خبر الجنرال يدلين: يتحتّم إدارة المواجهة المقبلة بطريقة مختلفة

الساعة 04:14 م|24 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم

في الفترة الأخيرة لوحظ أنّ إسرائيل الرسميّة، وعبر مراكز أبحاثها وإعلامها المُتطوّع لصالح “الإجماع القوميّ الصهيونيّ”، وكوكبة من المُستشرقين الإسرائيليين، لوحظ أنّها بدأت تربط علنًا بين الأحداث والتطورّات على الجبهة الشماليّة، أيْ مع حزب الله، وعلى الجبهة الجنوبيّة، أيْ مع المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة.

هذا الربط قد يؤسس لعدوانٍ إسرائيليٍّ على الجبهتين، أوْ أنّه يندرج في إطار الحرب النفسيّة التي تشّنها الدولة العبريّة في محاولةٍ لطمأنة مواطنيها من ناحية، وتوجيه رسالةٍ حادّةٍ كالموس إلى حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينيّة بأنّ ردّها على أيّ تصعيد سيكون “مُزلزلاً” و”مُدمّرًا”.

مع ذلك، لا يُمكن بأيّ حالٍ من الأحوال قراءة المشهد دون الالتفات إلى أنّ تل أبيب تُشدّد دائمًا على أنّها ليست معنيةً بمُواجهةٍ جديدةٍ مع حزب الله أوْ حماس، كما أنّ التنظيمين، اللبنانيّ والفلسطينيّ، ليسا في وارد حربٍ جديدةٍ ضدّ الاحتلال، عازيةً ذلك إلى قوّة الردع الإسرائيليّة.

وهذا ما يقوله ويؤكّده الجنرال في الاحتياط، عاموس يدلين، رئيس مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، في دراسةٍ جديدةٍ جاءت تحت عنوان:  استقرار الردع الإسرائيليّ على الجبهتين الشماليّة والجنوبيّة- خطوات إلزاميّة على صنّاع القرار في تل أبيب اتخاذّها في حال وقوع تصعيد في الشمال أوْ الجنوب.

وبرأي الجنرال يدلين، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، فإنّ الوضع على الجبهة الجنوبيّة أقّل استقرارًا من الوضع على الجبهة الشماليّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ اشتعال المُواجهة العسكريّة في الجنوب واردةً جدًا، فيما يُقلل من احتمال وقوعها ضدّ حزب الله، لأنّ الأوضاع في الشمال، هي تبادليّة، وبالتالي تبقى تحت السيطرة.

ويستدرك يدلين قائلاً إنّ حزب الله وحركة حماس، لم يتنازلا أبدًا عن رغبتهما في القضاء على إسرائيل، وأنّها يريان في المُواجهة العسكريّة ضدّ الدولة العبريّة، من أهّم الطرق لتحقيق هذا الهدف، بحسب رؤيتهما.

بناءً على ما تقدّم، يؤكّد يدلين على أنّه من أجل الحدّ من خطرهما، يتحتّم على تل أبيب زيادة قوّة ردعها من ناحية، والمسّ بعمليات التنظيمين التي لا تتوقّف من أجل زيادة ترسانتهما العسكريّة، على حدّ تعبيره.

وبحسبه، فإنّ المُواجهة العسكريّة في الشمال وفي الجنوب على حدّ سواء، من شأنها أنْ تتأجّل، إذا عرفت إسرائيل إدارة التوتّر بين الطموح إلى المحافظة على الهدوء وبين الحاجة إلى ردعٍ لمنع حزب الله وحماس من مُواصلة عملية التسلّح.

بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ الجنرال يدلين، على أنّه بالنسبة لإسرائيل، يكون أكثر ملائمًا البدء في صراعٍ عسكريٍّ شاملٍ على الجبهتين فقط بعد استكمال التحقيق في عملية “الجرف الصامد”، وتطبيق العبر والنتائج من الحرب التي شنّتها إسرائيل ضدّ قطاع غزّة في صيف العام 2014.

