مشروع القانون الذي تعمل عليه الحكومة – والذي يتضمن توسيع صلاحيات وزير الجيش لتقييد حرية الاسرائيليين – يشكل خطوة أخرى في حملة غير مكبوحة الجماح هدفها المس بشدة بحقوق الانسان وبالمبادىء الاساس المقدسة لسلطة القانون والفصل بين السلطات. يبدو أن الحكومة مصممة على أن تخلي من طريقها ليس فقط عناصر المعارضة التي تقف في وجهها سياسيا بل وايضا تقاليد سلطة القانون، ومعها ايضا مبادىء العدل، النزاهة وكرامة الانسان.
يسعى مشروع القانون الى توسيع صلاحيات وزير الجيش، بحيث يكون مخولا باصدار أوامر اعتقال أو أوامر تقييد إدارية، في ظل رقابة قضائية هزيلة، تفرض احيانا بأثر رجعي. يمكن لوزير الجيش حتى أن يقيد مجالات العمل والرزق للانسان، ان يمنعه من الدخول الى مناطق معينة في البلاد أو ان يخرج من النطاق الذي يوجد فيه، وان يمنعه من الخروج من اسرائيل أو الاتصال بأناس معينين.
يسعى مشروع القانون الجديد الى أن يلغي على نحو شبه تام قدرة السلطة القضائية على أن تتأكد من وجود توازن مناسب بين احتياجات الامن وحقوق الانسان، وان يمنح قوة غير محدودة في يد وزير الجيش، الذي ينصت حصريا لمصالح محافل الامن.
في دولة القانون لا تمس حقوق الانسان الا كمخرج أخير، بشكل متوازن وفي ظل رقابة قانونية مشددة. الاعتقالات الادارية، ومثلها تقييد الحركة وامكانيات العمل للاسرائيليين، هي الاستثنائي الذي يستدعي إجراءً مناسباً – قرائن، لائحة اتهام، بحث قضائي وقدرة فاعلة للدفاع عن النفس. اما مشروع القانون فيسعى الى أن يجعل الاستثنائي، الذي اتسع أكثر مما ينبغي على مدى السنين، قاعدة، وبالمناسبة يخترق هكذا التوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية. وهكذا يبعد مشروع القانون إسرائيل أكثر فأكثر عن الصورة المناسة لدولة قانون ديمقراطية.
إن مشروع القانون التعسفي هذا يبدو كخطوة استكمالية لتصريحات وزيرة العدل آييلت شكيد أول أمس في « منتدى كهيلت » والتي أعلنت فيها عن نيتها العمل على إضعاف قوة المستشار القانوني للحكومة. حكومة نتنياهو ليست معنية بأي حدود قضائية لعملها، ولا تتردد من محاولة الدوس بقدم فظة على التوازنات والكوابح التي تشكل أساسا لكل نظام متنور.