في حوار خاص مع فلسطين اليوم

حوار الشيخ عزام: « رابين » وجد في د. الشقاقي الرجل الأخطر على وجود « إسرائيل »

الساعة 09:47 ص|20 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم

مع التحضيرات التي تقوم بها حركة الجهاد الإسلامي لإحياء ذكرى انطلاقتها يوم الجمعة القادم 21/10 في ساحة الكتيبة بمدينة غزة، حاورنا عضو المكتب السياسي للحركة الشيخ نافذ عزام، لاطلاع على تاريخ حركة الجهاد منذ التأسيس مروراً بالصعوبات والمعيقات التي واجهت الحركة والعمليات البطولية ضد الاحتلال واغتيال المؤسس د. فتحي الشقاقي وحفاظها على النأي بنفسها من التدخل في شؤون الدول العربية الداخلية وتأكيدها على أن صراعها فقط مع الاحتلال وعدم الدخول في صراعات جانبية مع أي طرف فلسطيني رغم الاختلاف في الرؤى.

ما الأسباب التي دعت د. فتحي الشقاقي ورفاقه إلى تأسيس حركة الجهاد الإسلامي؟

كانت هناك أسباب عديدة منها ما يتعلق في الاجتهاد الإسلامي ومنها ما يتعلق بما يجري في الساحة الفلسطينية.

كانت فلسطين شبه غائبة عن تنظير الإسلاميين؛ ولم تكن حاضرة في برامجهم بالشكل الذي يتناسب مع مكانها في التاريخ والعقيدة.

وأيضاً كان لا بد من إيجاد نوع من التوازن في الساحة الفلسطينية بين الرؤية الإسلامية والمشاعر الوطنية والعمل الوطني، وبالتالي كما أشار الدكتور المؤسس فتحي الشقاقي أكثر من مرة، كان لا بد من إعادة التوازن لمعادلة الصراع وإيجاد التزاوج والتوفيق بين الإسلام وفلسطين، بحيث توجد رؤية إسلامية واضحة تماما ويكون هناك إسهام قوي وفعال من قبل الإسلاميين في أخطر وأهم وأقدس قضايا العصر. وبالتالي المؤسس د. الشقاقي رحمه الله، آمن بضرورة تعويض غياب الإسلاميين وبضرورة إيجاد التوافق والانسجام بين الإسلام والوطنية، وإبعاد أي تناقض يمكن أن يوجد بين الإسلام كدين وكقيم وبين المشاعر الوطنية والعمل الوطني، بالتالي رأي أنه لا بد من وجود إطار تتجسد فيه الإجابة على السؤال الفلسطيني الموجع والمؤلم. كان لا بد إيجاد الدور للشاب المسلم المنتمي للحركة الإسلامية، وكان لا بد من التوفيق في العمل داخل الساحة الفلسطينية بحيث يكون هذا الإطار الجديد قوة تجديد داخل الساحة الفلسطينية، وداخل العمل الإسلامي.

ما أهم الضغوط والتحديات التي تعرض لها المؤسس د. الشقاقي ورفاقه في مرحلة التأسيس؟

من المؤكد أن تأسيس إطار جديد يستند إلى مرجعية الإسلام، ويضع القضية الفلسطينية في قلب رؤيته وبرنامجه، هذا الأمر بحد ذاته يمثل خطراً كبيراً ومغامرة كبيرة، كانت التحديات كبيرة حيث انطلق المؤسس الدكتور رحمه الله، مع اخوانه دون الاستناد إلى أي جهة، ودون تلقي أي دعم من أية دولة أو منظمة أو مؤسسة قائمة، بل كانت هناك تحديات تشويش على المشروع سواء في الساحة الفلسطينية أو خارجها، وتنبهت « إسرائيل » أيضاً إلى هذا المشروع في وقت مبكر، وحاولت أن تحد منه ووجهت له ضربات في وقت مبكر.

ربما كان انطلاق الحركة في بداية الثمانينات مع عودة الدكتور المؤسس وإخوانه من الدراسة في مصر إلى فلسطين، وأولى الضربات التي وجهتها « إسرائيل » كانت عام 1983 في حملة الاعتقالات التي طالت كوادر الحركة على رأسهم د. المؤسس رحمه الله، وكانت هذه الاعتقالات الأولى لإسلاميين فيما يخص القضية الإسلامية.

