رغم أهمية عقد المؤتمر العام لحركة فتح بشكل دوري لمناقشة أوضاع الحركة الداخلية وتصحيحها، إلا أن ثمة مؤشرات تشير إلى أن عقد المؤتمر السابع سيزيد من حدة الخلافات والمشكلات التي تعاني منها الحركة، وسيعزز من القطيعة مع كل من يحمل رأياً مخالفاً لرأي الرئيس محمود عباس، ومن أبرز هذه المؤشرات، إقصاء الأخير لعدد من القيادات الفتحاوية النضالية من المشاركة في المؤتمر، فيما تم توجيه دعوات لحضور أشخاص ليس لهم أي تاريخ نضالي في الحركة.
وشنت قيادات في حركة فتح هجوماً لاذعاً ضد الرئيس عباس وقيادة الحركة في رام الله، بسبب إقصاء أسماء وقيادات ورموز فتحاوية قديمة من حضور المؤتمر العام السابع للحركة والمقرر عقده نهاية نوفمبر الحالي.
وكانت مواقع إعلامية مقربة من حركة فتح نشرت أمس، أعداد وأسماء المشاركين في المؤتمر السابع، حيث لوحظ غياب قسري لعدد من قيادات حركية قديمة مثل السفير ياسر النجار نجل الشهيد أبو يوسف النجار، وعضو المؤتمر العام خليل وافي نجل المرحوم أحمد وافي من مؤسسي حركة فتح، وعضو المجلس الثوري في حركة فتح عدلي صادق، فيما تم توجيه دعوة لحضور المؤتمر لطارق عباس نجل الرئيس بصفته رجل أعمال.
وحسب المصادر فأن المشاركين في المؤتمر سيتجاوز عددهم 1350 شخصا، منهم 22 من اعضاء اللجنة المركزية، باستثناء محمد حلان، و86 من اعضاء المجلس الثوري لحركة فتح، كما سيشارك في المؤتمر 52 من اعضاء المؤتمر الاستشاري لحركة فتح.
وتداول مغردون اسماء أعضاء المؤتمر العام السابع لفتح على موقع الفيس بوك : الرئيس عباس الوالد، وابناه ياسر وطارق، نبيل فانوس شقيق زوجة الرئيس وابن خالة الرئيس، أبو ماهر غنيم الوالد، وابناه مازن وماهر ومرافقه، وزوج ابنته، سعيد أبو عمارة وزوجته انتصار، جمال محيسن وزوجته إلهام، ماجد فرج وابن عمه حسن، جبريل الرجوب وابن عمه أكرم وصهره زكريا مصلح، السفير كفاح عودة وزوجته السفيرة هالة، وشقيقه السفير محمد، والقائمة تطول« .
وهاجم عدلي صادق وهو سفير سابق أيضاً لدى السلطة الفلسطينية، عباس وقيادة حركة فتح إزاء إقصاء قيادات فتحاوية من حضور المؤتمر، وقال في منشور كتبه عبر صفحته فيسبوك أمس: »هناك إقصاء مخالف للنظام لأعضاء مجلس ثوري، لم يبلغوا أنهم فُصلوا، وإقصاء لقادة عسكريين شهدت لهم الميادين، ولكوادر مخضرمة عاشت بأخلاق الثورة تعطي ولا تأخذ، ولشباب مثابرين اكتسبوا مواقعهم التنظيمية بجهدهم وصدقهم، ولأخوات مناضلات كُن أشقاء الرجال، وناضلن في كل المواقع، ولكثيرين أعطيت عضوياتهم لطفيليين وانتهازيين« .
من جهته، انتقد القيادي في حركة فتح المقيم في الأردن منذر ارشيد، حملة الإبعادات التي تنتجها قيادة حركة فتح ضد قيادات وكوادر الحركة من حضور المؤتمر السابع.
وقال ارشيد المستبعد قسراً أيضاً من حضور المؤتمر السابع، في منشور عبر صفحته في فيسبوك أمس: »أهذا مؤتمركم...!! بإمكانكم استبعادنا عن مؤتمركم ولكن ليس بإمكانكم إبعاد فتح عنا، ففتح هي فتحنا وستبقى لنا نحن، وإذا سألتمونا من نحن...! نحن الذين لم ينسوا مبادئ فتح، ولا دماء الشهداء ولا خارطة الوطن« .
كما شن دحلان هجومًا حادًا على عباس على خلفية المؤتمر، وقال إنه لن يسمح له بتدمير فتح، في إشارة إلى المؤتمر السابع للحركة المتوقع، الذي يفترض أن يأتي بقيادة جديدة للحركة.
