نصائح مهمة للشباب للتغلب على الضغوط

حوار غزة: أكثر من 600 ألف تعرضوا للعلاج النفسي عقب العدوان الأخير

الساعة 11:32 ص|16 أكتوبر 2016

فلسطين اليوم

أدت الظروف التي يعاني منها قطاع غزة السياسية والاقتصادية إلى ارتفاع نسبة الإضرابات النفسية في المجتمع بمختلف فئاته، خاصة الأطفال والنساء منهم كونهما الفئتان الأضعف في مواجهة تلك الضغوط، فيما كان للشباب نصيباً في اللجوء إلى أساليب سلبية للتغلب على الواقع الصعب الذي يعيشونه في ظل ارتفاع نسبة البطالة وانعدام الأفق والأمل أمامهم في ظل الحصار والانقسام.

وللاطلاع على واقع الصحة النفسية في قطاع غزة كان لنا هذا الحوار مع الأخصائي النفسي أ. حسن زيادة مدير مركز غزة المجتمعي التابع لبرنامج غزة للصحة النفسية، يطلعنا فيه على أهم الأمراض النفسية التي يعاني منها القطاع وسبل التصدي لها، والعوائق التي تعاني منها الصحة النفسية وحاجتها إلى تكاثف الجهود لتطويرها والتصدي إلى سياسة الاحتلال « الإسرائيلي » النفسية التي ترتكز على تحميل الفلسطيني مسؤولية تردي وضعه وتوصيله الى حالة فقدان الأمل لكي يكف عن مواجهته.

وأوضح الأخصائي زيادة أن واقع الصحة النفسية في غزة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بواقع غزة السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لافتاً إلى أن حالة السلامة النفسية للإنسان تتأثر بالبيئة المعاشة ومجموعة الخبرات التي يواجها الانسان في هذه البيئة.

وأشار، إلى أنه لا يمكن الحديث عن الصحة النفسية في القطاع بمعزل عن ممارسات الاحتلال وانتهاكاته المستمرة سواء من الاعتقالات والتعذيب والحروب المتكررة وقتل الناس وهدم البيوت، والحصار المزمن ومنع حركة المواطنين، والبطالة المرتفعة ، وتدهور جودة الحياة في القطاع على مستوى البيئة والمياه والكهرباء والخدمات، وكل هذا يشكل ضغوطاً على المواطنين وعلى الحالة النفسية للسكان.

وأكد على أن ارتفاع نسبة انتهاك الحقوق الأساسية للإنسان يكون رد فعلها على الصحة النفسية، ومظاهر ذلك تظهر في السلوك والتفكير والمشاعر، وحتى الجسد نتيجة تفاعله مع هذه الضغوط والصدمات.

وأوضح أنه في حال تحسن الوضع القائم في غزة فبكل تأكيد سيطرأ تحسن على واقع الصحة النفسية في القطاع.

وأكد على أن نسبة الاضطرابات النفسية في القطاع مرتفعة نظراً لحالة عدم الاستقرار لدى السكان، وتزداد ارتفاعاً مع الحروب بالإضافة إلى المعاناة من الواقع السياسي المرتبط بالانقسام الداخلي ومدى تأثيره على الانسان.

وأشار، إلى أن مستويات بعض الإضرابات النفسية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير وبعده كانت نسبتها تتراوح ما بين 30-35% أي نحو 600-700 ألف نسمة تعرضوا لاضطرابات واحتاجوا تدخل متخصصين، لافتاً إلى أنه وبعد عامين من الحرب فإن نفس هذا الاضراب ما بعد الصدمة يصل الآن إلى 10% يعانوا من إضرابات نفسية بحاجة إلى تدخل متخصص، أي ما يعادل 200 ألف نسمة.

وأوضح، أن هناك نقص شديد في الكوادر البشرية والمراكز المختصة بالصحة النفسية، لذلك لجأ برنامج غزة للصحة النفسية إلى تدريب أولياء الأمور، والمرشدين في المدارس، ورياض الأطفال لمساعدتهم في التعامل مع المشاكل السلوكية التي قد تظهر لدى الأبناء ، إضافة لمساعدة المركز في الاكتشاف المبكر عن الاضرابات النفسية.

ولفت إلى أن هناك برامج وخطط تم إعدادها لتطوير قطاع الصحة النفسية، إلا أنها اليوم بحاجة إلى متابعة وآليات لإعادة تقييمها وتطويرها بشكل دائم ومستمر. لأن الاحتياج كبير والواقع الاجتماعي والثقافي والوصمة الاجتماعي تجاه الاضطرابات النفسية.

وشدد، على أن الضغوط النفسية المستمرة تؤثر على الجسد وتساهم هذه الخبرات والواقع في ارتفاع الضغط، وانخفاض متوسط الأعمار التي تعاني من ضغط الدم، والسكري، والقلب، والجهاز الهضمي. موضحاً أن هذه الضغوط ساهمت في ارتفاع نسبة الأمراض الجسدية كـ (القلب والسكري وضغط الدم).

واقع الشباب الغزي غزير بالضغوط

وعن واقع الشباب والضغوط التي يتعرضوا لها في القطاع، أوضح الاختصاصي زيادة، أن فئة الشباب، هي مرحلة يصبح فيها الشاب إنسان منتج وغير معتمد على الاخرين. وأن هذه الفئة اليوم لا تجد فرص عمل وبالتالي تشعر بحالة من الألم والمعاناة والاعتمادية المستمرة على الأسرة ، رغم ما يمتلكه من طاقة ودافعية وعلم ورغبة ، إلا أن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لا يسمح له باستخدام ما يمتلكه. وبالتالي تخلق عند الشاب معاناة نفسية وشعور بعدم الرضا والإحباط والغضب والعجز، وبالتالي يتجه بعض الشباب إلى سوء استخدام التكنولوجيا قد تصل لمرحلة الإدمان على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ، من 6-10 ساعات يومياً.

