خبر مستوطنة عمونا: جدل لتبييض البرتقالة بعدما سرقوا البيارة

الساعة 05:54 ص|20 نوفمبر 2016

فلسطين اليوم

هل تفكك البؤرة الاستيطانية عمونا بعد تشريع برلمان إسرائيل قانونا لتبييضها رغم قرار محكمة العدل العليا فيها بهدمها؟ سؤال يشغل الإسرائيليين هذه الأيام وينبغي ألا يشغل الفلسطينيين فهو ينطوي على محاولة تضليل لهم وللعالم وكأن هناك استيطانا شرعيا واستيطانا غير شرعي مع العلم أنه سطو مسلح في كلا الحالتين.

 ربما هناك فارق واحد أن الأول يتم في النهار والثاني تحت غطاء عتمة الليل أو هو الفارق بين السطو المسلح دفعة واحدة وبين سطو بالتقسيط. تنتشر في الضفة الغربية اليوم نحو 131 مستوطنة رسمية أقامتها حكومة الاحتلال و97 مستوطنة غير قانونية (نقاط عشوائية دون موافقة الحكومة) يسكن فيها نحو نصف مليون مستوطن(200 ألف منهم في القدس الشرقية وضواحيها) هم 4 ٪ من الإسرائيليين ويشكلون 13٪ من مجمل سكان الضفة الغربية. وتدلل المعطيات أن حكومة إسرائيل غضت الطرف عن مستوطنات كثيرة مثيلا لعمونا وتم خلع ثوب «الشرعية» عليها لاحقا عملا بسياسية فرض الحقيقة على الأرض منذ 1967. وقبل أيام تم تمرير قانون تشريع البؤرة الاستيطانية، الذي يأتي لتشريع سلب الأراضي الفلسطينية القائمة عليها هذه البؤر وليس في عمونا فحسب استنادا لهذه السابقة التي اعتبرها حتى الوزير السابق عضو الكنيست عن «الليكود» بيني بيغن سلبا للأرض الفلسطينية الخاصة.

ويظهر في صيغ القانون أنه يسري بشكل تراجعي، على البؤر غير القانونية القائمة، مثل عمونا، التي قررت المحكمة العليا إخلاءها حتى الشهر المقبل. وتدعي عضو الكنيست شولي معلم «البيت اليهودي» والتي كانت من بين المبادرين إلى القانون بأنه لا يمس في المحكمة العليا. وتتابع في محاولة تسويغها الديماغوغي مشروع قوننة السلب والنهب «تعتبر عمونا غير قانونية ويجب هدمها. لأننا نحترم القرار فاننا نقوم بتنظيم وترتيب البؤر ونحن نستجيب لتوصية رئيسة المحكمة العليا ونغير القانون». كما زعمت معلم ان «القوانين الإسرائيلية لا تتناسب مع القانون الدولي وليست ملزمة به» وهذا ينبأ بتكرار تجربة عمونا على بقية البؤر الاستيطانية القائمة على أراض فلسطينية عامة وخاصة. وبلغة صريحة تقول معلم ما يفعله قادة إسرائيليون آخرون دون الحديث عنه «قانون التنظيم هو الطريقة المثلى التي تعلن حكومة إسرائيل من خلالها أن سكان مستوطنات الضفة الغربية ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية». ومشروع القانون هذا الذي يستغل انشغال العالم بحاله واكتفائه بضرائب شفوية مثلما يستغل حالة الانهيار العربية، هو ضربة لهيبة المحكمة العليا بشكل فظ ويبدو أن هذا أيضا يرد في سلة أهداف المستوطنين وذلك لأنها تعيق أحيانا مخططات السلب والنهب السافرة التي يقودونها.

وتجلى ذلك بقول زميلها في القائمة، بتسلئيل سموطريتش: «شخصيا انا أعتقد ان قرار المحكمة العليا غير صحيح. يمكن تنظيم عمونا أيضا بواسطة آليات قائمة في القانون الإسرائيلي، لكنني لست قاضيا وانا احترم قرارات وتفسيرات المحكمة. انا احتفظ لنفسي فقط بخلق وضع قانوني آخر يسمح للحكومة بتطبيق جدول أعمالها وفقا للقانون». يشار إلى ان مشروع القانون يتيح للمستوطنين الاقامة على أراض فلسطينية خاصة، مقابل دفع تعويض لأصحابها. وقال المستشار القانوني للحكومة مرارا بأنه لن يدافع عن هذا القانون أمام المحكمة العليا، لأنه يتعارض مع القانون الدولي. وبسبب فظاظة عملية السلب الاستيطانية هذه المرة تحذر أوساط معارضة من تبعاته ومن مخاطر استفزاز المجتمع الدولي لدرجة دفعه لتجاوز واقع التعامل مع إسرائيل بقفازات من حرير.

