خبر مبادرة الجهاد الإسلامي..إلغاء اتفاقيات أوسلو والعودة إلى فلسطين

الساعة 07:04 ص|01 نوفمبر 2016

فلسطين اليوم

راغدة عسيران

أثارت مبادرة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في الذكرى الـ 29 لانطلاقتها الجهادية، حراكاً واسعاً في الأوساط الفلسطينية والعربية، بين داعمين ومنتقدين لهذه المبادرة، التي حدّدت عشر نقاط للخروج من الأزمة الداخلية وإعادة فلسطين إلى مكانتها في قلب الأمة والعالم، وكيفية تعزيز الانتفاضة ومقاومة كيان العدو؛ وهي نقاط متجانسة ومتكاملة ومرتبة حسب الأولويات.  ولكن اختار البعض ما يناسبه ويناسب خطه السياسي وترك ما يزعجه، في حين وضع آخرون نقاطاً تعنيهم وتدعم خطهم في المقدمة لنفي النقاط الأخرى.

هذا ما حصل تحديداً عندما ركز البعض على الوحدة الوطنية (البند الخامس) والحوار الضروري لصياغة برنامج وطني (البند العاشر)، دون إعادة النظر باتفاقيات أوسلو (البند الأول) رغم تأكيد البند الخاص بالوحدة الوطنية على ضرورة التحلل من اتفاقيات أوسلو، وإعادة النظر في اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان الصهيوني (البند الثاني) وإعادة بناء هذه المنظمة لتضم الكل الفلسطيني، وعلى أساس وطني.  اعتبر البعض أن اتفاقيات أوسلو، التي تعتبر أهم أسباب الانقسام في الساحة الفلسطينية « أرضاً وشعباً »، والاعتراف بالكيان الصهيوني من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، من ثوابتهم.  فأكدوا على أنه لا مجال للعودة « إلى الوراء »، ويرون « إيجابيات » اتفاقيات أوسلو بالمؤسسات التي أقيمت ورواتب الموظفين، وعودة « العائدين »، بضعة آلاف من الفلسطينيين الذين تمكّنوا من العودة، لا إلى أرضهم وبلداتهم الأصلية، بل إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يتحكّم الكيان الصهيوني بكل مفاصل حياتهم، كما يتحكّم بالمؤسسات « الوطنية » وبتمويلها الدولي وبرواتب الموظفين، الضائعة بين التهديدات الصهيونية والابتزاز الدولي وفساد أجهزة السلطة. أين يجدون استقلالية « الدولة الموعودة » عندما ترفض دولة غربية دفع مستحقاتها « الأوسلوية » بسبب مساعدة السلطة لعائلات الأسرى؟  وأين هي هذه المصالح التي يتمسكون بها في الوقت الذي تسرق فيه الأرض من تحت أقدامهم، ليس شبراً شبراً بل بالدونمات وعشرات الدونمات، ويهدم ما تم بناؤه بدعم المجتمع الدولي، الذي يكتفي بتصريحات لا فائدة لها؟  يتمسكون باتفاقيات لم تجلب إلا الكوارث على الشعب الفلسطيني، في الأراضي المحتلة عام 1948 وبقية المناطق المحتلة، وفي اللجوء حيث عاد « عائدون » على حساب الملايين من اللاجئين، واختزلت عودة اللاجئين الى فلسطين المحررة بـ« حق » يطالبون به من وقت لآخر، لرفع العتب والبحث عن مخارج أخرى لضمان حياة « كريمة » للاجئين خارج الأرض الفلسطينية، أو بحشرهم، مثل « العائدين » في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث سيتمكنون بين الحين والآخر من زيارة أرضهم وبيوتهم التي احتلها المستوطنون وتأليف الكتب للتعبير عن مشاعرهم.

وفي الوقت ذاته، يدعون الى الوحدة الوطنية وإلى الانخراط في منظمة التحرير الفلسطينية، وينفرون من كلمة « إعادة بناء »، وذلك لأن دعوتهم تعني أولاً إرغام كل القوى الرافضة لاتفاقيات أوسلو الدخول في مسارها والانضواء الكامل تحتها ومشاركتهم في بعض « مكاسبها »، مثل الديموقراطية الزائفة، حيث يلاحق كل من يفكّر بمقاومة العدو أو بتفعيل التضامن مع أهالي الشهداء والأسرى.

في المقابل، صرّح آخرون بأنهم يوافقون على المبادرة ولكن المشكلة ليست في اتفاقيات أوسلو بحد ذاتها بل في « فشلها »، ما يعني أنهم يؤيدون مبدأها وليس نتائجها، وكأنهم كانوا ينتظرون مساراً آخر لها، وهم الذين انخرطوا فيها وبتبعاتها الرافضة لمقاومة العدو بالسلاح، وبنوا مؤسساتهم وجمعياتهم مستفيدين من « الكرم » الغربي لمسار « أوسلو ».  كما رفضوا الدعوة الى إلغاء « المبادرة العربية » التي لا تتعارض مع خطهم، إذ بنوا طموحاتهم على مسار التسوية أولاً وعلى بناء الدولة والمؤسسات بقرار دولي ثانياً، وحجتهم لرفض إلغاء المبادرة العربية هي أن الصهاينة يطالبون أيضاً بإلغائها، وكأن الشعب الفلسطيني مضطر الى بناء استراتيجيته وفقاً لسياسة العدو ومؤيديه وليس وفقاً لحقه بوطنه، من النهر الى البحر.

ورحّب بعضهم بالنقاط العشر، من أولها الى آخرها، مع إضافة مسألة الانتخابات إلى بند الوحدة الوطنية والحوار، في حين أن النقطة الرابعة من مبادرة حركة الجهاد الإسلامي تؤكد على أننا في مرحلة تحرر وطني.  هل يمكن إجراء إنتخابات نزيهة تعبّر عن توجهات الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال أو الحصار؟  وماذا عن الشعب الفلسطيني في اللجوء والأراضي المحتلة عام 1948، حيث تؤكد النقطة السابعة في المبادرة رفض « اختزال فلسطين، أرضاً وشعباً » في الضفة الغربية وقطاع غزة؟  علماً أن الانتخابات في ظل الاحتلال تستدعي أيضاً مراقبة دولية، أي أنها تكريس لمسار أوسلو وليست خروجاً منه.  وهل ستتمكن اللوائح من الإفصاح عن خطها الرافض لوجود الكيان في تلك الانتخابات دون تدخّل أجهزة العدو؟  أسئلة كثيرة حول أوهام السلطة وإجراء الانتخابات تحت سقف أوسلو والاحتلال.

المبادرة التي طرحتها حركة الجهاد الإسلامي وحدة لا تتجزأ، والحوار الوطني الذي دعت إليه يسعى إلى الخروج من المأزق الحالي لتبنّي استراتيجية مقاومة و« تعزيز وتطوير انتفاضة القدس لتصبح انتفاضة شاملة وقادرة على هزيمة الاحتلال.. ».  خلال مناقشة المبادرة، خرجت أصوات ما زالت متوهمة حول « مكاسب » أو « إنجاح » اتفاقيات أوسلو وحول المواقف الدولية الداعمة لها ومعادية لحقوق الشعب الفلسطيني، رغم الكوارث التي وقعت على الشعب الفلسطيني منذ توقيعها. 

 

كلمات دلالية