خبر أمين عام « الجهاد الإسلامي » في فلسطين يحدد « خارطة طريق » للخروج من الأزمة العربية – الفلسطينية

الساعة 11:06 ص|22 أكتوبر 2016

أ‌.سمير أحمد*

 

تحت عنوان: « الجهاد... ميلادنا المتجدد ».. و« أمة بلا فلسطين هي أمة بلا قلب »، أحيت « حركة الجهاد الإسلامي » في فلسطين يوم أمس ذكرى انطلاقتها التاسعة والعشرين، والذكرى الواحدة والعشرين لاستشهاد مؤسسها وأمينها العام الدكتور فتحي الشقاقي، بمهرجان سياسي جماهيري حاشد أقيم على أرض الكتيبة بقطاع غزة المحاصرة. وقد اتسم هذا الاحتفال الشعبي الكبير بميزتين هامتين، وبعث برسائل عدة إلى كل من يعنيهم الأمر على مستوى الأمة، عامة، والساحة الفلسطينية على وجه الخصوص، بأن فلسطين هي وجهة جهادنا الدائم وتحريرها من النهر الى البحر ومن الناقورة الى رفح هي واجب ديني ووطني وانساني.

الفلسطينيون لن يهجروا المقاومة

الميزة الأولى تمثلت بهذا الحضور الشعبي الكبير واللافت والمميز من الرجال والنساء ومن كل الأعمار، الذين زحفوا من مدن ومخيمات القطاع المحاصر بكل ألوان الظلم رافعين رايات فلسطين والمقاومة والجهاد، وغطوا بحضورهم المفاجيء للكثيرين أرض الكتيبة والطرقات والساحات المحاذية... وباستعراضه العسكري النوعي... وبمستوى تنظيمه العالي على الصعد كافة...

وكان المهرجان بحد ذاته، رسالة موجهة إلى كل من يعنيه الأمر بأن الشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال والحصار الصهيوني الظالم، والخارج من ثلاثة حروب « إسرائيلية » عدوانية تدميرية، والغارق في مآزق داخلية شتى، لن يتخلى عن فلسطين، ولن يهجر المقاومة، ولن يترك السلاح، وسيبقى قابضاً على جمر قضيته، متمسكا بأهدافه الستراتيجية، ونهج المقاومة طريقاً لصد العدوان والدفاع عن القدس ومقدساتها وتحرير الأرض، كل الأرض الفلسطينية المغتصبة والمحتلة، واستعادة الحقوق كافة بدون منَّة من أحد... ولن تثنيه عن خطه ونهجه، ولن تقوى كل التحولات والمتغيرات الجارية في العالم العربي على تغيير بوصلة جهاده المتجهة أبداً إلى فلسطين، قلب الأمة وعنوانها الثابت.

أما الميزة الثانية، فتمثلت بالخطاب التاريخي الهام الذي ألقاه أمين عام « حركة الجهاد الإسلامي » في فلسطين الدكتور رمضان عبدالله شلح عبر شاشة عملاقة، جاء قراءة سياسية موضوعية للأحداث والتطورات الدامية التي تغطي معظم الدول العربية. ووجه من خلاله ثلاثة رسائل: الأولى، إلى الأمة العربية والإسلامية، والثانية، إلى الشعب الفلسطيني، أما الثالثة فخص بها أبناء حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين...

أمة بلا فلسطين.. أمة بلا قلب

حين قال الدكتور شلح إن « أمة بلا فلسطين هي أمة بلا قلب » كان يعتصره الألم للحالة المزرية التي تتخبط بها الأمة التي « تفاجئنا بأقوالها وأفعالها وكأن فلسطين لم تعد تعني لها شيئاً »... فهذا العالم العربي مشغول بنفسه وغير مكترث بفلسطين.

ومن بوابة الحرص على الأمة ومصيرها ومستقبلها، والتزاما بمبدأ النأي بالنفس عن الصراعات الدموية الجارية في غير بلد عربي، وعدم الزج بفلسطين في الطوفان الذي قد لا ينجو منه أحد وقد يصل إلى كل العواصم... وانطلاقا من موقعه كأمين عام لحركة جهادية تحريرية فلسطينية، وجه الدكتور شلح عدة رسائل، كانت واضحة وكافية ومباشرة وتقول: إن الهرولة للتطبيع مع كيان العدو الصهيوني... والتخلي عن فلسطين والشراكة مع « إسرائيل » لن يوفر الحماية لأحد، بل يعمق الشرخ ويزيد من كراهية الشعوب لأنظمتها.

وندد الدكتور شلح بما « تتحدث به بعض الدول العربية عن قواسم مشتركة مع العدو، وهي العداء لإيران والحرب على الإرهاب، وتتخذ العدو حليفاً لها. محذرا من »التخلي عن فلسطين والشراكة مع إسرائيل« ...

