بقلم: ألوف بن
(المضمون: مثلما انتصر نتنياهو في السنة الماضي، انتصر ترامب في الانتخابات الامريكية لأنه استطاع أن يكون حاضرا بشكل يومي في الاعلام، وأن يروي القصة، حتى لو كان الامر يُظهره بشكل سلبي - المصدر).
انتصر دونالد ترامب في الانتخابات لأن القصة التي رواها للناخبين كانت مقنعة ومؤثرة، ولم يكن لخصمته كلينتون ما تقوله. على مدى الحملة تركز الاهتمام الاعلامي على ما قاله أو فعله المرشح الجمهوري. والمرشحة الديمقراطية حظيت بالتركيز فقط في السياق السلبي حول التحقيق الجنائي والمشكلات الصحية.
السياسة هي قبل كل شيء فن القصة والصورة، وليس صياغة الوثائق السياسية، التي كما يبدو تفوقت فيها كلينتون. هذا هو الفرق بين القيادة كما يراها معظم الجمهور وبين الادارة البيروقراطية للدولة التي يستطيع الموظفون المهنيون القيام بها. لقد كذب وكذب وكذب ترامب، لكن الاكاذيب لم تضر به. لأنه يعبر منذ عشرات السنين عن الحلم الامريكي بالغنى والانتشار، الامر الذي يمنح صاحبه حرية قول وفعل ما يخطر بباله والنوم مع من يريد. الناخبون الذين تربوا على هذه الصور في كتب التاريخ الامريكي والسينما والتلفاز تعلقوا بنجم الواقع والبطل وشخصية توم كروز والشخص الذي ينتصر رغم كل العقبات.
في المقابل، فان قصة كلينتون كانت « المزيد من الشيء نفسه »، مؤسسة متعبة تريد الانتصار على نفسها. يمكن ادارة دولة بهذا الشكل، لكن لا يمكن تحريك مشاعر المصوتين. وخلافا لخصمها ترامب أو زوجها بيل (« سلام يا صديقي ») فان هيلاري كلينتون تجد صعوبة في السيطرة على الرسالة المؤثرة. التجديد الذي مثلته كلينتون هو ترشح امرأة للرئاسة، وهذا لم يكن
مؤثرا بما يكفي، بل ايضا هو كشف عن المجتمع الامريكي المحافظ. اضافة الى ذلك فقد ظهرت كلينتون على أنها من بقايا مرحلة مختلفة.
السياسة تنتمي اليوم الى الاطراف. « الوسط »، الفتيات والفتيان الذين يخلصون لرسائل مستشاريهم الذين يحاولون التصالح مع الجميع. لا توجد نسبة مشاهدة. الشبكات الاجتماعية التي يدور فيها الحوار الجماهيري تحب من يُغضب. هذه الظاهرة ليست جديدة – هذا بالضبط ما جعل براك اوباما السناتور الشاب غير المعروف ممثل الاقليات مع رسالة ليبرالية حاسمة، ينتصر على كلينتون في الانتخابات التمهيدية في 2008، وانتصاران في الانتخابات الرئاسية أمام مرشحين جمهوريين معتدلين.
لا يجب أن يفاجأ الاسرائيليون من النتيجة في امريكا: لقد مررنا في ذلك في السنة الماضية حيث كان اسحق هرتسوغ مرشحا محافظا ومعتدلا، ولم يقل أي شيء، وخسر لصالح بنيامين نتنياهو الذي قام بنشر قصص الكارثة والمطاردة الاعلامية والعنصرية ضد المواطنين العرب. انجازات نتنياهو وترامب تؤكد على أن السؤال في الحملة ليس الكذب أو عدمه، بل متى، وأن الاستطلاعات تجد صعوبة في تفسير تصويت المحيط الاجتماعي الذي يحسم الانتخابات وأن المرشح يجب أن يسيطر على البرنامج اليومي الاعلامي – حتى لو كان ما يقال عنه سلبيا.
الآن يبدو أن نتنياهو يستعد للانتخابات التي قد تحدث في السنة القادمة، حيث سيؤجج أكثر حربه ضد « اليسار المتطرف » الوهمي و« وسائل الاعلام ». ردوده العنيفة على تحقيقات غيدي فايتس وناتي توكر في ملحق « هآرتس » وايلانا ديان في برنامج « عوفدا » تشير الى وجود هذا الخط. « العرب المتدفقون » من الانتخابات السابقة ستبدو بسيطة مقارنة مع الحملة القادمة لليكود. انتصار ترامب وسقوط وسائل الاعلام الممأسسة والاستطلاعات في امريكا هي مثل اسرائيل في العام الماضي، وستزيد من ثقة رئيس الحكومة في طريقه لولاية خامسة. ونتنياهو ليس وحده، ايضا اللاعبون السياسيون الآخرون يتصرفون وكأنهم في حملة – نفتالي بينيت، موشيه كحلون، ايمن عودة ويئير لبيد، جميعهم ينشغلون في صياغة القصص التي سينشرونها في الحملة.
ورغم ذلك، انتصار ترامب يحمل في ثناياه رسالة هامة لمن يريدون تغيير نتنياهو: كونوا أكثر تطرفا وأكثر زعرنة منه. ليكود لايت، مثل هرتسوغ أو لبيد، لن ينجح أبدا. فقط قصة قوية ومتطرفة من اليسار يمكنها الانتصار على القصة المتطرفة لنتنياهو من اليمين. هكذا بالضبط انتصر اهود باراك في العام 1999 والآن ايضا رغم مسافة التقاعد والصحراء السياسية، فان باراك هو
الوحيد الذي يمكنه منافسة رئيس الحكومة اعلاميا دون قفازات الاستقامة السياسية لقادة « اليسار – وسط ». أو كما علمني المحاضر الافضل في دروس ادارة الاعمال، البروفيسور روني عوفر: اذا أردت أن يستمعوا اليك، فكن شخصيا ومبالغا – وهذا بالضبط ما فعله دونالد ترامب.