وأشار، إلى أن بعض الشباب يشعرون بهذه المعاناة ويلجأون إلى استخدام أدوية لاستجلاب الراحة ليتكيف مع الواقع المعاش وتصبح جزءاً من حياته، مؤكداً على خطورة هذا التكيف السلبي مع الواقع، لان نتائجه كارثية لمن يلجأ إلى هذا الأسلوب.

وقال:" إن سوء الأوضاع ليست مبرراً للجوء الى استجلاب الراحة عبر العقاقير.

وأضاف، أن بعض الشباب يشعرون بالاغتراب وضعف الإحساس بالانتماء بالتالي لديهم أفكار دائمة بانه يجب أن يكون خارج القطاع، والرغبة في السفر، والبعض يربط كل واقعه بأن يجد فرصة للخروج من غزة في أي لحظة. مشيراً إلى أن الكثير منهم لا يشاركون ضغوطهم النفسية مع الآخرين، ويفضلون العقاقير غير مدركين خطورة ما ذهبوا إليه، لأنه سيصل بهم المطاف إلى مرحلة التعود وعدم القدرة على التخلص منها، وبالتالي قد يلجأون إلى طرق وأساليب اجرامية للحصول على الأموال لشراء تلك العقاقير.

نصائح مهمة للشباب الغزيين للتغلب على الضغوط

ونصح الاختصاصي النفسي هؤلاء الشباب، بفتح حالة من الحوار مع الأسرة، في المقابل يجب أن لا يكون هناك لوم شديد من الأسرة عليهمبشكل دائم آخذين في الاعتبار الأوضاع الصعبة التي يعيشونها من بطالة وعدم وجود فرص عمل وغيرها. إضافة إلى أن الشاب يجب ان يكون لديهم بدائل للتكيف الايجابي مع الأزمة باللجوء إلى أعمال قد لا تتناسب مع تخصصهم وأحلامهم ولو بشكل مؤقت لحين انفراج الأوضاع. كذلك، لا بد من أن يسخروا الشباب طاقتهم بالاتجاه الإيجابي لإيجاد حالة من الحوار سواء في المؤسسات التعليمية أو المسؤولين في كافة القطاعات، من أجل التأثير على بعض السياسيات الموجودة او التخفيف المؤقت من هذه المعاناة.

الاضرابات الشائعة لدى الشباب

وبشأن أكثر الاضرابات النفسية الشائعة في القطاع، أوضح أن تتخلص في اضراب المزاج والاكتئاب النفسي ، إضرابات القلق، الوسواس القهري، إضرابات جسدية الشكل، معاناة جسدية بدون أي سبب، سوء استخدام والتعود على بعض الأدوية.

فقدان الأمل

وأوضح الاختصاصي، أن ممارسات الاحتلال تهدف إلى إجاد حالة من فقدان الامل بأي شكل من الاشكال، ليصل الإنسان إلى أن يشعر بفقدان الامل والوصول إلى حالة من العجز المطلق من هذا الواقع حتى لا يكون لديه القدرة بالتفكير بشكل إبداعي وأن يصل إلى عدم مقاومة الاحتلال والتسليم بالأمر الواقع.

مشاكل ومعيقات الصحة النفسية في غزة

الاحتياج وعن المشاكل والمعيقات أمام قطاع الصحة النفسية في القطاع، أوضح الاختصاصي النفسي حسن زيادة، أن أكبر المعيقات الموجودة على مستوى الكوادر المتخصصة، اليوم نحن بحاجة لكوادر أكثر تخصصية في هذا المجال. إضافة إلى أن الأطباء الذين يتوجهون للعمل في الصحة النفسية ليس خياراً لهم.

ندرة في الكوادر في بعض التخصصات، فمثلاً في القطاع يوجد فقط طبيبين متخصصين في الطب النفسي للأطفال والمراهقين علماً أن نسبة 50% من المرضى هم من هذه الفئة ولا يوجد أطباء لهم. إلى جانب أن بعض التخصصات في بعض الاضرابات لا يوجد في تخصصات بالمطلق.

لا يوجد عاملين ومهنين متخصصين في موضوع العلاجات النفسية ، كما لا يوجد أخصائيين نفسيين اكلينيكيين. إلى جانب أن الأماكن التي تقدم فيها الصحة النفسية هي غير صالحة لتقديم خدمات نفسية، وهي بحاجة لتطوير وإعادة تأثيث.

من جهة أخرى، أشار الاختصاصي زيادة إلى أن بعض الممارسات لبعض العاملين في مجال الصحة النفسية وجزء منهم من العاملين في العيادات الخاصة، يمارسون أعمال خاطئة بحاجة إلى متابعة من قبل الجهات المختصة، وكثير منهم يفتحون عيادات نفسية دون تراخيص، وغالبيتهم يعتمدون على العلاج الدوائي فقط.

آلية تطوير الصحة النفسية

وأكد أن تطوير واقع الصحة النفسية في قطاع غزة بحاجة إلى خطة متعددة الأطراف والأبعاد تحت مظلة خطة وطنية، واضحة المعالم واليات تنفيذها.

كلمات دلالية