خبر قرار المحكمة الدستورية يثير الجدل في السلطة القضائية

الساعة 06:40 م|21 سبتمبر 2016

فلسطين اليوم

ما زالت تداعيات إصدار المحكمة الدستورية قرارها بالغاء قرار المحكمة العليا حول عدم قانونية تعيين نائب اول لرئيس القضاء الاعلى، تثير الجدل داخل الاوساط القضائية، حيث يرى البعض ان هذا القرار يرفع الغطاء عن صراع خفي محتدم بين السلطة القضائية والتنفيذية تحاول فيه الاخيرة بسط تغولها على السلطة القضائية.

وأصدرت المحكمة الدستورية العليا، يوم الاحد، اول قرار لها منذ تأسيسها، وذلك في القضية رقم (1) المتعلقة بتفسير طلب نص المادتين (18 و 20) من قانون السلطة القضائية، بعد تقديم طعن ضد تعيين الرئيس للقاضي عماد سليم نائبا اول لرئيس المحكمة العليا، نائبا اول لرئيس مجلس القضاء الاعلى.

وكان وزير العدل، تقدم بطلب من مجلس الوزراء، طلب فيه تفسير المادتين (18 و 20) من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2001، اللتان تتعلقان باجراءات شغل الوظائف القضائية وبشروط تعيين قضاة المحكمة العليا، وذلك إثر الجدل الذي رافق إصدار رئيس دولة فلسطين قرارا رئاسيا بتعيين القاضي عماد سليم، وهو أحد المنسبين من مجلس القضاء الاعلى وثلاثة قضاة آخرين من المحكمة العليا، لشغل منصب رئيس المحكمة العليا/رئيس مجلس القضاء الاعلى. وبالاستناد الى القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وقانون السلطة القضائية، فقد تم تعيينه، نائبا اول لرئيس المحكمة العليا، نائبا اول لرئيس المجلس القضاء الاعلى.

وتقدم احد قضاة المحكمة العليا، بتاريخ 2-3-2016 بطعن لدى محكمة العدل العليا، ضد القرارين المتعلقين بتعين القاضي عماد سليم نائبا اول لرئيس المحكمة العليا، نائبا اول لرئيس المجلس القضاء الاعلى، باعتبار ان هذين القرارين يفصحان عن استقواء السلطة التنفيذية، واغتصاب لجوهر اختصاص السلطة القضائية، وباعتبارهما قرارين صدرا دون تنسيب من مجلس القضاء الاعلى، بما يعصف بمبدأ الفصل بين السلطات، ومنها استقلال السلطة القضائية.

وقال رئيس مجلس القضاء الاعلى السابق، عيسى ابو شرار، في حديث لـ « القدس » دوت كوم، ان « ما جرى يتعلق في قيام قاض بتقديم طعن امام المحكمة العليا بقرار تعيين نائب اول لرئيس المحكمة العليا بمرسوم رئاسي، حيث قررت المحكمة العليا ان القرار غير قانوني والغت القرار الصادر عن الرئيس ».

واضاف ابو شرار انه « طُلب من المحكمة الدستورية تفسير للمادتين 18-20 من قانون السلطة القضائية، والتي اعطت تفسيرا وقرارا يبطل قرار المحكمة العليا ».

ويرى ابو شرار « ان المادتين واضحتين ولا يوجد لبس فيهما، ولا يوجد ما يستدعي تفسيرهما، الا ان المحكمة قامت بتفسيرهما، اضافة الى انها تطرقت للقضية المنظورة امام المحكمة العليا، والتي اعتقد انه كان على المحكمة الدستورية، ان لا تتصرف بالخصومة المنظورة امام المحكمة العليا ».

