خبر الانتخابات الأميركية والصمت « الإسرائيلي » الأكبر!

الساعة 07:13 ص|02 نوفمبر 2016

فلسطين اليوم

حلمي موسى 

لم يسبق لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أو لأحزاب اليمين في إسرائيل أن التزموا الصمت وضبط النفس إزاء الانتخابات الأميركية كما يفعلون اليوم، فميول اليمين تجاه الجمهوريين كانت واضحة ولا تحتاج إلى إثبات، وكثيراً ما قادت ليس فقط إلى توتير العلاقات مع الإدارة الأميركية ورئيسها الديموقراطي، وإنما أيضاً إلى إثارة النزاع داخل الطائفة اليهودية نفسها. فاليهود في أميركا عملوا في الغالب لصالح الديموقراطيين، رغم أن كثيرين منهم أقاموا صلات نافذة مع الجمهوريين أيضاً.

وخلافاً لما اتخذه نتنياهو في الدورتين الأخيرتين للانتخابات الرئاسية الأميركية من تحامل على المرشح الديموقراطي وتوافق مع المرشح الجمهوري، اختار هذه المرة الوقوف على مسافة واحدة تقريباً من المرشحين، ومن الجائز أن سبب ذلك يعود أساساً إلى واقع أن المرشحين دونالد ترامب وهيلاري كلينتون ليسا تماماً على مزاج إسرائيل، فنتنياهو يرى في كلينتون استمراراً للسياسة التي أبدى مقته منها والتي مارسها الرئيس الديموقراطي باراك أوباما.

وفي المقابل، فإن تأييد ترامب، الذي ينظر إليه عالمياً على أنه شخص متهوّر وينظر إليه يهودياً على أنه من مدرسة اللاساميين الذي قد ينقلب في كل لحظة على إسرائيل وعلى اليهود على حد سواء.

وربما لهذا السبب، اختار نتنياهو التقاء المرشحين الجمهوري والديموقراطي على هامش زيارته لنيويورك لحضور الجمعية العمومية للأمم المتحدة أواخر شهر أيلول الماضي.

ومعروف أن إسرائيل والموقف منها يشكّل على الدوام جانباً من الجهد الانتخابي، إلا أن انشغال الأميركيين هذه المرة أكثر من أي وقت آخر بهمومهم ومشاكلهم وطبيعة مرشحيهم، جعل إسرائيل في مكان أبعد من أي وقت مضى، على الأقل في العقود الأخيرة، عن مركز الاهتمام. وقد لعب في ذلك دوراً لواقع فشل نتنياهو في تجنيد الكونغرس للوقوف ضد الرئيس أوباما بشأن الاتفاق النووي مع إيران. إذ بينت له تلك المسألة أن الرهان طوال الوقت على دعم الجمهوريين حتى ضد الرئيس أمر لا يمكن الركون إليه دوماً.

ومع ذلك، يمكن القول إن المرشح الجمهوري الراغب في تقمّص الطريقة الإسرائيلية في ميادين عدّة، كان أكثر ميلاً لإعلان تقرّبه من حكومة إسرائيل، فهو الراغب في إنشاء جدار فاصل مع المكسيك ولا يتورع عن الإشادة بجدار الفصل العنصري الإسرائيلي وإسرائيل في نظره نموذج لأشياء كثيرة يرغب في تحقيقها بينها طبيعتها العنصرية الرافضة لغير اليهود والتي تتماشى مع منطق ترامب العنصري الراغب في إغلاق أميركا أمام المسلمين، وهو الذي أعلن أن دعم أميركا لإسرائيل «صفقة جيدة لأميركا» وأنها استثمار جيد.

كذلك، فإن ترامب هو من أعلن أنه سيعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل إذا فاز في الانتخابات، لكنه لم يكن الوحيد، وتقريباً منذ 40 عاماً وأغلب المرشحين للرئاسة الأميركية ابتداء من جيرالد فورد وصولاً إلى باراك أوباما يعلنون أنهم سينقلون السفارة من تل أبيب إلى القدس، لكن السفارة لم تتزحزح عن مكانها.

على أي حال، لا يبدو أن ترامب هو خيار الإسرائيليين وبالتأكيد ليس خيار يهود أميركا. وكما سلف، فإن الأغلبية الساحقة من يهود أميركا تقف خلف كلينتون ليس بوصفها مثالاً أعلى لهم وإنما لأنها أهون الشرّين. وقد أشارت استطلاعات كثيرة إلى أن الإسرائيليين الذين يعيشون في أميركا منقسمون جداً حول ترامب، حيث يعيش في فلوريدا وحدها ما لا يقل عن 100 ألف إسرائيلي ذوي ميول جمهورية بسبب مواقف حكومة إسرائيل من أوباما. ولفلوريدا أهمية كبيرة بسبب عدد مندوبيها في الهيئة الناخبة للرئيس.

تجدر الإشارة إلى أن لترامب تأييد واسع نسبياً بين اليهود الأميركيين المقيمين في إسرائيل والذين ينظمون بين حين وآخر مهرجانات تأييد له ويجمعون التبرعات من أجله. وكان ترامب قد أعلن في رسالة وجهها لأنصاره في إسرائيل أنه سيعمل على جعل كل من إسرائيل وأميركا أكثر أمناً.

ومن المعلوم أن تقريراً صدر لـ «الرابطة ضد التشهير»، وهي منظمة يهودية أميركية، أشار إلى ارتفاع كبير في التصريحات المناهضة للسامية على شبكات التواصل الاجتماعي. وقال التقرير إن قسماً لا بأس به من هذه التغريدات المعادية للسامية يقف خلفها أنصار المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وفي كل حال رأى معلقون إسرائيليون أن العداء لليهود ودعم إسرائيل يسيران بشكل متواز.

ولا تبدو هيلاري كلينتون قريبة من تصورات ترامب، على الأقل لأنه سبق لها أن خدمت كوزيرة لخارجية بلادها وأدركت مواضع المصلحة وحدود القوة في التعامل مع الآخرين. ولا شك أنها، وبعد أن استوعبت الحاجة إلى مواقف معينة ضد المستوطنات، لم تطلق مواقف يمكنها أن تندم عليها لاحقا. وعمدت كلينتون إلى عدم الظهور معادية لإسرائيل خصوصا أنها تعرف مكانتها في الاستراتيجية الأميركية. ولهذا السبب أعلنت فقط أنها ترفض أي محاولة لفرض تسوية على إسرائيل. وجاء موقفها هذا بناء على توصية داعميها الصهاينة ممن رأوا أهمية أن تميّز نفسها عن أوباما وأن تقلل مخاوف إسرائيل من خطوات أميركية في الأمم المتحدة.

وهناك إجماع بين المعلقين الإسرائيليين حول أن نتنياهو حرص على السير فوق البيض كي لا يبدو منحازاً لأي من المرشحين. ويشير بعضهم إلى أن وعي نتنياهو اكتوى من آثار انحيازه للمرشح الجمهوري ميت رومني. وكان واضحاً أن إنشاء علاقة مع المرشحين يفيد صورة إسرائيل. وعدا ذلك هناك اعتقاد بأن 80 في المئة من يهود أميركا يؤيدون كلينتون وأن الأغلبية الساحقة منهم تخاف من وصول ترامب للبيت الأبيض ومن الأجواء التي يخلقها فوزه.

كلمات دلالية