وبعد، قال الدكتور شلح: »لا يحق لأحد أن يتهم المقاومة الفلسطينية عندما تمد يدها إلى من يقدم لها الدعم في ظل هذا التخلي العربي« ، منوّهاً بأن »إيران تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تدعم المقاومة وتعتبر الكيان الصهيوني عدواً، وتطالب بتحرير فلسطين.«

برنامج النقاط العشر

وفي رسالته الى الشعب الفلسطيني عاص الدكتور شلح بكل تفاصيل الوضع الراهن متحدثا بدون لف ولا دوران، فاللحظة التاريخية لا تحتمل التعمية ولا تمويه الحقائق، والحديث عن كل الأمور بمسمياتها الواقعية. مؤكداً على أن ما تشهده الساحة الفلسطينية هو نتيجة للوهم القاتل الذي تمت زراعته في العام 1974 بتبني منظمة التحرير الفلسطينية برنامج النقاط العشر الذي استبدل تحرير فلسطين بإقامة السلطة الوطنية...

وقال الدكتور شلح: إن »وهم السلطة والدولة استخدم لبلف الشعب الفلسطيني واستدراج منظمة التحرير للاعتراف بإسرائيل وإنشاء سلطة تمثل مظلة للاحتلال والتنسيق الأمني وملاحقة المجاهدين.«

وهذا التردي بالوضع الفلسطيني أوجد خطاباً غريبا يقوم على التهجم على الفصائل، وإثارة نقاشات حول »جدوى المقاومة والانتفاضة والمصالحة، وما بعد أبو مازن، وحل الدولتين وحل الدولة الواحدة التي هي بضاعة لا يوجد من يشتريها، في حين يتم تغييب القضايا الأساسية على الساحة الفلسطينية، مثل مستقبل القدس ومستقبل فلسطين.« .

وانطلاقاً من رؤية الحركة للواقع الفلسطيني الراهن الذي يتخبط بمختلف أشكال الأزمات وتنوعها وما قد تعكسه على مستقبل الوضع الفلسطيني والقضية الفلسطينية الموضوعة على قائمة التصفية، في ظل ما يشهده العالم العربي من اضطرابات وفوضى دموية لا تخدم سوى العدو الصهيوني وكيانه العدواني الذي تلهث بعض الدول العربية للتطبيع معه وصولا إلى إقامة علاقات ديبلوماسية وتجارية وأمنية معه...

إنطلاقا من كل ذلك وحرصا على وحدة الشعب الفلسطيني وقضيته وقواه المقاومة، وعلى مستقبل الأمة العربية والعالم الاسلامي، أطلق الدكتور شلح برنامجا جهادياً للخلاص الوطني يقوم على نقاط عشر، جاءت على نقيض تام مع برنامج العام 1974... تبدأ بإعلان محمود عباس »إلغاء إتفاق أوسلو« ، أولا... وأن تعلن منظمة التحرير سحب الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني »إسرائيل"، ثانياً...

إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطيني، ثالثاً... إعلان أن المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني ما زالت مرحلة تحرر وطني من الاحتلال، وأن الأولوية هي لمقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة بما فيها المقاومة المسلحة، رابعاً... إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وصياغة برنامج وطني جديد وموحد، خامساً... أن يتم صياغة برنامج وطني لتعزيز صمود وثبات الشعب الفلسطيني على أرضه، سادساً... التأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده ووحدة وقضيته، سابعاً... دعوة الأطراف العربية والاسلامية لتحمل مسؤولياتها، ووقف التطبيع، وسحب المبادرة العربية من التداول، ثامناً... أن تقوم قيادة منظمة التحرير من موقعها الرسمي، بملاحقة دولة الكيان وقادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية كمجرمي حرب، وأن يتم العمل على تفعيل وتعزيز حركة المقاطعة الدولية للكيان الصهيوني في كل المجالات، تاسعاً... إطلاق حوار وطني شامل بين كل مكونات الشعب الفلسطيني لبحث خطوات ومتطلبات التحول نحو هذا المسار الجديد الذي سيعيد الاعتبار لقضيتنا ويضعنا على الطريق الصحيح نحو استعادة الأرض والحقوق، عاشراً.

إنها مبادرة تاريخية تستحق من كل المعنيين والمحللين والمفكرين والمتابعين والمخلصين لقضية فلسطين الاهتمام والدفع باتجاه ترجمتها في الساحة الفلسطينية، والعمل بكل السبل لتحويلها إلى برنامج إجماع وطني أساسه التمسك بالثوابت الوطنية وفي مقدمتها وحدة الأرض الفلسطينية غير القابلة للتجزأة والتقسيم، ووحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، واستمرار المقاومة بكل أشكالها وفي المقدمة منها الكفاح المسلح لتحرير الأرض...

إنها مهمة صعبة لكنها تستحق من الجميع بذل كل الجهد، بقدر ما تستحق فلسطين البقاء في قلب كل الإهتمامات، وتبقى بوصلة الكفاح التي تتجها نحوها كل البنادق.

أ. سمير أحمد هو أمين اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في لبنان

 

كلمات دلالية