وقال ابو شرار ان « قرار المحكمة الدستورية زاد الامور تعقيدا، حيث اصبحنا امام حكم صادر عن محكمة عليا، وحكم صادر عن محكمة دستورية، حيث لم يتم تأخير النظر في القضية وتأجيل صدور الحكم عن المحكمة العليا لحين صدور القرار التفسيري، وصدر حكم عن المحكمة العليا، وحكم تطرق الى مركز قانوني والغى مركزا قانونيا، وهنا خلق تفسير المحكمة الدستورية مشكلة ولم يوجد حلا ».

وبين ان « المحكمة الدستورية اصدرت حكمها الذي يعني الغاء قرار محكمة العليا » مشيرا الى انه « لا يوجد في القانون مسمى نائب رئيس، حيث يقول القانون انه أقدم النواب، ومن يحدد الاقدمية سجل الاقدمية الموجود في مجلس القضاء الاعلى ».

وحول تصريحات عضو اللجنة المركزية في حركة فتح توفيق الطيرواي التي هاجم فيها مجلس القضاء الاعلى ورئيسه، قال ابو شرار ان مثل هذه التصريحات « تمس هيبة القضاء واستقلاليته، حيث ان اي تعليق سلبي ضد القضاء يؤثر على مدى ثقة الجمهور بالقضاء، وتناول القضاء بهذا الشكل يشكل مساسا بالقضاء وبهيبته ».

وشدد ابو شرار ان « التشكيك في مجلس القضاء الاعلى يعني التشكيك بكل السلطة القضائية ».

ورأى ان « ما جرى يعطي مؤشرا واضحا على ان السلطة التنفيذية تحاول التدخل بعمل السلطة القضائية، والذي يشكل اعتداء على السلطة القضائية، حيث لا يجوز للسلطة التنفذية التدخل بالسلطة القضائية، والرئيس هو الشخص الوحيد الذي يحق له التدخل وفق صلاحيات محددة بالقانون، بحيث يصدر قرارا بناء على تنسيب صادر عن مجلس القضاء الاعلى، وفي حال لم ينفذ مجلس القضاء قرار الرئيس، لا يملك الرئيس صلاحية اصدار اي قرار يتعلق باي شأن من شؤون القضاء ».

ودعا ابو شرار السلطة التنفذية الى احترام السلطة القضاء، لافتا انه « اذا كانت هناك عيوب بالقضاء، عليها ان تساعده وتقدم العون وليس التدخل بقرار السلطة القضائية ».

وقال مجلس القضاء الاعلى، في بيان صحفي صدر الاثنين، انه بصدد ملاحقة عضو اللجنة المركزية في حركة فتح توفيق الطيرواي على خلفية « مسه بهيبة القضاء ».

وقال مجلس القضاء الاعلى في البيان « قرر مجلس القضاء الأعلى متابعة تصريحات الطيراوي التي هاجم فيها رئيس مجلس القضاء الاعلى، أمام الهيئات والجهات المختصة، بما في ذلك النيابة العامة، وذلك من أجل التقدم بشكوى ضد المذكور ازاء الاقوال التي صرح وأدلى بها ».

من جهته، قال المدير التنفيذي للهيئة الاهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون، ماجد العاروري، في حديث لـ « القدس » دوت كوم، ان « قرار المحكمة الدستورية بصغيته الاخيرة، زاد الامور تعقيدا واعطى انطباعا غير مرضي عن عمل المحكمة الدستورية لوجود الكثير من الانتقادات والملاحظات حول فحوى ومضمون القرار، خاصة لتناوله لموضع ولعدم اقتصاره على تفسير القانون، مما بدا وكأنه منافس لاختصاصات محاكم أخرى وليس اختصاص محكمة دستورية ».

ولفت الى ان « القرار يعطي مؤشرا على تدخل السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية، حيث ان الجلسة جاءت بناء على طلب من رئيس الوزراء في قضية شرعية تتعلق بقضاة المحكمة العليا، وذات علاقة مستقبلية برئاسة مجلس القضاء الاعلى، وهذا مؤشر على ازدياد تغول السلطة التنفذية بالعمل القضائي ».

كلمات دلالية