خبر وعودات إعلامية ..د احمد الشقاقي

الساعة 08:01 ص|15 سبتمبر 2016

تشهد وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي سيل من الوعودات الغير واضحة المصدر التي من شأنها- إن صدقت- أن تهز جدار الحصار المفروض على قطاع غزة. فما بين وعود بتغيير السياسة المتبعة في معبر رفح، والإعلان عن فتح المجال أمام الأيدي العاملة بغزة للعمل داخل فلسطين المحتلة، والسماح بالتنقل عبر معبر ايرز، والمعلومات حول تحسن في مصادر المياه والطاقة والكهرباء التي تصل القطاع. بدأنا نشهد زيادة في وتيرة دخول السيارات عبر المعابر مع الجانب الإسرائيلي.

هذه الحالة من الترقب التي تفرضها الأنباء التي تسربها وسائل الإعلام تدفعنا للقول أن المشهد السياسي يحظى بجهد خفي، يحرك حالة السكون التي تصيب الواقع الفلسطيني. بعض ملامح هذا التحرك يمكن التقاطها عبر العديد من مفاعيل الحراك السياسي المتعلق بالقضية الفلسطينية سواء الرباعية العربية، أو السلطة الفلسطينية، أو حكومة الاحتلال، وأخيراً الفصائل الفلسطينية.

الرباعية العربية تبذل جهدا اتضحت تفاصيله بشكل كبير بعد تسريب الخطة العربية المتعلقة بالحالة السياسية الفلسطينية، والتي تبني أهم توجهاتها على إصلاح واقع حركة فتح، والمضي قدماً نحو مصالحة فلسطينية تصل خلال عام لتجديد شرعيات المنظمات الفلسطينية عبر انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني. وإن أهم ما ميز هذه الخطة العربية أنها قدمت تصورات فعلية مشفوعة بحدود زمنية واضحة يجعل منها ذات أهمية.

أما السلطة الفلسطينية فإنها باتت عرضة لتهديد مباشر وصريح من قبل إسرائيل، التي تذهب نحو سياسة التعامل المباشر مع الفلسطينيين؛ بغية الوصول إلى دولة بغزة وكانتونات بالضفة الغربية، نجد- سلطة- تحاول المحافظة على تواجدها وصورتها لتعلن عن توصلها لاتفاق مع الجانب الإسرائيلي يتيح تشغيل اتصالات الجيل الثالث قبل نهاية العام، والسماح للمشغل الثاني لشركة الاتصالات الخلوية بالعمل في القطاع.

في حين أن حكومة الاحتلال « ليبرمان » يوزع « جَزره » إعلاميا، ضمن رسالة يحاول عبرها تأليب الشارع على مقاومته وشرخ تمسكه بها كخيار يحظى باحترام وإجماع الغالبية العظمى من الجماهير، والتلويح بأن حجر العثرة أمام حاجات الناس هو سلاح المقاومة، على شكل معادلة تسعى إسرائيل لفرضها أمام فصائل المقاومة بعد أن فشل بها الاحتلال عبر الحرب والدمار.

هذه الخطوات المتسارعة والمتوازية تقف أمامها الفصائل الفلسطينية متباطئة، غير أنها تقوم بحراك داخلي يتلاقى مع الجهد العربي والتحرك الإقليمي، فأروقة حركة حماس ترتب أوراقها التنظيمية، ونحن على أعتاب انتخاباتها الداخلية فقد بات مؤكدا أن رئيس مكتبها السياسي يغادر موقعه. أما حركة فتح فأصداء النقاش حول زعيمها القادم خرج للعلن، والرباعية العربية تحاول في هذا الإطار، وتواجه صعوبات بحجم تاريخها ومراكز الثقل السياسي بداخلها.

الحراك الفصائلي على الصعيد الوطني يتعثر طالما بقينا في مربع الانقسام، والتحرك المطلوب يستدعي وصولا لمربع الوحدة الوطنية الحقيقية، والاتفاق على البرنامج الوطني الذي يضمن القواسم المشتركة من الثوابت وليس المحاصصة الحكومية والكراسي الشخصية والحزبية. أما فصائل المقاومة فهي مطالبة بتعزيز ثقافتها والتلاحم مع الجمهور وتعزيز صموده بشكل جدي وحقيقي؛ لأنهم الرافعة الوحيدة الضامنة لنجاح برنامجها.

الوعود التي تعج وسائل الإعلام بها، ستبقى في إدراك الشارع مجرد أوهام ما لم تبق واقعاً ملموساً، والتشكك الذي يصيب الشارع منها منطقي لان واقع المسألة مرتبط بالحالة الأمنية، والهدوء الذي تسعى إسرائيل للحفاظ عليه لتضمن تحقيق أسلوب ردع فشل. فقد أصبح الشارع مستعد -حتى وان عادت العصا الإسرائيلية- ومشاهد الانتفاضة بالضفة الغربية وشوارعها تلاحق إسرائيل، وتجعلها تدرك أن الفلسطيني لا يقدم حاجاته على ثوابته، وهو مستعد للتضحية أكثر، لكنه بحاجة إلى قيادة وطنية تعيش همه وتسير أمامه وهي تضحي وتبذل من اجل الوطن لا الحزب.

صحفي وأكاديمي إعلامي

كلمات دلالية