.

كما أوصى المؤتمر بضرورة سن وإصدار تشريعات خاصة بالمهن للطبية للعاملين في العيادات والمراكز والمؤسسات والهيئات الخاصة تتعلق ببيان حقوقهم وواجباتهم وطرق مساءلتهم جزائياً ومدنياً وتأديبياً، ووضع قواعد قانونية خاصة تتعلق بالمسئولية المدنية للصيدلي خصوصاً ضمن الأنظمة واللوائح التنظيمية لكي تضمن درء المخاطر الكبيرة عن المرضى ومتعاطي الدواء أثناء صرف الدواء أو أثناء تركيبه.

توصيات على الصعيد الدولي

وبشأن التوصيات على الصعيد الدولي، أوصى المؤتمرون بضرورة دعوة المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته القانونية والأخلاقية والتحرك العاجل لتمكين الفلسطينيين من التمتع بحقوقهم الصحية وفق للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والقيام بدوره لوقف العقوبات الجماعية التي تفرضها قوات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية وبالذات قطاع غزة وسكانه، وإلزامها بالقيام بمسؤولياتها بتأمين الصحة العامة والشروط الصحية وأن توفر بأقصى ما تسمح به وسائلها العناية الطبية للسكان في الأراضي المحتلة. إضافة إلى دعوته لتحمل مسئولياته بوقف وإنهاء الحصار المفروض على الأراضي الفلسطينية (قطاع غزة) نظراً لما يشكله من عقوبات جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وانتهاكه للحقوق المدنية للفلسطينيين.

وأكدت التوصيات على ضرورة إلزام المجتمع الدولي لقوات الاحتلال الاسرائيلي باحترام المواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المواطنين الخاضعين للاحتلال، وإلزامهم باحترام الأعيان والطواقم الطبية وعدم الاعتداء عليهم وإعاقتهم من تأدية واجباتهم الإنسانية. وضرورة القيام بواجبه بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لاحترام الصكوك والاعلانات والمواثيق الدولية الخاصة باحترام كافة الحقوق المدنية للمواطنين الفلسطينيين وبالذات الحق في الصحة وتمكينهم من حرية الحركة والسفر للعلاج خارج الأراضي الفلسطينية أو في المحافظات الشمالية للوطن. إضافة إلى ضرورة إلزامه للاحتلال بعدم الاعتداء على الأعيان والطواقم الطبية داخل قطاع غزة، ومحاسبة الاحتلال الاسرائيلي عن جرائمه التي ارتكبت بحق الأعيان والطواقم الطبية أثناء الحروب الثلاثة الأخيرة على قطاع غزة.

 

وأكد المؤتمر على أن الحق في الصحة يعتبر من الحقوق الأساسية الاجتماعية التي تتضمنها القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو يعني الحصول على أعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه ويفضي للعيش بكرامة، وهذا الحق لا ينطوي على توفير خدمات الرعاية الصحية في الوقت المناسب فحسب، بل ينطوي أيضاً على محددات الصحة الدفينة، مثل توفير المياه النقية والصالحة للشرب ووسائل الإصحاح الملائمة وإمدادات كافية من الأغذية والأطعمة المغذية المأمونة والمساكن الآمنة وظروف مهنية وبيئية صحية وتوفير وسائل التثقيف الصحي والمعلومات الصحية المناسبة، بما في ذلك في مجال الصحة الجنسية والإنجابية.

وأوضح الباحثون أن الاعتراف الدستوري الصريح بالحق في الصحة يحقق العديد من المميزات، فهو يشكل قيداً على المشرع العادي، من خلال التزام الأخير بحدود الإرادة الصريحة للمشرع الدستوري، عندما يتولى عملية سن القوانين المنظمة لهذا الحق والتي تبين الأحكام التفصيلية له، كما وأنه يعد ضمانة حقيقية وفاعلة لحماية هذا الحق، فضلاً عن أنه يعد عامل نجاح وفاعل في الانفاذ القانوني للحق في الصحة.

وأكد على أن الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ سنة 2007م يعتبر شكلاً من أشكال العقوبة الجماعية التي يحظرها القانون الدولي الإنساني، كما يعتبر شكلاً من أشكال القصاص أو الثأر من السكان الفلسطينيين المحرم دولياً، وبالتالي انتهاك خطير لأحكام القانوني الإنساني، وانتهاك خطير للقانون الدولي لحقوق الإنسان لا سيما المادة (12) من العهد الدولي الخاص المدنية والسياسية لعام 1966م، ولا تشكل القيود المحدودة على حرية الحركة بها في المادة مبرراً لقوات الاحتلال لتقييد حرية الحركة للفلسطينيين، حيث أن ما تقوم به تلك القوات ليس فقط انتهاكاً لحرية الحركة، بل حتى لمبدأ التقييد إليه في المادة.

وأشار المؤتمرون إلى أن حصار سطات الاحتلال الإسرائيلي حال دون قدرة مريضات السرطان من الوصول إلى الخدمات الصحية في مستشفيات الضفة الغربية والقدس وداخل الخط الأخضر، خاصة في ظل التعقيدات التي تشهدها إجراءات التحويل للعلاج في الخارج وعملية السفر والعراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال والتي تعوّق سفر المرضى للعلاج بل وفي كثير من الحالات يتم منع  سفر المريضات للعلاج.

كلمات دلالية