خبر معركة الموصل تفتح شهية الإجرام الصهيوني

الساعة 09:57 ص|30 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم

مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية

المعركة الدائرة في مدينة الموصل العراقية من قبل قوات التحالف: الجيش العراقي والحشد الشعبي والقوات الكردية، بدعم عسكري غربي لتحريرها من سيطرة « داعش »؛ تثير شهية الإجرام الصهيوني في كيفية التعامل مع حركات المقاومة الفلسطينية، خصوصًا في المناطق المكتظة بالسكان المدنيين، ومعرفة طابع التكتيكات الذي يستخدمه « داعش » والخطط المضادة لقوات التحالف الدولي بغرض تحقيق أكبر قدر من الاستفادة في حال قررت دولة الاحتلال شن حروب مستقبلية على غزة أو لبنان، نظرًا لتشابه تكتيكات حركات المقاومة الفلسطينية وحزب الله مع تلك المستخدمة من قبل « داعش ».

عاموس هرئيل، محلل الشئون العسكرية لصحيفة « هآرتس »، كتب يقول « إلى أن يتم طرد داعش سيكون هناك المزيد من الدمار والقتلى في صفوف المدنيين، إضافة إلى الخسائر العسكرية في الطرفين، فضلًا عن آلاف اللاجئين والمشردين »، ويستعيد الكاتب ما جرى في مدينة أصغر « الرمادي »، ويعيد إلى الأذهان كلمات أطلقها ضابط أمريكي أثناء الحرب في فيتنام « من أجل إنقاذ الموصل هناك حاجة إلى تدميرها، فالمعركة تدور في منطقة مدنية مليئة بالأنفاق والمباني المفخخة والانتحاريين ».

ويضيف: « هكذا إلى درجة كبيرة ستبدو معارك المستقبل في الشرق الأوسط: احتكاك شديد في المناطق المأهولة، حيث ان السكان المدنيين سيعلقون بين الأطراف المتحاربة ويتحولون رغم إرادتهم إلى درع بشري ». ويواصل « دروس الموصل لها صلة بإسرائيل، التي ستتم حروبها القادمة - إذا نشبت - بالمناطق المكتظة في غزة وفي جنوب لبنان. وإن على ليبرمان، الذي طلب من الجيش الإسرائيلي تعديل الخطط التنفيذية من أجل احتلال غزة، متابعة ما يحدث في العراق، إلا أن القوى العظمى لديها أولويات غير موجودة لإسرائيل ».

في صحيفة « يديعوت »، وفي مقال افتتاحي للمحلل العسكري للصحيفة اليكس فيشمان بعنوان « الحرب القادمة بين داعش وحماس وليبرمان » كتب يقول « يمكن لنا أن نأمل في أن تكون عيون رجال الاستخبارات والعمليات الإسرائيليين مركزة على المعارك حول الموصل في العراق، إذ ان الموصل هي مثال لمدينة غزة: ميدان تجربة للتكنولوجيات، التكتيكات والسلاح الغربي حيال مقاومة جسم متزمت من مقاتلي العصابات، ممّن يقاتلون في سبيل حياتهم في منطقة مدينية كبيرة ومكتظة، فكيف يمكن لقوة ما أن تهزمهم وألا تبقى عالقة في الوحل لسنوات طويلة؟ ».

عندما يقول وزير الحرب لصحيفة « القدس » ان المواجهة التالية مع حماس ستكون الأخيرة؛ فإنه يتحدث عن تصفية الحكم في غزة. وخلف مثل هذا القول ينبغي أن تكون خطة عسكرية، وإلا فلا قيمة لها، فمن أجل إسقاط حماس يحتاج الجيش لأن يعرض خططًا لاحتلال مدينة غزة - القلب النابض للقطاع ولحماس - والبقاء فيها إلى حين تغيير الحكم، والموصل هي النموذج الواقعي للتعليم منه.

وبحسب الكاتب؛ صحيحٌ أن الجيش الإسرائيلي احتل من جديد مدنًا فلسطينية بالضفة عام 2002 في حملة « السور الواقي »، وراكم تجربة في القتال حيال منظمات شبه عسكرية وجهادية، ولكنه لم يواجه احتلال مدينة بحجم غزة، بينما يتمترس في داخلها آلاف من حملة السلاح المشحونين بالأيديولوجيا الجهادية، مع منظومات دفاعية أعدت على مدى سنين بموجب مفاهيم المقاومة القتالية التي يستخدمها « داعش » في الموصل. ففكرة المقاومة التي تتحدث عن التضحية الشاملة في الصراع ضد الكفار والمتعاونين معهم تطورت في إيران الخمينية، وسيطرت ليس فقط على الشيعة المتطرفين؛ بل وأيضًا على حركات سنية متطرفة مثل « داعش » وحماس.

