خبر استراليا ليست هنا - يديعوت

الساعة 11:01 ص|27 سبتمبر 2016

فلسطين اليوم

لا نتحرك ولا ميلمتر واحد

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

(المضمون: في زمن يتحرك فيه كل شيء، بحثت عن شيء لن يكون بعد بضعة اشهر في مكان آخر. فوجدت أن سياسة اسرائيل في عهد نتنياهو هي الامر الاكثر ثباتا في العالم - المصدر).

حتى وقت أخير مضى كنت واثقا بأن لا يوجد شيء اكثر ثباتا من الارض التي تحت أقدامنا. سواء اهتزت أم كانت مستقرة، فهي لا تذهب الى أي مكان. اما الان فيتبين أنني اخطأت. فقارة استراليا لا تكف عن الحركة. في 1994 عدل خبراء الخرائط وحركوا الخارطة 200 متر كاملة، وهذا لم يجدِ نفعا. فهي لا تزال تتحرك.

 

علي أن اعترف بان الانباء عن استراليا أثارت فيّ احساسا خفيفا من الصدمة الوجودية. قبل ذلك وجدت صعوبة في أن اسلم بمذهب مركزية الشمس، الذي يقرر بانه في مركز منظومتنا الشمسية توجد الشمس وليست – مثلما فكر اباؤنا واجدادنا، مع الكثير من العقل السليم والقليل جدا من المعرفة الكونية الثابتة – الكرة الارضية. ولكن حراك القارات؟ أين سينتهي هذا؟

 

وبيأس بحثت عن شيء ما ثابت، يمكنني أن اعرف انني لن اجده بعد بضعة اشهر في مكان مختلف تماما. لم يكن هذا سهلا، ولكني وجدته. ثمة شيء ما بقي ثابتا حتى حين يكون كل شيء (بما في ذلك استراليا) يتحرك. سياسة دولة اسرائيل في عهد نتنياهو، اعترفت بيني وبين نفسي، هو الامر الاكثر ثباتا في العالم.

 

في المحيط تحدث تغييرات دراماتيكية في كل مكان: الشرق الاوسط تغير تماما. دول تحطمت، جماعات قومية ودينية صعدت أو هبطت. قوى سياسية رأى الجميع فيها جزر استقرار اختفت. مخاطر ماتت، وآمال ولدت. اما سياسة اسرائيل؟ فلم تتحرك ميلمتر واحد. في الشرق انهارت الشيوعية، روسيا سقطت في ايدي عصبة فاسدة من كبار الاغنياء والبيروقراطيين السابقين. الصين اخترعت شيوعية رأسمالية، وسياسة اسرائيل؟ على حالها. في غربي أوروبا مؤشرات على تغيير راديكالي في الفكر الذي نشأ هناك بعد الحرب العالمية الثانية، وفي الولايات المتحدة تحدث تغييرات ديمقراطية من شأنها أن تهز من الاساس الطبقة البيضاء التي سيطرت فيها منذ قيامها قبل 240

 

سنة. وعلى كل هذه التغييرات ترد اسرائيل بثلاث لاءات: لا لتعديل أي فكر، لا لتعديل أي سياسة، لا لتعلم أي درس.

 

وها هو اساس السياسة الاسرائيلية للقراء الذين لم يفتحوا الملاجيء في السنوات الاخيرة: اسرائيل هي دولة كاملة. تعبير "فيللا في الغابة لا يعبر عن بهائها الاخلاقي، الثقافي والحضاري. اسرائيل كما شرح نتنياهو (الذي هو وزير اعلام اكثر مما هو رئيس وزراء) في مناسبات مختلفة، ومؤخرا في خطابه في الامم المتحدة، هي الدولة المتطورة في العالم من كل النواحي. نحن لسنا فيللا في غابة بل جنة في الجحيم، إذ ان باقي امم العالم تتميز بخليط من الغباء، عطش الدم والازدواجية الاخلاقية.

 

كل الادعاءات ضدنا (عن الاستعباد المستمر لشعب آخر، سحق حقوقه، سلب أراضيه والخرق المنهاجي للقانون الدولي) هي كذب. بمعنى، مع أن الحقائق صحيحة، لكن الاستنتاج مع ذلك كاذب، لان الرب أعطانا البلاد واعطى بيبي الحكم كي يقاتل ضد النازيين الذين يخلعون ويرتدون شكلا مختلفا – في هذه اللحظة، مثلا، واضح أن الفلسطينيين هم النازيون، محمود درويش هو يوليوس شترايخر، وابو مازن هتلر – وسيمنع الكارثة بأثر رجعي. محظور عرقلة نتنياهو من أن يحكم، إذ له فقط اعطيت القوة لتغيير الماضي.

 

الاستنتاج النابع من هذه المبادىء هو الاساس للسياسة الاسرائيلية: لا حاجة للاستماع للاغيار، إذ أنهم أغبياء ومحبين لشرنا؛ لا حاجة للثقة بالعرب، إذ أنهم نازيون؛ لا حاجة للتعاطي مع اليساريين، إذ أنهم يحاولون منع بيبي من تغيير الماضي ويعتقدون ايضا بان العرب هم بنو بشر، مما يشهد عليهم بأنهم خونة يكرهون اسرائيل ويكرهون أنفسهم. ماذا نعم؟ مواصلة الاستيطان ومواصلة التصويت لنتنياهو. إذا فعلتم هذا، فسيسود النظام في العالم، واستراليا ستكف عن الحركة. من يؤمن لا يخاف. وبالنسبة للباقين، لهم كل الاسباب للخوف.

كلمات دلالية