هذه كانت من التحديات الأولى، غياب الدعم، إضافة إلى التشويش الذي حصل للحركة ومشروعها، وكانت بعض المحاولات لصرف الناس عن هذا المشروع، وكانت هناك تحديات كبيرة وهي تحديات ترافق أي مشروع في بداياته، لكن يضاف إليها الخصوصية التي لازمت القضية الفلسطينية والعمل في فلسطين كون العمل في فلسطين توجد ذروة الصراع مع العدو أي يتجسد في فلسطين مركز الصراع، بالتالي تكون التحديات أكبر والتشويش يكون أكبر.

كيف كانت نسبة اقبال الشباب الفلسطيني للانتماء لحركة الجهاد الإسلامي في بداياتها؟

بالتأكيد نحن كنا نتفهم أننا سنجد صعوبة، لكن المؤسس الدكتور رحمه الله امتلك إيمانا بالله لا يتزعزع ويقيناً بضرورة وجود هذا المشروع الذي يحرك سكون المرحلة، ويقدم الإسلام في صورة جاذبة، ويفسح مكاناً للرؤية الإسلامية في أخطر صراع تخوضه الأمة.

وبالتالي السنوات الأولى جذبت مجموعة من الكوادر والنخب والمثقفين الذين جاءوا إلى الحركة وهم يعرفون المخاطر والتحديات والثمن الذي لا بد من دفعه، ونستطيع القول أن الإقبال في البدايات كان مقبولاً رغم أنه ربما لم يكن كبيراً بفعل العوامل التي تحدثنا عنها من الحملة المبكرة التي شنتها « إسرائيل »، إضافة إلى التشويش داخل الساحة الفلسطينية نفسها.

في كل الأحوال نتصور أن الكوادر الأولى التي التحقت بالحركة وحملت هذا المشروع شكلت النواة الصلبة للمشروع، وفي ذات الوقت شكلت العامل الأهم في نشر هذه الفكرة وتعزيز وجود هذا المشروع.

ما أهم الأعمال والإنجازات البارزة للحركة منذ بداية تأسيسها؟

هذا يحتاج إلى حديث طويل، نحن آمنا بأن حركة الجهاد الإسلامي ليست مجرد فصيل ويجب أن تطرح نفسها للناس على أنها قوة تجديد في العمل الإسلامي وفي الساحة الفلسطينية والعمل الوطني، وبالتالي حركة الجهاد الإسلامي قاتلت ضد التعصب وضد الحزبية على اعتبار أن العمل في فلسطين يحتاج إلى تكاثف وإلى تضامن، ويجب أن تُزال الحواجز الحزبية والفصائلية وأن يكون هناك تعاون وأن تكون هناك شراكة حقيقية، وبالتالي نحن نتصور أن حركة الجهاد الإسلامي عززت التضامن الداخلي وسعت باستمرار إلى لأم الصف الفلسطيني وإيجاد اصطفاف واسع يكون فيه دور للجميع للتيارات الإسلامية والتيارات الوطنية والتيارات القومية هذا من جانب، ومن جانب آخر، كان لحركة الجهاد دور بعد الله في غرس وتكريس فكرة الجهاد على أرض فلسطين ليس مجردة شعور وأحاسيس ولكن بالرؤية ومنهج وممارسة أيضاً ، نظن أيضاً كان للحركة دور كبير في هذا الاطار، نحن نتصور أن الحركة عززت كثيراً التضامن الداخلي، وحاولت أن تقاوم التعصب للفكرة وللفصيل وللبرنامج، وعززت فكرة الجهاد في الساحة الفلسطينية، وعملت بقوة على وضع الخلافات جانباً أو محاولة إيجاد التوافق بين تيارات الأمة المختلفة، والدكتور لعب دوراً كبيرا بعد إبعاده من فلسطين عام 88 في التقريب بين تيارات الامة بالذات بين التيار الإسلامي والتيار القومي واليساري، وحركة الجهاد الإسلامي تؤمن بضرورة وجود هذا التوافق بين تيارات الامة المختلفة لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهنا جميعاً.. نظن أن حركة الجهاد الإسلامي تركت بصمة في هذا الإطار رغم أننا لا ننزه أنفسنا عن الأخطاء، لكن نحن بذلنا جهوداً كبيرة في هذا الإطار ونظن أن منهج الحركة سيظل لتستمر وفق هذه السياسية ولتستمر في هذا الطريق.