ويستطرد « إن القتال البري الإسرائيلي في غزة في العقد الأخير تركز في هوامش المنطقة المدنية، وإن الجيش الإسرائيلي يعي بأن الأفخاخ الاستراتيجية ومناطق القتل التي تعدها حماس ليست بالذات الانفاق الهجومية، بل المدن الكبرى، ولا سيما المدن تحت الأرضية التي أقيمت أسفلها، ففي كل المواجهات الكبرى توقعت حماس بأن يدخل الجيش الإسرائيلي إلى المدن الكبرى، ولكن وزراء الحرب مثل باراك ويعلون، ورؤساء الاركان تحتهم، لم يسمحوا لهذا أن يحصل، رغم الضغوط السياسية ».

وفي مقاربة لما يمكن ان يحدث في حال قرر جيش الاحتلال اقتحام غزة، يقول فيشمان « ان الموصل تعيش منذ أشهر في الظلام، فسحابة سوداء من الدخان الأسود تغطيها بعد أن أحرق داعش آبار النفط كي يشوش على عمل الطائرات بدون طيار، وإن نهر دجلة وفروعه التي تشق الموصل أغرقت بالوقود الذي سيشعل مع دخول الجيش العراقي إلى المدينة. في غزة أيضًا يوجد مخزون من الوقود، وفي المعركة الأخيرة ستشعله حماس كي تصعب الأمر على سلاح الجو ».

ويواصل « في ضواحي الموصل اصطدمت القوات المقاتلة منذ الآن بالأنفاق على أنواعها المختلفة - من أنفاق للتفجير، للاختطاف وللهجوم، وحتى أنفاق الاقتراب لأغراض الاستخبارات - إلى جانب الانتحاريين، السيارات المفخخة، العبوات الجانبية، الألغام، التفعيل من بعيد والقناصة الذين يطلقون النار من المساجد. في الموصل يوجد نحو مليون نسمة، منهم 5 - 6 آلاف مقاتل من داعش. في غزة على 700 ألف سكانها يوجد اليوم أكثر من 10 آلاف مسلح، يوجد غير قليل من الشبه بين فكرة الدفاع لدى حماس في غزة وتلك لدى داعش في الموصل. في الحالتين المقصود هو إيقاع خسائر غير معقولة في الطرف المهاجم، وفي الحالتين نقاط الضعف فيهما هي في المواجهة مع السلاح الموجه الدقيق والهجمات الجوية ».

ويتابع « يستخدم الأمريكيون في جبهة الموصل قوات خاصة يفترض بها أن تعمل سرًا حيال نقاط ضعف داعش، وأن توفر للجيش العراقي وللقوات الكردية تغطية جوية ونارًا صاروخية دقيقة من الأرض، وبالتوازي، يستخدمون وسائل متطورة للغاية لمواجهة العوائق من خلال التنصت، أجهزة التحكم الآلي والقتال الالكتروني والنفسي، فإذا كان الجيش الإسرائيلي بالفعل يستعد لاحتلال غزة فإنه ملزم بأن يطلع بفاعلية على هذه الوسائل. لقد أعد الأمريكيون العراقيين لهذه المعركة لسنتين تقريبًا ولديهم الوقت. صحيحٌ أنهم كانوا يفضلون أن ينتهي احتلال الموصل عشية الانتخابات في الولايات المتحدة، ولكن هذا لن يحصل. لحم المدافع في القتال هي قوات البشمركة الكردية وألوية الجيش العراقي، وهذا يفعل كل الفرق بين غزة والموصل. ليس لدى إسرائيل أكراد وعراقيين ترسلهم إلى غزة، لحم المدافع هو لحمنا ».

ومع هذا يرى اليكس فيشمان ان يد إسرائيل ليست طليقة، « الساعة السياسية في الحرب التي تخوضها إسرائيل تعمل بسرعة أكبر (والدليل على ذلك هو عدم تحرك المجتمع الدولي تجاه المجزرة المستمرة التي تسببها طائرات روسيا والأسد في حلب). في حلب والموصل لن توقف صور الأطفال القتلى استمرار القصف، كما حدث في إسرائيل مرتين، في عملية عناقيد الغضب في قرية قانا عام 1996، وبعد عقد في حرب لبنان الثانية. الأمريكيون والروس لا يواجهون أيضًا تهديد الصواريخ والقذائف على سكانهم المدنيين أثناء الحرب ».

ومع أن هزيمة عسكرية كبيرة قد تلحق بالتنظيم في الموصل والرقة التي يستعد التحالف إلى اقتحامها؛ فإن الجيش الإسرائيلي - يقول فيشمان - يقلل من أهمية التهديد الحالي لـ « داعش » على إسرائيل « لأن العمل العسكري لأذرعه في الحدود الإسرائيلية، جنوب سوريا وسيناء، ليس موجهًا ضدنا ».

 

 

كلمات دلالية