خبر في ساحة الروس (المسكوبية) كفيل بأن يُحل لغز السور الثالث -هآرتس

الساعة 08:45 ص|22 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم

بقلم: نير حسون

          (المضمون: تم في القدس، في ساحة الروس (المسكوبية)، الكشف عن جزء مهدم من السور الثالث الذي اقتحمه جنود تيتوس الروماني قبل احتلال المدينة - المصدر).

          من اجل التغلب على التمرد اليهودي الكبير واحتلال القدس، اضطرت جيوش تيتوس للتغلب على ثلاثة أسوار أحاطت المدينة من الشمال. المعركة الاخيرة على القدس في العام 70 للميلاد، بدأت حسب وصف يوسفوس فالبيوس، عندما أمطر الرومان من أبراج الحصار بالحجارة البالستارية والسهام والحجارة على المدافعين اليهود عن السور. هؤلاء لم ينجحوا في الحاق الضرر بأبراج الحصار الرومانية « بناء على ثقلها حيث لم يكن بالامكان قلبها وبسبب الغطاء الحديدي عليها، الامر الذي لم يسمح باحراقها »، هكذا وصف يوسفوس. وقد اضطر المتمردون الى التراجع الى الخلف بسبب الهجوم: « عندما ابتعد اليهود عن مجال النيران لم يتمكنوا من منع ضربات الأدوات الحديدية التي بدأ هجومها يثمر. ولم يعد السور عائقا أمام (المنتصر) – هكذا اعتبر اليهود البرج الكبير في الحصار الروماني، الذي تغلب على كل شيء ».

          في الحفريات التي تمت في العام الاخير في ساحة المسكوبية في مركز القدس، وجدت حسب الذين يحفرون، دلائل على تلك المعركة. وهذا يساعد في رسم خريطة المدينة في حقبة الهيكل الثاني وفي العثور على السور الثالث.

          السور هو آخر أسوار القدس في العهد الروماني. وقد أنشيء على يد الملك اغريباس الاول في الابيعينيات من القرن الاول للميلاد، وكان الهدف منه هو احاطة منطقة جديدة نسبية من المدينة تسمى « بيت زيتا » (بيت زايت الآن)، التي أقيمت باتجاه الشمال. لكن فالبيوس يقول إن اغريباس توقف عن بناء السور في منتصف الطريق من اجل عدم اثارة اشتباه القيصر كلاوديوس حول التحضير للتمرد. « لو كان بناء السور استمر كما بدأ، لما كان يمكن احتلال المدينة »، كما قال يوسفوس، « لأنها بُنيت بحجارة الغزيت الكبيرة التي وضعت بجانب بعضها البعض بدقة متناهية، حيث لا يمكن المرور من تحتها بأداة حديدية أو ازاحتها من مكانها بماكينات الحرب ». ويضيف في السياق بأن 90 برج صغير وبرج واحد كبير يسمى فسفينوس، وضعت في السور. وتم استكمال السور في الستينيات على يد مخططي التمرد الكبير، لكنهم اضطروا الى بنائه بسرعة وبأدوات بسيطة ولم ينجحوا في الصمود بمعايير اغريباس، الامر الذي حوله الى نقطة ضعف في الدفاع عن المدينة أمام الجيش الروماني.

          على مدى سنوات طويلة بحث علماء الآثار عن السور الثالث. وتم الكشف عن أجزاء منه في القدس، أبرزها في الشارع الذي سمي « السور الثالث ». وفي الستينيات من القرن العشرين رسم عالم الآثار ميخائيل أفي يونا مسار السور. وحسب رأيه، فهو يبدأ من باب الخليل باتجاه الشمال، الى ساحة الروس (المسكوبية) وشارع الأنبياء، وبعد ذلك يتجه شرقا نحو موقع قبور الملوك في الشيخ جراح ويحيط بمنطقة تشمل الآن أحياء المصرارة وباب الساهرة.

          حفريات الآثار الجديدة تمت في منطقة ساحة الروس في داخل موقف سيارات يوجد أمام محكمة السلام في القدس، حيث كان من المفروض اقامة مبنى مدرسة لفنون بتسلئيل – تماما على الرسم البياني الذي وضعه أفي يونا. وأثناء الحفر تكشفت بقايا سور وبقايا برج برز من السور الى الخارج. وحسب تقديرات د. رينا أفنير التي أشرفت على الحفر مع كفير أفيف من سلطة الآثار، فان هذا واحد من 90 برج صغير بنيت على طول السور.

          وتكشفت أمام البرج شهادات كثيرة حول وجود المعركة، منها 82 حجر بالستاري وشهادات لماكينات الحرب التي هاجمت هذا الجزء من السور. اغلبية الحجارة تكشفت على طول مقطع صغير جدا، بطول 15 متر وعرض 2.5 متر. واكتشفت ايضا قطع من الخارصينا من عهد الهيكل الثاني. وحسب اقوال أفنير، لا يوجد أي حفريات في القدس كشفت عن شهادات كثيرة الى هذه الدرجة حول المعركة في تلك الفترة: « كان هدف القصف هو التغطية على القوة الرومانية وتمكينها من الاقتراب واختراق السور »، قالت أفنير.

          من المعروف أن السور في القطعة التي تم حفرها قد هُدم كليا، والاجزاء التي بقيت هي من الأساسات، التي تم بناءها بين صخرتين ولهذا لم تُهدم. ولسوء الحظ، مع توسع القدس في القرن التاسع عشر، اشتُهر المكان كمصدر جيد لحجارة البناء ومصانع البناء الكثيرة في المنطقة، منها الموقع الروسي وكنيسة النوتردام، حيث استخدما الحجارة التي تم أخذها من هناك، وهي حجارة السور الثالث.

          « بعد صعود الرومان الى السور في المكان الذي تم اختراقه، ترك الجميع مواقعهم وهربوا الى السور الثاني »، كما وصف يوسفوس. « الجنود الذين ساروا على السور قاموا بفتح البوابات وإدخال جميع الجيش. وفي اليوم الـ 15 للحصار... سيطر الرومان على السور الاول وهدموا معظمه حتى الأساس ومعه هدموا شمال المدينة ». وبعد مرور شهرين ونصف على الحرب نجح تيتوس في اخضاع السورين الآخرين.

كلمات دلالية