أهم الأعمال الجهادية ضد الاحتلال ؟

نظن ان حركة الجهاد انخرطت في العمل الجهادي في وقت مبكر، معركة الشجاعية تعد نقطة فاصلة في هذا الصراع وتعد نقطة مضيئة للشعب الفلسطيني بأسره وليس للحركة فقط، في معركة الشجاعية التي يحتفل شعبنا بذكراها 29 هذه الأيام، اعتبرت وفق كثير من المحللين والمراقبين والخبراء والمتابعين البداية الفعلية للانتفاضة عام 1987، وبالتالي تعد معركة الشجاعية من أبرز المحطات في العمل الجهادي الفلسطيني وفي العمل الجهادي لحركة الجهاد الإسلامي.

بعدها تأتي عملية بيت ليد الشهيرة عام 1995 والتي مثلت تأكيداً لموقف الشعب الفلسطيني وحركة الجهاد الإسلامي الرافض لاتفاقات أوسلو. وبعد ذلك تلاها عمل كثير للجهاد وفصائل المقاومة.

بالتأكيد من ما ذكرناه يمكن أن يعتبر بصمات واضحة في تاريخ الصراع وتاريخ حركة الجهاد الاسلامي.

لماذا أقدم الاحتلال « الإسرائيلي » على اغتيال الشقاقي رغم وجود اتفاق أوسلو؟

بعد عملية بيت ليد تحديداً « إسرائيل » بدأت تتحدث عن أن الدكتور الشقاقي هو المطلوب رقم (1) لها، وأنه أكبر خطر على دولة « إسرائيل »، هذا الكلام قيل كثيراً بعد عملية بيت ليد. وقبل ذلك « إسرائيل » نظرت بخطورة كبيرة للدكتور المؤسس واعتبرت أن مشروعه غير كثيراً في معادلة الصراع، وألهب حَماس الفلسطينيين من جديد، وأعاد الاعتبار للموقف الإسلامي تجاه القضية الفلسطينية وبالتالي هي تعاملت بخطورة كبيرة حتى عندما كنا في أقبية التحقيق عام 1983، وقبل أي عمل عسكري لحركة الجهاد الإسلامي، كان المحققون يتحدثون معنا عن مشروع الجهاد الإسلامي الذي يريد تغيير الأمور بالكامل، ويريد هز المنطقة والساحة الفلسطينية بالكامل. كانوا يتحدثون عن مشروع الجهاد الإسلامي بخطورة كبيرة حتى قبل أن يكون هناك أي عمل جهادي، وبالتالي نحن نتصور أن « إسرائيل » تعاملت مع الدكتور الشقاقي وفق هذه الرؤية.

وبعد عملية « بيت ليد » الشهيرة الحديث تزايد كثيراً من المسؤولين « الإسرائيليين » وعلى رأسهم رئيس الوزراء « الإسرائيلي » إسحاق رابين آنذاك ، بأن الدكتور الشقاقي يمثل تهديداً حقيقياً وجدياً لدولة « إسرائيل »، وبالتالي كان التخطيط لاغتياله في مالطا عام 1995.

تعرضت الحركة إلى ملاحقة كبيرة عقب قدوم السلطة للقطاع... ورغم ذلك لم تشتبك في صراع داخلي معها.. على ماذا يدل ذلك ؟

نعم نعم، منذ البداية تحدثت الحركة عن مخاطر اتفاق أوسلو،لكنها في ذات الوقت أكدت على ضرورة تجنب الصراع، وإذا عدتم إلى حديث د. الشقاقي في عام 1994 وتصريحاته ستجدون التأكيد من حركة الجهاد الإسلامي على ضرورة تجنب الصدام، وعلى أننا لا نعتبر السلطة عدواً لنا وإن كنا نختلف معها اختلافا كبيرا في الخط السياسي، وحتى ونحن نعتبر اتفاق أوسلو اتفاقا مجحفاً واتفاقً فيه كثير من الظلم لشعبنا، كان هناك تأكيد على ضرورة تجنب الصدام وعدم الانجرار إليه، لان الصدام الفلسطيني الداخلي لا يخدم سوى أعدائنا.

نعم، تعرضنا لاعتقالات ومضايقات عديدة، لكن كان هناك إصرار من جانبا على تجنب الصدام والانجرار إليه، وبالتالي جنبنا شعبنا متاهة جديدة، ومعاناة جديدة غير معاناته من الاحتلال.

كيف حافظت الحركة على مبادئها بعدم التدخل في شؤون الآخرين رغم المتغيرات الكبيرة في المنطقة؟

- نحن منذ البداية كانت لنا قراءة في الأحداث التي وصفت في وسائل الاعلام بالربيع العربي، ورأينا أن النأي بالنفس عما يجري في البلدان العربية هو أفضل المواقف للحفاظ على نضارة القضية الفلسطينية وللحفاظ على سلامة الموقف الفلسطيني.

