بقلم: جدعون ليفي
(المضمون: القوات الامنية الاسرائيلية تقوم بالاقتحامات الليلية حيث تبلغ هذه الاقتحامات 14 اقتحام بالمعدل في الليلة، الامر الذي يتسبب بالرعب والاهانة في منازل الفلسطينيين - المصدر).
كيف تُسمى الشرطة التي تخطف قواتها كل ليلة سكان من أسرتهم؟ كيف تُسمى الاعتقالات الجماعية بدون أمر من المحكمة؟ كيف يمكن تسمية التفتيشات الفظة في المنازل في منتصف الليل، بعضها بدون أي هدف اثناء تدريب القوات؟ كيف نُسمي هذه الاعمال التي يقوم بها الجيش وحرس الحدود و« الشباك » في كل ليلة؟ وكيف نُسمي الدولة التي يعملون باسمها – ديمقراطية؟ الوحيدة في الشرق الاوسط؟ هل تذكرون أنظمة امريكا اللاتينية وتتزعزعون من تركيا – اليكم الاحتلال الاسرائيلي في الضفة، ليلة وراء ليلة، على بعد ساعة سفر من منازلكم.
ينشر الجيش كل صباح في تويتر ما قام بعمله في الليل بتفاخر: « اعتقلت قواتنا الليلة مطلوبين مشبوهين بالارهاب الشعبي والاخلال بالنظام والعنف. وتم نقلهم الى التحقيق في الاجهزة الامنية ». مطلوبون، ارهاب شعبي واخلال بالنظام، الصيغة واحدة دون ذكر أسماء المخطوفين. مثل صياد يعرض في كل صباح غنائمه التي اصطادها في الليل، هذا هو حال الجيش الاسرائيلي. 23 معتقل في ليلة واحدة في الاسبوع الماضي، 14 في الاسبوع الذي سبقه، 10 و11 في الاسابيع التي سبقت ذلك. لا توجد ليلة بدون خطف. من هم؟ ما الذي فعلوه؟ من يهتم. جميعهم « ارهاب شعبي »، جميعهم في أيدي قوات الأمن.
« في هذه الليلة أغلقت قواتنا شقة سكنية ومخزن في نابلس تم استخدامها لتحضير العبوات الارهابية ». عبوات؟ شقة، مخزن؟ بأي صلاحية – نابلس هي منطقة أ، لكن من يدقق بالتفاصيل. « خلال عمل قواتنا في حتمار عصيون عثرت قواتنا على آلاف الشواقل التي استخدمت في تمويل العمليات الارهابية. وتم نقل الأدلة للقوات الامنية ». واحيانا: « قواتنا اعتقلت في حتمار افرايم مُخل بالنظام مشبوه بمشاركته باعمال عنف ضد قواتنا قبل شهرين، حيث قام بتسلق سيارة. وتم أخذه الى التحقيق ونُقل الى أيدي القوات الامنية ». تسلق على سيارة، هي يجب أن نضحك أم نبكي؟.
لا يوجد أي شيء مضحك في هذا العمل بالنسبة لمن يعرف طابعه. إنه يجعل مئات آلاف الناس يعيشون في حالة رعب متواصلة. الاولاد يبولون في أسرتهم، الآباء الذين يخافون اغماض عيونهم. الجنود يدخلون الى المنازل عن طريق تفجير البوابات. وقبل أن تفهم ما يحدث يكون.
عشرات المسلحين، واحيانا الملثمين ايضا، في بيتك، في غرف النوم وغرف الاولاد والمراحيض. هكذا يبدأ الكابوس، التفتيش والاعتقال دون اعطاء أي تفسير أو أمر قضائي.
أحيانا يتم اخراج أبناء البيت الى الشارع دون السماح لهم بتبديل ملابسهم. واحيانا يقومون بضرب الأب أمام أبنائه. وفي احيان كثيرة يحطمون الأثاث، وكل ذلك مصحوب بالاهانة والزعرنة. وفي الخارج ايضا يرشون الغاز على الجيران. هذه تجربة صادمة لكل انسان. وليس هناك أي فلسطيني لم يمر بها. ولا يوجد أي اسرائيلي يمكنه تخيلها. ذات مرة قضيت الليل في مخيم جنين للاجئين، وعندما اقتربت قوات الجيش الاسرائيلي من البيت الذي كنت فيه لفظت روحي تقريبا. وفي نهاية الامر لم يدخلوا الى البيت، لكن لحظات الرعب هذه لن أنساها. هكذا فقط يبدأ الكابوس. بعد ذلك يتم أخذ « المطلوب » وهو مقيد ومعصوب العينين الى التحقيق الذي لا يمكن معرفة نهايته. وقد يستمر ذلك لاسابيع ويشمل الاهانة والتعذيب، واحيانا بدون أساس. حوالي مليون فلسطيني تم اعتقالهم خلال سنوات الاحتلال. حوالي مليون.
وكالة الأنباء الفلسطينية « معاً » قالت في الاسبوع الماضي، بناء على تقرير الامم المتحدة، إنه بين 4 و17 تشرين الاول حدث 178 اقتحام ليلي من قبل الجيش الاسرائيلي، حوالي 14 اقتحام كل ليلة. هذه الايام هادئة نسبيا باستثناء ارهاب الافراد الذي لن يمنعه أي اقتحام. فتاة تريد الموت، لن يتم اعتقالها في الليل. والرعب الليلي قد يشجع الآخرين على تنفيذ عملية اخرى يائسة.
كل ليلة وأنتم نائمين. وبعد ذلك هناك اسرائيليون يتجرأون على القول – سواء بسبب جهلهم أو وقاحتهم – بأن الاحتلال قد انتهى. أو على الأقل، النقاش فيه يثير الملل لديهم.