خبر مبادرة د. رمضان شلح وهذا التفاعل الكبير لها... وجهة نظر شخصية.. د. أحمد يوسف

الساعة 10:35 ص|04 نوفمبر 2016

بقلم

عندما أطلق الأخ رمضان شلح؛ الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي،  مبادرته ذات النقاط العشر في احتفالية الحركة بمناسبة الذكرى 29 لانطلاقتها، تحركت أغلبية الفصائل لتأييدها، وذلك أنها جاءت في ظل أوضاع كارثية تمر بها قضيتنا الفلسطينية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية من ناحية، ونظراً لخلو الساحة من أية مبادرات جادة يمكن أن يشكل التوافق حولها مسرحاً لحوارات تبعث في شعبنا الأمل بفرج سياسي قريب من ناحية أخرى، وربما كان للزيارة الأخيرة (البروتوكولية) للرئيس أبو مازن للدوحة ولقائه بقيادة حركة حماس، وما خلفته من غصة وخيبة أمل قاتلة لدى الفصائل والشارع الفلسطيني تفسيراً آخر.

كان النائب محمد دحلان والتيار المناصر له في حركة فتح أول الداعمين لمبادرة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي!! وناشدت حركة حماس على لسان أحد ناطقيها مصر بالدعوة لعقد حوار وطني شامل لمناقشة مبادرة د. شلح، ولولا تحفظ التيار الرسمي (السلطة) لقلنا بأن المبادرة قد حظيت ولأول مرة على إجماع وطني، وذلك لعدة أسباب، منها: أولا؛ أنها جاءت من فصيل إسلامي، كانت له دائماً تحفظات أو رفض لمعظم المبادرات الوطنية، التي لا تنسجم مع طروحاته الجهادية في التحرير والعودة. ثانياً؛ أن مبادرة تأتي من قبل التيار المعروف بتشدده السياسي كحركة الجهاد الإسلامي، وتطرح أفكاراً تحقق هذا الإجماع النسبي وطنياً، فهذا معناه أننا قد اقتربنا من خط التوافق الوطني.

صحيح أن النقاط التي تضمنتها المبادرة تكامل بعضها البعض، وباستثناء البند الأول الذي نادى بإلغاء اتفاقية أوسلو، فليس هناك خلاف على باقي النقاط، والتي سبق لكل الفصائل أن نادت أو بادرت ببعضها أو كلها.

نعم؛ هناك معضلة في البند الأول؛ والمتعلق بإلغاء اتفاقية أوسلو، لأن الحالة الفلسطينية الرسمية القائمة كلها ترتزق من وراء هذا الاتفاق، وأن محاولة تجاوزه تعني أننا سنضع خيار العودة للفعل المقاوم بالشكل الذي كان قائماً قبل عام 1994، والاستعداد لدفع كل ما هو مطلوب من تضحيات، والعمل وفق رؤية وطنية توافقية، وصياغة واقع فلسطيني جديد، وهو أن يعمل « الواحد من أجل الكل، والكل من أجل الواحد »، وتنتهي لغة القبيلة أو الحزبية البغيضة التي شرذمت الساحة الفلسطينية بأعلامها وانطلاقاتها وشعاراتها، التي غطت على مشروعنا الوطني ومناسباتنا الوطنية وأضاعت علمنا ووجداننا الفلسطيني.

كما أن إلغاء الاتفاق يجب أن تسبقه وضع رؤية لكيفية معالجة الكثير من الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، التي هي قائمة بكلياتها عليه، من حيث الشرعية والدعم المالي.

في الحقيقة، هناك من تحدث عن هذا البند، وقدَّم شرحاً يقلل من مخاوف من تحفظوا عليه في مبادرة الأمين العام، حيث أشار الأستاذ حسن عصفور؛ أحد مهندسي هذا الاتفاق قبل عقدين من الزمان، في مقال له بعنوان (مبادرة د. شلح.. انطلاقة سياسية واجبة!)، قائلاً: « من حيث النص، وبعيداً عن اللغة - المصطلح الذي يحكم حديث قائد الجهاد بحكم مسؤوليته التنظيمية وثقافته الفكرية الإسلامية، فإن نص المبادرة، تعامل مع جوهر البرنامج المفترض أن يكون، مع بعض »ثغرات« تستوجب أخذها، خاصة وأن د. شلح، لم يدع الكمال السياسي فيما عرض، ولا »نصاً مقدساً، بل هي « مبادرة تمثل انطلاقة لحراك سياسي وطني فلسطيني خارج قطبية الانقسام.. فالدعوة لإلغاء اتفاق أوسلو، ومع تعديل للنص اللغوي، واستبداله بوقف العمل به، واعتباره منتهي الصلاحية نصاً وزمناً، تكون هذه المسألة الجوهرية التي يجب بناء المشروع الوطني القادم عليها، وهي تترابط بمسألة، سحب الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير ودولة الكيان، والذي لم يعد له وجود »إسرائيلي« ، فدولة الكيان ألغت الاعتراف بمنظمة التحرير منذ زمن نتنياهو الأول بعد 1996. لذا، الواقع يفرض ذلك.. لكن البديل هنا، الذي لم يشير له د. شلح، هو استبدال الاعتراف بين المنظمة والكيان بـاعتراف بين دولة فلسطين والكيان، والمسألة هنا ليست شكلية ولا خلافاً في اللغة، بل هو جوهر سياسي هام. وأضاف: يجب »المطالبة بوقف العمل باتفاق أوسلو والاعتراف المتبادل بين منظمة وكيان، يجب أن يكون المسألة المركزية لأي حوار وطني حقيقي، كونه المدخل الضرورة نحو صياغة مشروع وطني تحرري فلسطيني شامل في مواجهة مشروع تهويدي عنصري احتلالي..« .

من وجهة نظري، أن نقاط المبادرة التسع الأخرى هي محل إجماع الكل الوطني والإسلامي، وهي بالتالي ما يمكن أن يتحقق معها »لقاء الاتفاق« للتفاهم والحوار بخصوص المشروع الوطني الفلسطيني، والذي إذا تمَّ وتحصلت معه الرؤية الوطنية الجامعة، يمكن أن نصل إلى »لقاء التوافق" حول الموقف من اتفاق أوسلو، وبالتالي التبني الكامل لرؤية وطنية توافقية جامعة، تكون بمثابة الطبعة المعدلة للمشروع الوطني الفلسطيني بصيغته التي يمكن عليها نحقق الإجماع الوطني والإسلامي للمرة الأولى في مسيرتنا النضالية، بهدف تحقيق حلم شعبنا في التحرير والعودة.

كلمات دلالية