خبر إسرائيل تفتقر للتفكير الإبداعي لإطلاق سراح محتجزيها لدى حماس

الساعة 09:34 ص|23 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم


أحيا الفلسطينيون في 18 أكتوبر ذكرى مرور 5 سنوات على « صفقة شاليط » (وفاء الأحرار)، التي تعتبر صفقة تبادل الأسرى الأكبر حتى اليوم بين الذراع العسكرية لحماس وبين « إسرائيل ».

 وقد نشر أبو عبيدة، المتحدث باسم الذراع العسكرية لحماس، بيانًا خاصًا احياءً للذكرى ادعى فيه ان « إسرائيل » ستضطر لدفع الثمن في كل صفقة جديدة، وأكد وجود مفاجآت ستظهر عندما تكشف حماس عن كل ما استثمرته لأجل تحرير الأسرى الأمنيين.

جلعاد شاليط تم أسره على يد نشطاء للذراع العسكرية من موقع للجيش الاسرائيلي في قطاع غزة بتاريخ 25 يونيو 2006، وتم أسره في قطاع غزة لمدة 5 سنوات. من أجل حمايته أقامت حركة حماس وحدة أمن خاصة سميت باسم « وحدة الظل »، إسرائيل استغلت جهود استخباراتية كثيرة للحصول على معلومات عن مكان أسر شاليط لمحاولة تنفيذ عملية إنقاذ، لكنها فشلت في المهمة بسبب الإجراءات الأمنية والتعتيم الاستخباراتي الناجح من قبل الذراع العسكرية لحماس.

« إسرائيل » عقدت مفاوضات غير مباشرة مع حماس في سبيل تحرير شاليط، من توسط في الصفقة كان الاستخبارات المصرية، ومن طرف حماس قاد المفاوضات أحمد الجعبري، قائد الذراع العسكرية لحماس الذي تم اغتياله بعد ذلك على يد إسرائيل. في إطار الصفقة تم إطلاق سراح 1027 أسيرًا أمنيًا كانوا في السجون الاسرائيلية مقابل شاليط. للصفقة كانت مرحلة مسبقة، وهي إطلاق سراح 19 أسيرًا أمنيًا مقابل تسجيل فيديو يثبت أن شاليط ما زال حيًا. وفقًا لمعلومات حماس، الأسرى الأمنيون الذين تم إطلاق سراحهم مسؤولين عن موت 570 إسرائيليًا.

يوم 18 أكتوبر من كل عام يعبر عيدًا بالنسبة لحركة حماس، تحتفل بـ « انتصارها على إسرائيل » وبنجاحها بإطلاق سراح مئات الأسرى، من بينهم مسؤولين عن قتل مئات المواطنين الإسرائيليين مقابل جندي إسرائيلي واحد حي.

 

فشل الاتصالات لصفقة جديدة

ما زال يقبع في السجون الإسرائيلية حوالي 4500 أسيرًا أمنيًا يأملون عقد صفقة تبادل أخرى بين حماس وإسرائيل.

خلال عملية « الجرف الصامد » نجح مقاتلو حماس بالسيطرة على جثتيْن لجنود الجيش الاسرائيلي، أرون شاؤول وهدار غولدن، اللذيْن سقطا خلال القتال في قطاع غزة. منذ ذلك الوقت حماس تدير حرب نفسية ضد إسرائيل، محاولة خلق انطباع بأن الجندي أرون شاؤول ما زال حيًا، وذلك لتحاول رفع ثمن الصفقة القادمة. بالإضافة لذلك، بحوزة حماس مواطن إسرائيلي (ابراهام مانغستو من عسقلان) ومواطنين آخرين من المواطنين البدو اجتازوا الحدود عن طريق الخطأ لقطاع غزة.

حماس تواصل تعتيمها وغير مستعدة لنقل أي معلومة عن مصير الأسرى الإسرائيليين، لقد وضعت شروطًا مسبقة لأي صفقة مع إسرائيل، وهي إطلاق سراح كل الأسرى الأمنيين الذي أطلق سراحهم في صفقة شاليط وأعيدوا للأسر على يد إسرائيل بعد أن عادوا لأعمال إرهاب، والحديث هنا عن العشرات من الأسرى الأمنيين.

تمسك وإصرار حماس على هذه الشروط هو السبب الأساسي الذي يعرقل تنفيذ الصفقة، إسرائيل ترفض الاستجابة لشرط مسبق وضعته حركة حماس، وقد اقترحت على حماس اقتراحين: الأول هو إطلاق سراح كل المواطنين الغزيين الذين اجتازوا منذ عملية « الجرف الصامد » بإرادتهم حدود القطاع ودخلوا لإسرائيل، والثاني هو إعادة 18 ناشطًا من حماس تم أسرهم على يد الجيش خلال عملية « الجرف الصامد » و19 جثة لنشطاء حماس محتجزة عندها، لكن حماس رفضت ذلك.

