خبر الجدار العازل وعقلية الجيتو في الوجدان اليهودي ..بقلم د. وليد القططي

الساعة 05:24 ص|08 سبتمبر 2016

لا شك أن الجدار العازل الذي أقامه الكيان الصهيوني على حدود الضفة الغربية وداخلها وحول القدس أُقيم على أساس نظريته الأمنية , وجزء من منظومة التحكم الاحتلالية , وإحدى وسائله  لإلتهام الأرض الفلسطينية وتقوية مشروعه الاستيطاني في الضفة , ولكنه أيضاً يُعتبر تجسيد لُعقدة الجيتو المتغلغلة في الوجدان اليهودي منذ القدم , تلك العٌقدة التي أصابت عقولهم ونفوسهم وانعكست على طريقة التفكير والعمل لديهم فكان الجدار العازل إحدى إفرازات ونتائج هذه العقدة المستحكمة في عقولهم وقلوبهم ونفوسهم .

يقول أورى افتيري – أحد منظري اليسار الإسرائيلي – عن الجدار العازل « إن فكرة الجدار محفورة بعمق داخل الوعي الصهيوني , وهي ترافق هذا الوعي منذ نشأة الصهيونية » ونحن نذهب أبعد مما ذهب إليه أورى افنيري لنقول إن فكرة الجدار راسخة في الذاكرة اليهودية ومتجذرة في الوجدان اليهودي قبل نشأة الفكرة الصهيونية وقيام الحركة الصهيونية , وهذا ما تؤكده توراتهم المزيفة وتلمودهم الذي كتبوه بأيديهم التي تدعوهم إلى بناء الأسوار والجدران والمتاريس والحصون والقلاع والأبراج للاختباء خلفها وداخلها عند القتال . ولقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة عند اليهود في قوله تعالى « لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ  بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ » وهذه الحقيقة يؤكدها تاريخهم القديم والمعاصر لا فرق في ذلك بين يهود الجزيرة العربية قديماً , كحصون خيبر وغيرها , ويهود ( اسرائيل ) حديثاً الذين أقاموا خط بارليف وحصون المستوطنات والجدار العازل .

فبناء الجدار العازل ينسجم مع عقلية ونفسية الجيتو الانعزالية اليهودية المتسقة مع صفاتهم الأخرى , ومنها : حب الدنيا وكراهية الموت مصداقاً لقوله تعالى « وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ... » أي حياة مهما كانت ذليلة ومهينة , وقوله تعالى لهم : « فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ  وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا  »  حتى لو كان الموت فيه عزتهم وكرامتهم وحياة شعبهم , وحب الدنيا وكراهية الموت يؤديان إلى الجبن وهي صفة ملازمة لهم أكدها القرآن الكريم وتاريخهم الملئ بالخداع طريقاً للهروب من القتال . ويتسق أيضاً مع إحساسهم بالتميز والأفضلية على شعوب الأرض فوصموا بالعنصرية والاستعلاء على الآخرين ( الجوييم ) وبرروا ذلك بقولهم :  « ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ » وهذه النظرة الاستعلائية هي التي جعلتهم يعزلوا أنفسهم عن الآخرين في حارات وجيتوات مغلقة , وخلف أسوار وجدران عالية , وداخل حصون وقلاع محكمة , محبوسين داخل جبنهم وخوفهم تـــارة , وداخل عنصريتهم وغطرستهم تارة أخرى .

وأخيراً يُمكن القول أن الجدار العازل جزءٌ من منظومة الاحتلال للتحكم بالضفة الغربية والتهام المزيد من أراضيها والتضييق على أهلها , وتجسيد لأحد أركان نظريته الأمنية لإيجاد حدود مصطنعة لحماية كيانه ومستوطنيه , ولإيجاد عمق استراتيجي وهمي غير موجود , ولكنه فوق ذلك وقبله يضرب بجذوره في الأرض الفلسطينية , وأُسسه قوية في الدين اليهودي والوعي الصهيوني قبل أن توضع أسسه الواهية في التراب الفلسطيني , وأسواره راسخة في التاريخ اليهودي والحركة الصهيونية قبل أن تُبنى أسواره البائدة في الوطن الفلسطيني . وبالجدار العازل تحوّل الكيان الصهيوني إلى جيتو كبير بداخله جيتوات صغيرة يسكنها كتل بشرية مذعورة ومرعوبة تنتظر مصيرها المحتوم بتدمير إفسادهم وإزالة كيانهم . 

كلمات دلالية