سلطت صحيفة أردنية اليوم الثلاثاء الضوء على معاملة حكومة بلادها للفلسطينيين من قطاع غزة المقيمين في الأردن، وسياساتها في التضييق عليهم.
وأفردت صحيفة الغد الأردنية في عددها اليوم هذا الموضوع مساحةً واسعة من خلال تقرير مطوّل عن القضية بالإضافة لمقال للكاتب الصحفي الأردني الشهير فهد الخيطان.
وجاء التقرير اثر مشكلة عمل أبناء غزة في المهن المغلقة، لتصيب بسهامها هذه المرة المعلمين، مع صدور قرار وزارة التربية والتعليم بمنعهم من العمل في المدارس الخاصة، استنادا إلى قرار كانت أصدرته الوزارة في آب (أغسطس) الماضي، وجمدته حينها، لكنها عادت مؤخرا لتطالب بتطبيقه.
وقالت الصحيفة:« يثير القرار مسألة عدم وجود سياسة واضحة مكتوبة في التعامل مع الفلسطينيين من حملة الجوازات المؤقتة وأبناء غزة المقيمين منذ عقود في الأردن، حيث ساد العرف على معاملتهم معاملة الأردنيين وتمكينهم من كافة الخدمات والحقوق، بما فيها العمل في سائر المجالات، بما في ذلك المهن المغلقة على العمالة المهاجرة ».
لكن عدم وجود قرار رسمي واضح مكتوب في ما يخص عمل الغزيين في المهن المغلقة، ترك المجال مفتوحا للمزاجية في التعامل مع هذا الملف.
ودعا مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض، إلى ضرورة الرجوع عن هذا القرار نظرا لنتائجه « الكارثية »، لافتا إلى أن « مئات الغزيين سيفقدون أعمالهم بسبب هذا القرار »، مطالبا بإيجاد قرار مكتوب يوضح آلية التعامل مع هذا الملف، على أن يمر القرار في القنوات التشريعية.
يذكر أن قرار منع المعلمين الغزيين من العمل في المدارس الخاصة، جاء استجابة لقرار وزارة العمل الذي أصدرته مع بداية العام الحالي، ووافقت عليه رئاسة الوزراء، واستجابت له وزارة التربية والتعليم في آب « أغسطس » الماضي.
ويقضي القرار بإجبار حملة الجوازات المؤقتة وأبناء غزة على استصدار تصاريح عمل ودفع رسوم استخراج هذه التصاريح، ما يعني معاملتهم كمعاملة العمال المهاجرين دون النظر إلى اختلاف أوضاعهم.
ويقول تقرير سبق وأصدره مركز الفينيق بعنوان « ظروف عمل الفلسطينين في الأردن »، إن « أبناء غزة يحتكمون إلى قيود وضوابط قانونية تحدد عملهم وتعليمهم، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين صفوفهم ».
ويتابع: « نتيجة لذلك؛ يضطر أبناء غزة للعمل بدون ترخيص، بما يجعلهم عرضة لابتزاز أصحاب العمل من ناحية تحديد الراتب الذي يقبلون به مهما كانت قيمته الضئيلة، عدا الامتيازات الوظيفية التي يحرمون منها.
معاملة لا تليق بأشقاء
وفي هذا الصدد يقول الكاتب الصحفي فهد الخيطان: » لقد حوّلت الفرمانات الحكومية المتواترة بهذا الخصوص حياة الغزيين إلى جحيم، وحكمت على عشرات الآلاف منهم بالوقوع قسرا في دائرة الفقر والعوز، وطلب معونة لا يجدونها أصلا« .
ويضيف الخيطان: » ليس ثمة سبب يمنع معاملة أبناء قطاع غزة معاملة اللاجئين الفلسطينيين ممن لا يتمتعون بحقوق سياسية؛ المنافسة على فرص العمل في السوق، والمقاعد الجامعية، وحق تملك العقارات والأراضي. إن من يدقق في حال سوق العمل سيكتشف أن للاجئين السوريين حقوقا مضمونة دوليا في الأردن، أكثر من أبناء قطاع غزة المتواجدين بيننا منذ نصف قرن« .
وزاد: » هذا ليس عدلا أبدا، ولا يعقل أن ننتهك حقوق فئة واسعة في مجتمعنا لمجرد أنها لا تحوز على حقوق المواطنة الكاملة« .
وتساءل مستنكراً: » كيف نمنح طالباً من أبناء قطاع غزة مكرمة ملكية لدراسة الصيدلة في جامعاتنا، وبعد التخرج نمنعه من العمل؟ أي منطق في هذا السلوك المتناقض؟ ولماذا نحرم مؤسساتنا الصحية من أطباء أكفاء، فقط لأنهم غزيون، ونقبل بسد النقص بأطباء من الأشقاء العراقيين وسواهم؟« .
واعتبر الخيطان أن هذه معاملة جائرة، وغير لائقة بحق أشقاء قضوا كل حياتهم معنا على أمل العودة يوما إلى وطنهم التاريخي.
عريضة
وأكد الخيطان أن على طاولة كبار المسؤولين في الدولة والحكومة حاليا، عريضة مفصلة، تشرح هموم الأشقاء، وتقترح جملة من الإجراءات الملحة لإنصافهم، معرباً عن أمله من رئيس الوزراء، أن ينظر فيها سريعا، مستدركاً: » لكن أهم خطوة ينبغي اتخاذها، لوقف مسلسل المعاناة، هي استثناء الغزيين من تعليمات تنظيم الأجانب والعمال الوافدين، وإعادة العاملين في قطاع التعليم الخاص إلى عملهم على الفور".