خبر مبادرة د. شلح... قراءة للواقع وخارطة طريق للخروج من المأزق

الساعة 07:01 م|21 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم

بقلم: هيثم أبو الغزلان

تميز مهرجان حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في غزة (21-10-2016)، بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين للانطلاقة الجهادية للحركة، وذكرى استشهاد مؤسسها الدكتور فتحي الشقاقي، تميز بالحشد الجماهيري، وبحسن التنظيم، وبالرسائل المتعددة والمتنوعة التي وردت في كلمة الأمين العام الدكتور رمضان عبدالله شلح، كمبادرة من عشر نقاط تحمل عنوان: « نحو استراتيجية فلسطينية جديدة »، وذلك انطلاقاً من موقع الإحساس بالمسؤولية الوطنية، ومن أجل وقف الانهيار، والمساهمة في الخروج من المأزق الفلسطيني الراهن.

إن كلمة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان شلح، انطلقت في المبادرة من توصيف للواقع الفلسطيني بشكل واقعي وجاد ومسؤول، وصولاً إلى طرح الحلول لتجاوز « المأزق الفلسطيني الراهن »، وذلك لمنع تفاقمه أو تجذُّر المشكلة أكثر..

وبات من الواضح أن مشكلة اتفاقية أوسلو، هي احدى القضايا الأساسية التي تشكل جذراً لمشكلة قائمة، لا يمكن التخلص منها الا بـ « إلغاء اتفاق أوسلو من الجانب الفلسطيني، وأن يوقف ـ أبو مازن ـ العمل به في كل المجالات ». وما طالب به الأمين العام هو أن يقوم أبو مازن بتنفيذ ما « وعد وهدد به مرات عديدة إذا لم تف إسرائيل بالتزاماتها في اتفاق أوسلو المشؤوم، فإن المنظمة لن تفي بالتزاماتها أي ستوقف العمل باتفاق أوسلو، فعلى رئيس السلطة أن يفي بالتزاماته ووعوده التي قطعها على نفسه لشعبه ».

وبعد 23 عاما من اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، بحسب نص رسائل الاعتراف المتبادل « وحقها في العيش في أمن وسلام، والتزام المنظمة بالعمل السلمي لحل الصراع بين الجانبين ونبذ الإرهاب، وإلزام جميع عناصر المنظمة بذلك ».. واعتبار التوقيع على إعلان المبادئ بأنه « يرمز لعصر جديد في تاريخ الشرق الأوسط، وأن كل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة سوف يتم حلها من خلال المفاوضات، وأن بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنكر حق إسرائيل في الوجود، وبنود الميثاق التي تتناقض مع الالتزامات الواردة في خطاب الاعتراف، أصبحت غير ذات موضوع ولم تعد سارية المفعول ».. ولذلك ما طالب به الأمين العام بـ « سحب الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني إسرائيل » يعتبر أمرًا واقعيًا، ستكون له انعكاسات عديدة، ولكن إذا ما قيس ذلك بحجم ما هو حاصل فعلًا فإن ذلك يعتبر أمرًا عاديًا..

وهذا ما تضمّنه البند العاشر من المبادرة الذي دعا إلى « إطلاق حوار وطني شامل بين كل مكونات الشعب الفلسطيني لبحث خطوات ومتطلبات التحول نحو هذا المسار الجديد الذي سيعيد الاعتبار لقضيتنا ويضعنا على الطريق الصحيح نحو استعادة الأرض والحقوق ».

إن سحب الاعتراف بإسرائيل سيستتبعه حتمًا، « إعلان أن المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني ما زالت مرحلة تحرر وطني من الاحتلال، وأن الأولوية هي لمقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة بما فيها المقاومة المسلحة، وهذا يتطلب إعادة الاعتبار للمقاومة بل وللثورة الفلسطينية وتعزيز وتطوير انتفاضة القدس لتصبح انتفاضة شاملة وقادرة على هزيمة الاحتلال ودحره عن أرضنا بلا قيد أو شرط ». و« إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وصياغة برنامج وطني جديد وموحد، وإعداد استراتيجية جديدة شاملة على قاعدة التحلل من اتفاق أوسلو، بما ينهي وجود سلطتين وكيانين في غزة ورام الله ».. و« صياغة برنامج وطني لتعزيز صمود وثبات الشعب الفلسطيني على أرضه ».. وأن « تشمل الاستراتيجية الوطنية الجديدة كل مكونات الشعب الفلسطيني في الأرض المغتصبة عام 48، والأرض المحتلة عام 1967، وفي كل مناطق اللجوء والشتات حول العالم »..

ومن هذا المنطلق فإن تبني مثل هكذا برنامج يتطلب أن « يعاد بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتصبح هي الإطار الوطني الجامع الذي يضم ويمثل كل قوى وأبناء الشعب الفلسطيني ».. وهذا يتطلب أيضا أن تتحمل الأطراف العربية والإسلامية مسؤولياتها التاريخية « تجاه الأخطار والتحديات المصيرية التي تواجهها فلسطين وشعبها، وتجاه ما تتعرض له القدس والمسجد الأقصى، وأن يوقفوا قطار الهرولة نحو العدو الغاصب لفلسطين والقدس »، وأن يتم سحب المبادرة العربية، و« العمل مع الشقيقة مصر على إنهاء الحصار عن قطاع غزة، والسماح بإعادة الاعمار ».. من أجل « توفير متطلبات الحياة الطبيعية كباقي البشر بفك الحصار الظالم عن القطاع ».

إن هذه المبادرة المهمة والتي تستحق من كل قادة الفصائل الفلسطينية الدراسة والتنفيذ، تنقل الواقع الفلسطيني من حالة « الموات السريري »، إلى حالة « الفاعلية السياسية » بما يعيد القضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمام والتأثير والقدرة على تحقيق الانجازات..

في الختام، إن المبادرة التي أطلقها الأمين العام للجهاد الإسلامي، الدكتور رمضان شلح، تكتسب أهميتها من خلال القراءة الواقعية للأحداث، ومن الحالة الفلسطينية والعربية المتردية، وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وترك انتفاضة القدس في الميدان لوحدها، وفشل خيار التسوية.. وتكتسب أيضا أهميتها من كونها تخاطب الكل الوطني الفلسطيني، وتطرح حلولا على مستوى هذه القضية ككل.. فهل يتلقف المعنيون هذه الفرصة؟!.

كلمات دلالية