خبر ما ينقص اليسار -هآرتس

الساعة 10:56 ص|06 ديسمبر 2016

فلسطين اليوم

بقلم: نتسان هوروفيتس

          (المضمون: ما زالت هناك فرصة أمام اليسار من اجل استعادة قوته وهذا من خلال العمل الاجتماعي المتواصل خصوصا في اوساط الجيل الشاب  - المصدر).

إن قصص الاحراق والتحريض في موجة الحرائق أوجدت ظاهرة غريبة. المتحدثون المنفعلون من اليمين تباكوا قائلين إن النزاهة السياسية التي تجعل اليسار يسيطر، تمنعهم من قول « ما يعرفه الجميع »، وهو أن العرب متهمون، هذا في الوقت الذي يصرخون فيه في كل مكبر للصوت بهذه الاقوال – يتهمون، بدون أدلة، جميع العرب باحراق الدولة. من هو بالضبط الذي يغلق فمك؟ هكذا سألت اعلامي بارز من اليمين، عن أي « نزاهة سياسية » وعن أي يسار يتحدثون؟.

          هل يعتقدون في اليمين بالفعل بأن اليسار يسيطر على وسائل الاعلام والاجهزة المركزية الاخرى؟ هل يمكننا الاكتشاف فجأة أن اليسار قوي جدا؟ والاجابات التي أحصل عليها ما زالت مفاجئة بالنسبة لي. معروف أن الكثيرين في اليمين يدركون أن هذه اقوال بلهاء. اسرائيل تخضع لسيطرة اليمين القوية والاسطورة حول سيطرة اليسار يحتفظون بها كي يكون هناك من يتم الهجوم ضده والتحريض عليه. إلا أن هذه ليست الصورة الكاملة. فهناك أجزاء في اليمين على قناعة أنه بعد اربعين سنة من التغيير، ما زال اليسار يسيطر على الدولة أو أن اليمين لا يسيطر بما فيه الكفاية.

          الامر الغريب هو أن أجزاء في اليسار ايضا تتفاخر بهذه الاقوال الفارغة. فهم يشعرون أن الجلوس الطويل في المعارضة لا يعكس صورة الوضع في الدولة، بل يعكس شيء يشبه الخطأ التقني الذي استمر لفترة طويلة من الزمن، لذلك فان المطلوب لليسار من اجل العودة الى الحكم هو جمع مؤسساته وجيوشه، وبواسطة حملة ناجحة سيتم اصلاح خطأ عام 1977.

 

          في فيلم « اولاد الشمس » للمخرج ران طال، عن الكيبوتسات يوجد مشهد من انتخابات 1981، مع الشتائم والافتراء على شمعون بيرس. ويظهر في الفيلم اشخاص من الكيبوتس وهم يجلسون على شرفة مقابل التلفاز باللون الاسود والابيض ويستمعون بدهشة الى خطاب مناحيم بيغن، الذي يهاجم بشكل مسموم المعراخ والكيبوتسات. وهؤلاء لا يعرفون كيف « سرقوا منهم الدولة ». اليسار كحركة ما زال لم يستيقظ بعد. لأنه لم يستوعب التغيير. بعض رؤسائه يشعرون بأنهم نخبة سلطوية، لذلك هم لا يتصرفون في المعارضة كمعارضة، بل يتصرفون بشكل رسمي.

 

          يمكن القول بشكل واضح: لقد تم القضاء على مؤسسات اليسار الواحدة تلو الاخرى، والنتيجة لذلك هي أن دوره تضاءل في اوساط الجمهور، وقدرته على تبني جيل جديد من المؤيدين والمصوتين. لقد تم القضاء على بعض المؤسسات نتيجة فقدان السلطة، والبعض الآخر تم القضاء عليه من قبل اليسار نفسه، في محاولة للتنصل من إرثه. هكذا تم القضاء على الكثير من مؤسسات الهستدروت. اليسار لم يفعل ما فعله حركة شاس التي اتسعت في تلك السنوات المصيرية وأقامت مؤسسات تسيطر عليها بشكل مباشر – شبكات التعليم ومنظمات الرفاه – انطلاقا من فهم أن الاستقرار السياسي يتطلب اقامة المؤسسات.

 

          على مدى سنين تحفظ اليسار من ذلك، انطلاقا من شعوره بأنه ليس بحاجة الى ذلك، لأن القوة في الاصل في يديه. وفي الوقت الحالي: هناك رغبة شديدة في التغيير، وتصميم أكثر من أي وقت مضى، لكن ليس هناك لليسار أي شيء. ليست لديه مؤسسات تعليم، أو وسائل اعلام ومنظمات جماهيرية. صحيح أن له اجهزة رائعة، لكنها لا ترتبط بالاحزاب ولا تعمل بشكل منظم كقوة سياسية ومن اجل هدف سياسي. في الامور الحساسة مثل نقابات العمال التي سجلت نجاحا واضحا في السنوات الاخيرة، يشدد بعض قادة اليسار على ترك مسافة. إنهم في حالة اغتراب عن القدرة السياسية للعمل المنظم، حركات الشباب والتعليم، كل شيء يركز على العناوين في وسائل الاعلام وكأن الامر ما زال في صالحهم، وهو في الحقيقة ليس كذلك.

 

          الحركة السياسية التي ترغب في البقاء يجب عليها التواصل مع الناس في جميع الاوساط ومن جيل صغير، لذلك مطلوب عمل تربوي واجتماعي. وهذا الامر ليس متأخرا. ومن يعتقد أن شعار يتم ترديده في الحملات الانتخابية هو الحل، سيجد نفسه مرة تلو الاخرى مثل اولئك الاصدقاء على الشرفة أمام دولة تسير في اتجاه آخر.

كلمات دلالية