لا تستغرب إن رأيت مجموعة من الشبان يركضون بين مقابر الموتى ويتسلقون جدرانها بخفة ورشاقة، ومبنى من خمسة طوابق يستعرضون على قمته قدراتهم البدنية، ورغم خطورة هذه الرياضة إلا أنهم يضعون أرواحهم بين راحتي أيديهم، ليشعروا بالحرية في ظل واقع صعب ومرير.
وفي غزة لا يوجد شيء اسمه المستحيل، ومن بين أحد مخيمات القطاع بخان يونس انطلقوا وجعلوا من أحلامهم حقيقة يرسمونها بين أزقة الشوارع و المنتزهات العامة، وبذلوا كل جهدهم حتى وصلوا للنجومية، إنه فريق « غزة باركور ».
منسق الفريق اللاعب « أحمد مطر » قال لـ« وكالة فلسطين اليوم » أن هذه الرياضة تُشعرنا بالحرية حتى وإن كنا محاصرين، لأنها رياضة خفة وسرعة تجعل اللاعب يشعر بأنه رجل خيالي لا شيء يقف أمامه، وأن أي حاجز وصعوبات تواجهه بإمكانه التغلب عليها بأي طريقة ممكنة، مضيفاُ أن شعور الحرية هو أجمل شيء وأفضل أمنية يتمناها كل شخص فلسطيني.
وعن خطورة رياضة الباركور، أوضح مطر، أنها لا تخلو من المخاطر ولعدم وجود مكان خاص لممارسة هذه الرياضة، ففي كل وقت من الممكن أن يتعرض اللاعب لإصابات خطيرة، وأخرها ما تعرض له زميلنا اللاعب محمد زقوت، إثر سقوطه من الطابق الخامس، ما أدى لإصابته بحوالي 50 كسرًا، وتهتك في الأحشاء الداخلية، كما تعرض معظم الفريق لكسور ورضوض.
ويضيف مطر، أنه وبالرغم انعدام الامكانيات وخطورة هذه الرياضة، فقد وصلت الرياضة في غزة لأفضل وأعلى المستويات واستطعنا أن نتثبت للعالم أن غزة تملك مستوى عالي في هذه الرياضة، مستطرداً أن هذا المستوى لن يستمر إذا بقي الحال كما هو عليه، كما أشار إلى أن رياضة الباركور يتم ممارستها في الأماكن العامة والمقابر والمدارس ولا يتوفر مكان خاص أو نادي يهتم بهذه الرياضة .
وناشد اللاعب أحمد مطر، وزارة الشباب والرياضة والجهات المختصة محط أنظار واهتمام المسؤولين في مجال الرياضة لتطويرها وتفعيلها بشكل أكبر والتوسع في هذا المجال المميز.
والباركور هو مجموعة حركات يكون الغرض منها الانتقال من النقطة أ إلى النقطة ب بأكبر قدر ممكن من السرعة والسلاسة، وذلك باستخدام القدرات البدنية « ، ووجد الباركور أساساً كطريقة جديدة ومختلفة لتخطي العقبات والموانع يمكن أن تكون أي شيء يحيط بك من فروع أشجار أو قبضان حديدية أو حتى الجدران .
وفي سياق متصل، بين اللاعب »جهاد أبو سلطان« ، أن الفريق قد تعرض للعديد من الاهانات من الناس والشرطة والمضايقات، بسبب تدربهم في الشوارع والمقابر والمنتزهات العامة، لاحتوائها على بعض الحواجز وعدم وجود مساحة للتدريب لممارسة الباركور، مؤكداً أنها تحتاج إلى وسائل الأمان لتجنب الإصابات.
وأوضح أبو سلطان، أنهم بذلوا الكثير من الجهود للحصول على من يتبنى فريقنا، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل، مضيفاً أن فريقه قام طوال فترة العدوان الأخير على قطاع غزة 2014م بإجراء عدة عروض ترفيهية للأطفال في داخل مراكز الإيواء لإخراجهم من أجواء الحرب المرعبة على قطاع غزة ونشر البسمة على وجوههم.
ويأمل أبو سلطان، أن يكون هناك جهة رسمية تتبنى لاعبي الباكور، أو أن توفر لهم مكان خاص للفريق، ليستطيعوا الوصول إلى مستوى العالمية وتحدي كبار اللاعبين في العالم، وكل ما نريده أن نخرج من الحصار وأن ننطلق بعيداً خلال ممارسة الباركور .
ويعتبر فريق باركور غزة، أول فريق ممارس لرياضة الباركور في فلسطين، ومن أوائل الفرق التي ظهرت على مستوى الوطن العربي حيث كانت بداية الفريق في عام 2005م على يد المدربين محمد الجخبير، وعبدالله الانشاصي » عقب انسحاب الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة.
وعلى الصعيد ذاته، أبدى اللاعب عبد الله القصاب 23 عاماً عن أسفه حيال الأوضاع السياسية والاقتصادية، حيث لم يسنح لفريقه السفر للخارج بسبب إغلاق معبر رفح من جهة ورفض الاحتلال لتصاريحهم للدخول إلى الضفة المحتلة، والتي تقف حائلا بينهم وبين تحقيق أحلامهم.
وأضاف القصاب، أن العديد من وسائل الاعلام الأجنبية تتواصل معهم في محاولة لتسهيل سفرهم للخارج، وتمثيل فلسطين في هذه الرياضة، منوهاُ إلى ضرورة متابعة قضيتهم من قبل وزارة الشباب والرياضة والجهات المختصة لمساعدتهم في تطوير أنفسهم تمثيل فلسطين في هذه الرياضة.
ويعتبر فريق « غزة باركور » أحد أفضل الفرق على مستوى الوطن العربي، والذي يتكون من مجموعة من اللاعبين المميزين ذوي الخبرة في هذه الرياضة، وضمن جهود هذا الفريق تم نشر رياضة وثقافة الباركور في فلسطين والوطن العربي، كما استطاع أيضا جذب اهتمام الكثير من الشباب، وضمهم إلى صفوف ممارسي رياضة الباركور في فلسطين.
والباركور هو رياضة حديثة المنشأ ، كان أول ظهور لها في فرنسا عام 2002، ويعتبر ديفيد بيل أول من ابتدع هذه الرياضة ، تعتمد على خفة الحركة وسرعة البديهة والمهارة، وتعرف بأنها رياضة تخطي الحواجز والانتقال من نقطة إلى أخرى بسرعة باستخدام القدرات البدنية والحركية والقفز.
خلال التدريب في إحدى مقابر خان يونس