خبر بفضل الغموض -اسرائيل اليوم

الساعة 08:47 ص|22 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم

بقلم: زلمان شوفال

          (المضمون: الوضع القائم ليس هدفا بحد ذاته، لكن كما اعترفت هيلاري كلينتون في حينه، يمكنه الاستمرار لوقت طويل وهو أفضل من حل متسرع مصيره الفشل - المصدر).

          « قُل اشياء واضحة »، « لنعرف أخيرا ما هي حلولك ». هذه بعض الادعاءات والمطالب التي توجهها جهات في المعارضة وجهات سياسية خارجية لرئيس حكومة اسرائيل. حسب رأيي هذا بالضبط ما لا يجب عمله، أي تفصيل كل شيء حول الاستراتيجية السياسية لدولة اسرائيل.

          مفهوم الغموض وجد لنفسه مكان في السياسة الاسرائيلية حول موضوع ديمونة، لكن كان يمكن بنفس القدر أن يلائم الموضوع الفلسطيني. هنري كيسنجر وآبا ايبان تحدثا في حينه عن الغموض في السياسة، أي السماح بتفسير خطوات سياسية بشكل لا يستوجب الرد الفوري، سواء كان ايجابيا أو سلبيا، كما قال في حينه المبعوث الدبلوماسي للرئيس روزفلت، جيمس كولنت، « ليس مطلوب من السياسي أن يكون منفتحا كليا حين يخدم الامر المصلحة القومية ».

          « كل شيء مسموح في الحب والحرب ». وخلافا لقول كلاوزفيتش إن الحرب هي استمرار للسياسة بطرق اخرى، فان السياسة ايضا تكون احيانا استمرار للحرب بطرق اخرى. وفي السياسة مثلما في الحرب لا توجد حكمة في جعل الطرف الثاني يعرف جميع نواياك.

          للأسف الشديد، حول امكانية الاتفاق مع الفلسطينيين لا توجد في المرحلة الحالية اجابة مقنعة حول الحلول والنوايا. جميع الافكار التي طرحت في هذا السياق هي غير ممكنة أو غير مقبولة – أو كلاهما معا. اقتراح « الدولتان لشعبين »، أي انسحاب اسرائيل من جميع الضفة الغربية أو معظمها، واقامة دولة فلسطينية في المناطق التي سيتم اخلاءها، تحول مؤخرا الى موضة في المجتمع الدولي وفي المعارضة الاسرائيلية. ولكن رغم حقيقة أن مبدأ الانفصال عن اغلبية الفلسطينيين هو أمر جيد، فان القلائل أو اصحاب النوايا السيئة سيوافقون في ظل الفوضى العامة التي تحيط بنا على اقامة دولة فلسطينية بالقرب من التجمعات السكانية، والاقتصاد والبنى التحتية لدولة اسرائيل. في حين أن الجهاد السني لداعش والقاعدة وغيرهم ينافسون الجهاد الشيعي برئاسة ايران، التي تعمل بشدة بمساعدة حزب الله وحماس على توسيع منطقة تأثيرها حتى شواطيء البحر المتوسط، ويمكن القول إن احدى تلك الجهات ستسيطر على الدولة الفلسطينية التي ستقام. اضافة الى ذلك ليس هناك اشارة الى أن هناك جهة فلسطينية، بما في ذلك السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن، تستطيع أو مستعدة للتنازل في الامور المختلف فيها.

          مقابل « الآنية » لاقتراح الدولتين، هناك « الأبدية » لـ « دولة واحدة لشعبين »، حيث أن اليمين واليسار المتطرف، لاسباب متناقضة، يؤيدونها. اليسار المتطرف يأمل أن يضع ذلك حد للحلم الصهيوني. واليمين المتطرف يعيش بايمانه أن الامور يمكن أن تسير بالشكل الصحيح، إما يتم دمج الفلسطينيين في الدولة اليهودية وإما يوافقون على ذلك رغم ارادتهم.

          ما يجب أن يقلقنا أكثر من الموضوع العربي هو الموضوع اليهودي، حيث أنه  لو لم يتحول العرب الى اغلبية في هذه الدولة الواحدة، فان حقيقة أنهم سيشكلون نصف السكان، تحول الامر الى غير ممكن من الناحية العملية والفكرية. هناك من يتسلى بالتفكير في « الضم الابيض » أي فرض السيادة الاسرائيلية على الكتل الاستيطانية الكبيرة، معاليه ادوميم واريئيل، لكن العاصفة السياسية والمشكلات الاخرى التي ستسببها خطوة كهذه، تحول الامر الى غير مجدي.

          هناك ايضا افكار اخرى، بعضها وضعت في اعقاب اتفاق اوسلو، واخرى لم تتم تجربتها بسبب الخلافات الفلسطينية الداخلية، مثلا الخيار الاردني، التقاسم الوظيفي والاتفاقات المرحلية. ومع ذلك، يبدو انه في اعقاب التغيرات في الشرق الاوسط، يمكن العودة اليها في المستقبل. الوضع القائم ليس هدفا بحد ذاته، لكن كما اعترفت هيلاري كلينتون في حينه، يمكن أن يبقى وقتا طويلا، وهو افضل من الحل المتسرع الفاشل مسبقا. الغموض السياسي يخدم الواقع ويخدم المصلحة الاسرائيلية ولا يجب الندم على ذلك.

كلمات دلالية