وبالإضافة إلى ذلك، زاد يدلين قائلاً، إنّ الدخول في مواجهة جدية، يتطلّب أيضًا من الدولة العبريّة إيجاد الحلول لعددٍ من القضايا الإستراتيجيّة.

وبحسب الدراسة، فإنّ الجبهتين بالنسبة لإسرائيل تحملان عناصر مشابهة تمامًا. فالجيش الإسرائيليّ يُواجه، على حدّ قول يدلين، تنظيمات إرهابيّة التي تمأسست وبالتالي حصلت على مزايا تنظيمات سياسيّة.

كما أنّه في الجبهتين، برأي الدراسة، فإنّ العدو ليس معنيًا في الفترة الحاليّة بمُواجهة إسرائيل عسكريًا، بسبب قوّة الردع التي فرضتها الدولة العبريّة على حزب الله، بعد حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006، وعلى حماس، في المُواجهتين الأخيرتين بينها وبين الجيش الإسرائيليّ.

وشدّدّت الدراسة على أنّ قوّة الردع الإسرائيليّة تمّت بعد أنْ دفع التنظيمين، حزب الله وحماس، أثمانًا باهظةً جدًا، بما في ذلك، المسّ الإسرائيليّ الكبير في البيئة الحاضنة لهما في جنوب لبنان وفي قطاع غزّة.

وفي إطار هذه المُقاربة التي يطرحها الجنرال يدلين، يؤكّد على أنّ حزب الله أكثر مردوعًا من إسرائيل مقارنةً بحماس، وذلك لأنّه غارق في الحرب الأهلية الدائرة في سوريّة، والتي تُلحق به الخسائر البشريّة والماديّة.

وبالإضافة إلى ذلك، يُعاني حزب الله، من وُجهة نظر يدلين، من أزمةٍ اقتصاديّةٍ، زاعمًا أنّه تعويل حزب الله على الأموال الإيرانيّة بعد الاتفاق النوويّ تبينّ أنّه كان خاطئًا، على حدّ تعبيره.

ومن اللافت أنّ يدلين في دراسته الجديدة، يعود ويُكرر قائلاً إنّ أطراف الصراع، إسرائيل، حزب الله وحماس، لا يُريدون ولا يرغبون بمُواجهةٍ عسكريّةٍ جديدةٍ، ولكنّه في الوقت عينه يُشير إلى أنّ وقوع حادثة تكتيكيّة من شأنها أنْ تكون الشرارة الأولى لحرب لبنان الثالثة، أوْ المُواجهة الجديدة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزّة.

وفي هذا السياق، يُشدّد يدلين على أنّ احتمالات نشوب مُواجهة عسكريّة بين حماس وإسرائيل مرتفعة جدًا مقارنة مع احتمالات اندلاع حرب لبنان الثالثة، ذلك أنّ إسرائيل وحزب الله يقومان بإدارة الصراع بينهما، مع المُحافظة على عدم الانجرار إلى حربٍ جديدة.

يدلين، في خُلاصة دراسته يؤكّد على أنّ القيادة السياسيّة والأمنيّة المسؤولة يجب أنْ تدرس بعمقٍ جميع القضايا التكتيكيّة والإستراتيجيّة، قبل بدء المعركة، وليس خلالها، أو أمام لجنة التحقيق.

ووجهة النظر هذه يُمكن قراءتها على أنّها اعتراف إسرائيليّ ضمنيّ بأنّ الحروب السابقة على الجبهتين الشماليّة والجنوبيّة، كانت غير ناجحة، إنْ لم تكُن فاشلة، من طرفها.

ويُوصي يدلين صنّاع القرار في تل أبيب باختيار التوقيت الصحيح والمُناسب لبدء المعركة، ويُحذّرها في الوقت عينه من عدم الانجرار إلى حربٍ شاملةٍ في الجنوب والشمال، جرّاء واقعة تكتيكيّة.

كما أنّه يحتّم على المُستويين السياسيّ والأمنيّ، يجزم يدلين، الاستعداد للحرب القادمة، خلافًا لاستعدادات إسرائيل قبيل حرب لبنان الثانية والمُواجهات الأخيرة التي خاضتها ضدّ المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، على حدّ تعبيره.

كلمات دلالية