خبر جدلية المصالحة داخلية أم وطنية.. بقلم د.أحمد الشقاقي

الساعة 07:41 ص|29 أكتوبر 2016

ترتفع وتيرة جهود المصالحة بعناوينها الداخلية والوطنية، ويسرى شعوراً عاماً لدى الجمهور بان هذه اللقاءات ذات سياق جدي هذه المرة، نظراً لتداخل عناوينها بين الترتيب الفصائلي التنظيمي الداخلي، وإعادة تنظيم المشهد الفلسطيني بين المكونات الوطنية وبالتحديد فتح وحماس.

الأولويات الوطنية تستدعي ذهاباً نحو مصالحة بين أركان الانقسام الداخلي، غير أن السياق الذي تذهب به محطة الدوحة يأتي في إطار المناورة الفصائلية، فأبو مازن يحاول استدراك تقارب تيار من فتح مع حماس التي تستغل هذه الفرصة لإعادة تموضعها بعد التغييرات الكبيرة التي أصابت المشهد الإقليمي.

الخارطة العربية التي تم الإعلان عنها بخصوص الملف الفلسطيني، ترسم مساراً ينطلق بالأساس من قاعدة المصالحة الفتحاوية الداخلية للوصول إلى المصالحة الوطنية، غير أن هذا التوجه العربي لاقى تجاوباً محدوداً من قبل الرئيس الذي يرفض الحديث في ما بعد أبو مازن ويحاول أن يبدي مرونة اكبر في سياق المصالحة الشاملة مع حماس، هذه الرغبة تأتي متوافقة مع جهود إقليمية أخرى كانت تنتظر تجاوباً ايجابياً أكبر من فتح، وهذا يجعلنا نتوقف أمام جدية هذه الجهود ومدى الآمال التي يمكن أن تُبني عليها.

القرار الحمساوي بالتعامل مع فتح يأتي في اتجاهين وفرتهم الظروف الداخلية الأول من خلال البوابة الرسمية، والآخر مع التيار الإصلاحي الذي أصبح يعلن عن علاقته مع حماس بشكل صريح، وتجلت أهم مظاهره في خروج معتقلين من سجون غزة، والسماح لمجموعاتهم بفعاليات جماهيرية في القطاع.

الحديث في جدلية المصالحة ينطلق أولاً من اهتمامات الجمهور الفلسطيني الذي يبحث عن مخرج حقيقي من أزمة الانقسام الداخلي بعد أن تعقدت تفاصيل الحياة، وتحمل المواطن البسيط بالدرجة الأولى ويلات الانقسام بسبب الحصار في غزة، وعدوان الاحتلال وحركة الاستيطان المسعورة بالضفة، وبرنامج التهويد المستمر في القدس. وإذا تعرضنا لسياق حالة الخلاف، فسنصل إلى ترتيب معادلة الانقسام، فالخلاف الوطني يسبق حالة الخلاف الفتحاوي الداخلي وبالتالي فان حالة الانقسام الوطني أفرزت انقساماً داخلياً على مستوى الفصائل، وبالتأسيس على هذا الواقع نجد أن حل الانقسام الوطني يكفل إعادة ترتيب أوضاع الأطراف داخلياً، ويوفر بيئة أكثر صحية لضمان الحفاظ على حركة وطنية كبيرة بحجم حركة فتح.

كذلك فانه من غير المقبول أن نقبل كفلسطينيين بانعكاس حالة الخلاف العربي على الساحة الفلسطينية، وهو ما يتطلب أن يكون قرارنا بالذهاب نحو المصالحة نابع من حاجة فلسطينية تقدر الجمهور الفلسطيني، وتحترم تطلعات أبناء شعبنا. وعند الحديث في معوقات الوصول إلى حالة وحدة وطنية، نجد الخلاف على تفاصيل وظيفية لها علاقة بالوضع القانوني للموظفين بغزة، وهي قضية يمكن تجاوزها بإرادة فلسطينية حقيقية، بالإضافة إلى تفاصيل سيادية لها علاقة بملف الحصار وبالتحديد آلية تشغيل معبر رفح وهي قضية تحتاج لقرار فلسطيني ومصري يتجاوز النقاط التي تقف حجر عثرة أمام منفذ غزة إلى العالم.

لسنا بحاجة إلى اتفاقات جديدة تنضم إلى سابقاتها دون جدية حقيقية لإعادة الوحدة الوطنية ،بل نأمل أن نشحذ الهمة، وان تتكاتف سواعدنا، وان تشتد إرادتنا نحو تجسيد واقع الوحدة الوطنية  بشكل ينهي المعاناة الإنسانية، وينطلق بنا كمجموع فلسطيني يناضل من اجل القضايا الوطنية العادلة لشعب مظلوم يسعى لإنهاء الاحتلال.

نحن في أمس الحاجة إلى حاضنة عربية شاملة لقرارنا الوطني الموحد، وعلى هذه القاعدة ينبغي أن نفتح أبوابنا أمام بعضنا، وأن تشهد غزة ورام الله حضوراً أقوى للإرادة الفلسطينية، وان نكون مستعدين لإعلان وطني من الأرض الفلسطينية، يحدد برنامجاً مشتركاً، وآليات تطبيقه، وأدوات تنفيذه، ونحمل ذلك مجتمعين إلى الأشقاء العرب، لنحصل على حاضنة داعمة لهذا التوجه المخلص الكفيل بإعادة المسار الفلسطيني نحو التحرير والبناء.

 

صحفي وأكاديمي إعلامي

كلمات دلالية