رئيس المعارضة النائب يتسحاق هرتسوغ يعتبره «قانون كابوس الكنيست» ويدعو لمعارضته في القرائتين الثانية والثالثة هذا الأسبوع. ويضيف في صفحته على فيسبوك «لم يحدث في تاريخ الدولة ان يقوم الكنيست بالتصويت بشكل يتعارض مطلقا مع قانون الدولة والقانون الدولي. هذا قانون يعترف بالسرقة والسلب». ويعترف النائب ايلان غلؤون «ميرتس» ان «قانون التنظيم يلائم دولة في العالم الثالث مما يتم كتابة القوانين فيها بشكل لاحق من أجل تشريع جرائمها».

وانتقد حزب «ميرتس» وزير المالية رئيس حزب «كلنا» موشيه كحلون لتراجعه عن معارضته القانون مقابل «تصريح» بأن هذا لا يمس بسلطة القانون والمحكمة. وذهبت رئيسة «ميرتس»، زهافا غالؤون، للقول إن حكومة لصوص تصادق على قانون يشرع السلب وتؤكد أن حزب «كلنا» قد «منح شرعية للألاعيب السياسية المنحطة والقذرة، وسمح بالمراوغة التي لا يمكن الصفح عنها، أمام المحكمة العليا». يشار إلى ان رئيس البيت اليهودي نفتالي بينت وزميلته اييلت شكيد، يكرران تهديدهما انه إذا لم يتم التصويت على القانون فان كتلة البيت اليهودي لن تدعم مشروع قانون سيقدمه الائتلاف خلال الأيام القريبة (قانون التسويات المالية). وحسب مصدر في الحزب، فان «بينت مصر على مواصلة الأمر حتى النهاية، لأنه بعد سنة من المماطلة لا توجد طريقة أخرى لإنقاذ آلاف البيوت في الضفة الغربية وليس في عمونا فحسب».

في المقابل يرجح بعض المراقبين والمسؤولين الإسرائيليين أن تمرير قانون تشريع البؤر الاستيطانية في القراءة التمهيدية لا يحل مشكلة بؤرة عمونا. وقال أحد المسؤولين لصحيفة «يديعوت أحرونوت» ان «هذا القانون هو مجرد ضريبة شفوية هدفها طمأنة المستوطنين». معتبرا انه لا يوجد لهذا القانون أي صلة بعمونا، لأنه «لا يوجد في إسرائيل أي قانون يسمح بقلب قرار قاطع اتخذته المحكمة العليا». كما اعترف رئيس الائتلاف الحكومي النائب بيتان، بأنه ليس متأكدا من ان هذا القانون سيصل للقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست. وقال: «سيتم إخلاء عمونا بدون أي صلة بقانون التنظيم. لا يمكن منع إخلاء عمونا».

بين هذا وذاك هناك امكانيتان: الأولى، شطب المادة السابعة من القانون الخاص بمنع إخلاء عمونا، رغم قرار المحكمة العليا، كتسوية تتيح التصويت عليه ثانية. وإذا تم ذلك، فان النص النهائي للقانون لن يشمل عمونا. أما الامكانية الثانية فهي ان تحويل القانون إلى لجنة الخارجية والأمن هدفه «دفنه» ومنع إعادته إلى جدول الأعمال خلال الفترة القريبة وذلك بعد انتهاء جولة المزاودات والمناورات الحزبية داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية طمعا بأصوات اليمين والمستوطنين. وربما تستند الإمكانية الثانية على ما قاله وزير الأمن أفيغدور ليبرمان بأنه على إسرائيل تحاشي البناء الاستيطاني إلا في الكتل الاستيطانية الكبرى كي تتمكن من انتزاع توافق ومباركة الإدارة الأمريكية الجديدة. في كل الأحوال يبقى مشروع قانون عمونا كوعد بلفور من قبل 99 عاما منحا ممن لا يملك لمن لا يستحق فالحديث يدور عن أرض فلسطينية محتلة يحظر القانون الدولي أيضا تغيير معالمها والاستيطان على ترابها.

كلمات دلالية