خبر « إسرائيل » “تحتّل” الوطن العربيّ عبر تويتر وفيس بوك

الساعة 06:50 ص|08 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

الاختراق « الإسرائيليّ » للوطن العربيّ أصبح أكبر سرًّا مكشوفًا، فالدولة العبريّة، تُخصص القدرات، الطاقات والخامات الهائلة لتعزيز تواجدها في قلوب وعقول الناطقين بالضّاد، مُستغلةً حالة الوهن التي أمست تُميّز الدول العربيّة الممزقة والمُشتتة، ومن ناحية أخرى، تُوظّف مُستشرقيها أوْ بالأحرى مُستعربيها، الذين يفهمون العقليّة العربيّة، بهدف تقسيم المُقسّم، وتجزئة المجزأ، وتكريس التفتت في المجتمعات العربيّة.

وفي ظلّ تحوّل العالم إلى قريةٍ صغيرةٍ في حقبة العولمة، وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعيّ على الأجندة، اكتشفت « إسرائيل » مُبكرًا أنّ الـ(فيسبوك) و(تويتر)، هما أفضل سفراء لها في العالم، وبشكلٍ خاصٍّ في الوطن العربيّ، وباتت تستخدمهما للتواصل وتتفاعل مع الشباب العربيّ، أينما تواجد.

في مبنى كبير في وزارة الخارجية « الإسرائيليّة »، يجلس شباب « إسرائيليون »، ويتواصلون مع شباب عرب من جميع أنحاء العالم. يعمل حوالي 10 مسؤولين عن كتابة المنشورات، نشر الصور، ترجمة المواد من العبرية إلى العربيّة، وكتابة تعليقات للمتصفحين، على التواصل بين دولة إسرائيل والشباب في العالم العربي. إنّه قسم “الدبلوماسيّة الرقميّة” العربية في وزارة الخارجيّة.

موقع (المصدر) الإسرائيليّ، شبه الرسميّ، يُعتبر، وبحقٍّ، الذراع التنفيذيّة لوزارة الخارجيّة في « تل أبيب »، ويقوم، بشكلٍ سلسٍ، خبيثٍ وناعمٍ بتمرير الرسائل الإسرائيليّة إلى الوطن العربيّ على مدار الساعة، وبطبيعة الحال يعمل، بدون كللٍ أوْ مللٍ، على تحسين صورة دولة الاحتلال، ويسوق المبررات والمُسّوغات التي تنطلي أوْ لا تنطلي على الأّمة العربيّة.

يوناتان غونين، رئيس قسم الدبلوماسية الرقمية باللغة العربية في وزارة الخارجية الإسرائيليّة قال للموقع المذكور إنّه في منطقة الشرق الأوسط يعيش مليون مواطن عربي، من بينهم 145 مليون يستخدمون الإنترنت، ويستخدم 80 مليون منهم الـ(فيس بوك). ويؤكّد على أنّ العمل في القسم بدأ عام 2011، عندما أدركنا أنّ الطريقة الأفضل للتوجه إلى الشباب العرب هي الـ(فيس بوك)، حيث أصبحت هذه الطريقة اليوم الأفضل للتأثير على الرأي العام، بحسب تعبيره.

ووفقًا للإحصائيات الرسميّة في الوزارة، يبلغ عدد متابعي صفحة الـ(فيس بوك)، التي يُديرها قسم الدبلوماسية الرقميّة، أكثر من 910 ألف متابع، معظمهم من الشباب في سنّ 18 حتى 24 عامًا، ويعيش معظم المتابعين في  مصر، ولكن يتابعها عراقيون، مغاربة، أردنيون وفلسطينيون أيضًا، ويكتبون تعليقات في صفحاتهم.

من ناحيته قال حسن كعبية، الناطق بلسان وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة باللغة العربيّة لموقع (المصدر): “قبل 10 سنوات عملتُ في السفارة الإسرائيليّة في مصر وعشتُ في القاهرة”، كنت أتجوّل في المقاهي، وأرى كل الشباب يجلسون وبحوزتهم الحواسيب النقالة، ويتصفّحون في الإنترنت. فأدركت أنّ هذه هي الطريقة التي يتواصل عبرها الشباب اليوم مع الإعلام”.