وأضاف: »عباس يسعى إلى تقزيم وتقليص فتح خلال المؤتمر، لتتلاءم مع طموحاته الصغيرة؛ فهو يريد حركة مطيعة له، وما يعرضه على فتح، هو خيارات محدودة؛ إما الموافقة على سياسته، أو مفارقتها« .
وقال عبد الحميد المصري، عضو المجلس الثوري لحركة فتح: »إن المؤتمر السابع للحركة عائلي بإمتياز وأقصى المناضلين والشخصيات الوازنة، وستكون مخرجاته فاشلة بالنظر الى مدخلاته« .
مواقف شخصية
من ناحيته، أكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي أن حركة فتح قررت تشكيل لجنة للنظر في كافة الطعون المقدمة بالعضوية المتعلقة بمؤتمر فتح السابع.
وقال زكي لـ »الاستقلال« : »هناك أشخاص فصلوا من التنظيم بسبب استغلال صلاحياتهم لتحقيق مآرب شخصية، وهناك أشخاص فصلوا أيضاً بسبب التطاول على رموز نضالية، وآخرون بسبب الفساد المالي، وهذه الأمور تحدث عند كل تنظيم فلسطيني، ومن الطبيعي أن يلفظ أي تنظيم الأشخاص الفاسدين فيه« .
ولكنه شدد على أن حديثه السابق لا يعني أن كافة من تم إقصاؤهم سواء قصداً أو عن غير قصد هم فاسدون، مضيفاً: »أنا لا استبعد أن يكون هناك مستبعدون بسبب مواقف شخصية أيضاً. كل شيء وارد فحركة فتح حركة كبيرة ولا يمكن أن تخلو أي حركة في مثل هذا الحجم من أي مشكلات داخلية« .
ونفى زكي أن يكون تأخر عقد المؤتمر مرتبطاً بالخلافات الداخلية للحركة، وقال: «تأخر عقد المؤتمر السابع الذي كان من المفترض عقده في آب/أغسطس 2014، كان بسبب ظروف طارئة مثل الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على غزّة عام 2014، وفشل الحركة على مدار السنوات الماضية في إنجاز انتخابات الأقاليم لحركة فتح في قطاع غزّة».
وأعرب عن تفاؤله حيال المؤتمر السابع ونتائجه، مؤكداً أنه سيعيد ترتيب الكثير من الأمور العالقة داخل الحركة.
وأضاف زكي: »من المتوقع أن يدفع المؤتمر بوجوه شابة إلى مراكز القيادة، وهذا سينعكس على أداء الحركة في المستقبل في مواجهة كافة التحديات وتحقيق التطلعات« ، مشدداً في الوقت ذاته من أن قضية المصالحة مع القيادي المفصول داخل حركة فتح لن تكون ضمن جدول المؤتمر على الإطلاق.
تعزيز الخلافات
من ناحيته، أكد المحلل السياسي عبد الستار قاسم، أن الإجراءات التي يتخذها الرئيس عباس قبيل انطلاق المؤتمر السابع، ترسم طبيعة وملامح النتائج المتوقعة من هذا المؤتمر، مشيراً إلى أن المؤتمر سيعزز من الخلافات داخل حركة فتح، وجاء لشرعنة كافة الإجراءات السابقة التي اتخذت ضد قيادات فتحاوية سابقة.
وقال قاسم لـ »الاستقلال« : »عندما نرى عباس وهو يفصل قيادات فتحاوية، ويقصي آخرين، ويقطع الأموال عن بعض الموظفين، ويقيل ضباطاً في السلطة، فنحن نعلم علم اليقين أن نتائج هذا المؤتمر ستكون محبطة ووخيمة« .
وأوضح أن عباس يدير معركته مع القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان بـ »جنون« ، وأضاف: »هو (عباس) متخبط ومشتت الذهن، لا يعرف كيف يدير الوضع المتأزم الذي يعيشه، هو قاد الحركة إلى الهلاك والدمار، ويتعامل مع دعوات إصلاحها باستهتار كبير« .
وبيّن قاسم أن عباس أراد عقد المؤتمر السابع هذا الوقت رغم عدم انعقاده منذ عام 2014 موعد استحقاقه، من أجل أن يظهر إلى الدول العربية مثل مصر والأردن التي تدفع باتجاه مصالحة بين عباس ودحلان، أن الحركة هي التي ترفض هذه المصالحة وليس هو شخصياً.
وتابع: »لذلك اعتقد أن المؤتمر جاء لرسم خطوط سياسية يريدها عباس شخصياً، وليس لمصلحة حركة فتح، وهذا يصب في إطار العمل الفردي الذي ينتهجه عباس في التحكم بكل مؤسسات الحركة وبمنظمة التحرير وبمؤسسة الرئاسة وغيرها"، مشدداً على أن هذه الحالة ستقود الحالة الفلسطينية بعد رحيله إلى انفلات سياسي كبير.