حسب مصادر فلسطينية؛ العلاقات المضطربة بين مصر وحركة حماس تعتبر الأساس وراء عرقلة تنفيذ صفقة جديدة، الاستخبارات المصرية التي توسطت في صفقة شاليط بقيت هذه المرة خارج الصورة، وعلى إسرائيل أن تلجأ لوسطاء آخرين.

 

إلى أين تتجه الأمور؟

من وجهة نظر حماس عملية أسر شاليط تعتبر نجاحًا عمليًا كبيرًا أعاد الكرامة للشعب الفلسطيني وخلق خوفًا حتى اليوم في صفوف الجنود الاسرائيليين الذي يخدمون في غلاف غزة من عمليات خطف وسقوط في الأسر لدى الذراع العسكرية لحماس. « صفقة شاليط » اعتبرت نجاحًا آخر لحماس، حيث نجحت بفرض صفقة على إسرائيل خلافًا لرغبتها. إسرائيل فشلت من ناحية استخباراتية، حيث أنها لم تنجح في الكشف عن مكان إخفاء شاليط في القطاع طوال الخمس سنوات، ولم تنجح بتنفيذ عمل عسكري يؤدي لإطلاق سراحه ومنع صفقة تبادل أسرى مع حماس.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اضطر للموافقة على سابقة خطيرة حددت دفع الثمن لأي صفقة مستقبلية، إطلاق سراح أكثر من ألف أسير أمني مقابل جندي إسرائيلي حي واحد. حماس تصر على الشروط المسبقة التي وضعتها أمام إسرائيل لإطلاق سراح محرري صفقة شاليط من السجون، كما أنها تحاول إجبار اسرائيل على الموافقة على تقديم حصانة للأسرى الأمنيين المُطلق سراحهم، حتى وإن عادوا للنشاطات الإرهابية؛ هذا شرط خطير جدًا بالنسبة لأمن إسرائيل، ولا يمكن أن توافق إسرائيل عليه. من وجهة نظر حماس فإنها نجحت بالحرب النفسية التي تقودها ضد إسرائيل.

قادة حماس يتفاخرون بأنهم نجحوا بخلق مواجهة وأزمة ثقة بين عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس وبين حكومة إسرائيل، إنهم يدعون بأن حكومة إسرائيل ملقاة في الزاوية وتحاول كسب الوقت، لكنها ستضطر في نهاية المطاف للخضوع لشروط حماس. الذي يجري هو أن المفاوضات بين إسرائيل وحماس لعقد صفقة تبادل أسرى جديدة عالقة، خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحماس، قال في 17 أكتوبر أنه لا يوجد أي مفاوضات من أجل إطلاق سراح جنود الجيش الاسرائيلي المحتجزة في يد حماس، وأن « العدو الإسرائيلي يجب ان يلتزم بشروط صفقة شاليط التي لم يلتزم بها ويطلق سراح الأسرى الذين أعيد اعتقالهم ». حماس تدعي أن لديها مزيدًا من الأوراق القوية التي لم تكشفها، وأنها كافية لإجبار إسرائيل للموافقة على شروطها.

« صفقة شاليط » رفعت معنويات الأسرى الأمنيين وأبناء عائلاتهم الذين يثقون أنه مقابل الخمسة إسرائيليين المحتجزين اليوم في أسر حماس ستضطر إسرائيل لدفع ثمن باهظ جدًا. حكومة إسرائيل تحاول تقليل الثمن لكن حتى الآن بلا جدوى، الإخفاق الإسرائيلي مدوٍ، الحكومة لا تبالي بألم عائلات الأسرى والمفقودين، وقلقة من رأي الجمهور بتكرار ما اعتبره خطئًا كبيرًا، وهو صفقة كبيرة تشبه « صفقة شاليط ».

لقد فشلت إسرائيل أيضًا من ناحية استخباراتية وعملية، هذا من جانب، لم تنجح بالتوصل لمعلومات استخباراتية تسمح بإعادة الأسرى والمفقودين عن طريق عملية عسكرية، ومن جانب آخر لم تقم بأي نشاط يشدد الضغط على حركة حماس لإعادتهم.

إسرائيل لديها عدة طرق متنوعة تستطيع بواسطتها الضغط على حكومة حماس في قطاع غزة، بدءًا من اغتيالات مكثفة وخطف وفرض عقوبات اقتصادية، لكن يبدو أنها متخوفة من تصعيد، وأنها معنية باستمرار الهدوء النسبي في الجنوب.

كما تبدو الأمور اليوم فإن إسرائيل وصلت لطريق مسدود، وتمشي بتثاقل في المكان دون إحراز أي تقدم نحو إطلاق سراح الأسرى والمفقودين، إنها تفتقر للتفكير الإبداعي في القيادة السياسية والعسكرية والشجاعة في صفوف صناع القرارات. على هذه الوتيرة إطلاق سراح الأسرى والمفقودين من يد حماس قد يستغرق عدة سنوات.

 

كلمات دلالية