بالإضافة إلى ذلك، في (تويتر) هناك صفحة وزارة الخارجية مع أكثر من 83 ألف متابع، الكثير منهم صحافيون، دبلوماسيون وقادة رأي عام. “عندما يشارك مثل هؤلاء الأشخاص تغريداتنا، فنحن نعلم أنّ رسالتنا تصل إلى عدد كبير جدا من الأشخاص”، يقول.

الخطورة في الأمر، أيْ على الشباب العربيّ، تظهر جليًا عندما نعلم أنّ صفحات الـ(فيس بوك) المذكورة تسمح لممثلي وزارة الخارجية بالتوجه مباشرةً إلى القراء العرب، ويُحاولون بواسطتها تحسين صورة إسرائيل. كعبية يُضيف: “قبل 10 سنوات لم تربطنا أيّة علاقة بالناس في العالم العربيّ. لم نكن نعلم حتى ماذا يُكتب في صحفهم. ومن المثير للدهشة كيف أصبحت تربطنا علاقة مباشرة مع الناس اليوم، فنحن نتجاوز الحكومات والإعلام ونصل مباشرة إلى المواطن العربي”.

ولفت الموقع « الإسرائيليّ » أيضًا إلى أنّ المواد التي يشاركها المسؤولون في قسم الدبلوماسيّة الرقميّة تتضّمن معلومات أساسية عن « إسرائيل »، مقاطع فيديو وأغان لمطربين « إسرائيليين »، ومواضيع “حساسّة” وجادّة مثل الـ”ديمقراطيّة” الإسرائيليّة وقرارات حكومة بنيامين نتنياهو.

كعبيّة، وهو عربيّ-بدويّ، من شمال الدولة العبريّة يؤكّد في سياق حديثه على أنّ”هدفنا هو عرض صورة « إسرائيل » الحقيقيّة، على سبيل المثال، عندما تمّت محاكمة الرئيس « الإسرائيليّ » السابق، موشيه كتسّاف، وسُجن بتهمة الاغتصاب، وسُجن رئيس الوزراء إيهود أولمرت بتهمة تلقّي رشوة، نشرنا أخبارًا عن تلك الأحداث، وكانت التعليقات مفاجئة. أعجِبَ الكثير من الناس بالديمقراطية في إسرائيل، وعبّروا عن احترامهم لنا، قال.

إن القصص الأكثر إثارة للاهتمام، هي القصص التي لا يمكن لوزارة الخارجية حقا أن تشارك بها المتصفّحين. “نرغب جدا في مشاركة علاقاتنا مع أشخاص من الدول العربية، وزيارات صحفيين وأشخاص إلينا، ولكن هناك الكثير من الأشياء التي إذا كتبناها عنهم، فستشكّل خطرا على حياتهم، وعلى الأشخاص الذين يشاركون في ذلك ويوقف التعاون بيننا. تحدث أمور كثيرة يحظر علينا التحدث عنها”.

ووفقًا للمصادر الرسميّة في « تل أبيب »، فإنّ أحد الأنشطة الأكثر إثارة للاهتمام هو إحضار وفود من الصحافيين من جميع أنحاء العالم العربي إلى « إسرائيل ». حتى الآن زارت البلاد بعثات من العراق، مصر، المغرب، الأردن، تونس، وحتى صحفيون أكراد من سوريّة، بحسب المصادر.

تخترق « إسرائيل » الوطن العربيّ، وتتفاعل مع شعوبه، فيما تغط الأنظمة العربيّة في سُباتٍ عميقٍ، وتسمح من حيث تدري أوْ لا تدري، تسمح للدولة العبريّة بـ”تخدير” عقول الشباب، وإيهامهم بأنّها دولة ديمقراطيّة، دون التطرّق إلى أنّها تحتّل شعبًا، صادرت أراضيه، وهجرّته، وقامت على أنقاضه.

المسرحيّ السوريّ الراحل، سعد الله ونوس، كان قد أرسى مقولته المأثورة: “كم مرّةٍ هزمتنا الخيانة دون قتال”، واليوم، نُهزم يوميًا، وعلى مدار الساعة، عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ.

كلمات دلالية