نعم نحن تأثرنا وتابعنا بانفعال ما يجري، لكن رأينا من الحكمة عدم الدخول في الأزمات التي حصلت في البلدان العربية. ونظن أن ما وصلت إليه الأمور الآن يثبت صحة موقفنا.

نحن نتألم لما يجري في البلدان العربية وندعو الله أن يحقن الدم العربي وأن يمن بالاستقرار على الدول العربية جميعاً، لان ما يجري يؤثر سلبا على شعوب الأمة والقضة الفلسطينية. ونألم لأي قطرة دم تسيل من أي عربي مسلم، ولأي جندي يقتل، ونألم لهذا التدمير والعنف الذي يتسع، بالتالي نزداد قناعة بالنأي بالنفس عما يجري في البلدان بعدم الانخراط فيما يجري.

وحافظنا على علاقات مع الجميع ونحن نتصور أن فلسطين تملك كل العناصر لتحشيد الأمة من جديد وجمعها، لكن المؤكد أن الاحداث الجارية تعيق هذا الحلم والأمل، لكن لن نفقد هذا الامل بإذن لله.

الجهاد الإسلامي بعد 29 عاماً إلى أين؟

هنا يجب أن نزيل لبساً ... نحن لا نتحدث عن انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي 29، نحن اصطلحنا في الحركة على اعتبار أن عام 1981 هو عام الانطلاقة والاحتفال بالتأسيس على اعتبار أن ذلك العام شهد عودة المؤسس رحمه الله وعودة كثير من إخوانه من فترة الدراسة في مصر وبالتالي نحن نتحدث عن الذكرى 35 لانطلاقة الحركة، وفي نفس الوقت نحتفل بالذكرى الـ 29 لمعركة الشجاعية التي تعد نقطة مضيئة في تاريخ الشعب والجهاد الاسلامي.

بعد 35 على انطلاقة الحركة؛ وبعد 29 عاماً على معركة الشجاعية التي مثلت تحولاً هاماً في الصراع، نتصور أن الشعب الفلسطيني راكم إنجازات لكنه بلا شك يعيش محنة كبيرة، سواء بفعل الاحتلال وسياساته أو بسبب الجنون الذي ضرب المنطقة العربية وانشغال الحكومات العربية بما يجري عندها وانشغال العالم بقضايا أخرى، وأيضا بسبب الخلاف الداخلي على الساحة الفلسطينية الذي مازال محتدماً. على مدى هذه الأعوام، الفلسطينيون قدموا تضحيات كبيرة وقدموا نموذجاً مبهراً امام العالم لكننا نحتاج الكثير من الجهد لترميم الوضع الداخلي، وحشد الدعم العربي والإسلامي والدولي من جديد دعماً لهذه القضية المقدسة.

يجب أن يبذل جهد كبير على الصعيد الداخلي لتصحيح الأوضاع ولئم الصف واستعادة التماسك ومحاولة تخفيف معاناة هذا الشعب، هذه المعاناة التي تتسع.

بعد كل هذه الأعوام هناك ما نفخر به، وهناك ما هو بحاجة إلى تصحيح وتقويم. هناك أسماء كبيرة لمعت في هذه السنوات أسماء شهداء وسجناء ومعتقلين وأسماء ألهمت الأجيال، لكن أيضاً أشياء كثيرة تحتاج المراجعة والتقويم حتى تعود القضية الي موقعها الطبيعي بالنسبة لإخواننا وأهلنا من العرب والمسلمين وتعود الحيوية لها.

واشنطن وضعت أغلب قيادات الحركة على لائحة الإرهاب على رأسهم الأمين العام د. رمضان شلح ونائبه زياد النخالة.. ما أثر ذلك على الحركة؟

لا تأثير لها وإن كان يُحدث بعض التشويش، لكن أمريكا كانت طوال الوقت كانت منحازة ضدنا، ولم تقف موقفاً منصفاً وأخلاقياً وعادلاً. أمريكا طوال الوقت تعاملت بمنطق الغطرسة مع الأمم والشعوب الأخرى، وهذا الموقف لا يفاجئنا بل يؤكد أن أمريكا لازالت مُصرة على نفس سياستها مع ان المفترض احداث كبيرة وقعت تدفعها للمراجعة.

كلمات دلالية