تحملت مشاق اشقائها السبعة بعد اعتقال والدتها

بالصور الطفلة « أم أخوتها » تقاتل وحيدة في كل جبهات المنزل

الساعة 12:26 م|29 أغسطس 2016

فلسطين اليوم

استيقظت « أميرة » ابنة الإثنى عشر ربيعاً في تمام الساعة الخامسة والنصف من صباح أول يوم في السنة الدراسية، وأخذت بمشطٍ أكبر من كف يدها، وذهبت مسرعة نحو أخواتها ملك (9 اعوام)، وداليا (7 أعوام) تلوي ضفائر شعرهن يميناً وشمالاً، والبستهما زي المدرسة، ووقفت على الباب تودعهما كأم حانية، وكأنها أنجبتهن على عطشٍ!

انصرفت أميرة بعدها تجاه شقيقها فراس (14 عاماً)، وفارس (13 عاماً) وسألتهم .. هل تحتاجون لشيءٍ قبل ذهابكما إلى المدرسة؟ أجابوا .. لا، وأثناء وداعها اياهما على بوابة منزلهم قالت لفارس « أقعد على الطاولة الأولى » وقالت لفراس « ظبط الغُرة كويس »، وبعدها أغلقت الباب، وذهبت تطعمُ اشقائها الصغار أحمد (عام ونصف)، واختها نديم (4 أعوام).

بعد أن اطمأنت على من وُضعوا أمانة في عنقها رتبت المنزل على أفضلِ نسقٍ ثم غادرت صوب مدرستها، وبعد العصر عادت من مدرستها نحو بيتها المتواضع لتعد طعام الغداء هي ووالدها، هذا ملخص بسيط ومقتصب لليوم الأول من السنة الدراسية لأميرة.

وأُجبرت أميرة على لعب دور الأم جراء اختطاف قوات الاحتلال الإسرائيلي والدتها نسرين حسن عبد الله حسن ( أبو كميل) من مواليد حيفا في 5 / 7 / 1975 (متزوجة في قطاع غزة)، على حاجز بيت حانون « إيرز » قبل شهور عدة.

وتعيشُ عائلة الأسيرة ابو كميل حالة إنسانية صعبة جراء فقد الأبناء السبعة لأمهم، فيفتقدونها عند كل موسم، وفرح، وترح، خاصة في المواقف الذي تتطلب أن تكون الأم حاضرة بقوة فيها كبداية السنة الدراسية، وحلول الأعياد.

فكان من المفترض أن تكون الأم نسرين، هي من تغسل ثياب أولادها، وهي من تودعهم في أول أيام السنة الدراسية على باب البيت، وكان من المفترض أن تضع في حقائبهم المدرسية الخبز، والخيار، ومثلثات الجبنة، وكان من المفترض أن تمشط أولادها، وأن تأخذ مصروفهم المدرسي من والدهم وتعطيهم إياه، لكن ذلك تبخَّر أمام زرد السلاسل الإسرائيلية.

يقول أبو فراس أبو كميل، والد الأطفال لـ« فلسطين اليوم »: لم نذق طعم الراحة ولا طعم لشراب أو طعام منذ أن أخبرني ضباط المخابرات الإسرائيلية أن نسرين زوجتي معتقلة لديهم (..) حياتي وحياة أبنائي السبعة انقلبت رأساً على عقب، حسبنا الله ونعم الوكيل.

ويضيف ابو كميل: أكثر ما يُؤْلِمُنيْ في اعتقال زوجتي نسرين تلك الحسرة التي دخلت قلوب أولادي عندما انظر إلى عيونهم أرى حزن كبير، في كل حركة وسكون يسألونني متى ستعود ماما؟!، وللأسف لا يوجد جواب.

وتابع: الحسرة تكبر في قلبي عند المواسم، فكل الآباء والأمهات يخرجون بصبحة أبنائهم إلى المرافق العامة كالأسواق والمتنزهات، أما أولادي فأصبحوا رجال كبار قبل الأوان، والبنات أصبحوا امهات وتحملوا مشاق المرحلة قبل الأوان.

وحول قيام أميرة في شؤون البيت، أوضح أن ابنته تأقلمت منذ اللحظات الاولى لاعتقال والدتها على المسؤولية تجاه اخوتها، وهي تشعر كأنها أمهم الثانية، قائلاً « أميرة لا تعد نفسها طفلة، فهي تخاف على جميع أخوتها، وتعاملهم معاملة أمهم، وتقف إلى جانبي في مراعاتهم من جميع النواحي ».

وعلى عكس الأطفال الذين هم في مثل سنّها، لا تحظى « أميرة » بليلة هانئة هادئة، تدخر فيها طاقة جديدة، لتمارس اللعب مع أقرانها في الصباح، بل تنهض من نومها؛ لتنفّذ إحدى المهام البيتية الشاقة عليها، والتي من بينها الاستيقاظ على صوت بكاء أخيها الرضيع، النائم إلى جوارها، إما لتصنع له مصاصة حليب، أو تُبدّل له حفاضته، أو تحمله قليلا وتحتضنه ليتوقف عن البكاء، اعانها الله على مبتلاها، فهي تتحمل الكثير.

ولا يخفي حازم قلقه على زوجته وحزنه عليها، فهي مصابة بسرطان في الغدد وصل لمرحلة متقدمة، وتخضع لعلاجات مكثفة ولكنها تحرص دائمًا خلال مكالمتها معه، والتي انقطعت منذ أسابيع بعد انتقالها من معتقل « الشارون » إلى معتقل « الدامون »، على طمأنته عليها وأنها بخير مع الأسيرات اللواتي يغمرنها بلطفهن وحبهن.

ومنذ أن اعتقل الجيش الإسرائيلي والدتها « نسرين »، في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، على معبر بيت حانون (إيريز)، الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، شماليّ قطاع غزة، بتهمة « تصوير ميناء حيفا »، تتولى هذه الطفلة رعاية أشقائها وشقيقاتها الستة، بينما والدها مشغول في عمله اليومي لجلب المال، الذي يسيرُ به حياتهم اليومية.

ولم تصدر قوات الاحتلال بعدُ حكمًا قضائيًا ضد الأم، بينما تنفي « الأم » التهمة الموجهة إليها، وتعتبرها « باطلة ».



13340254_10154845215745744_5773634792839584818_o

13320480_10154845204645744_4200397293986050202_o

13268190_10154845203965744_3933852874982528717_o

13254801_10154845203260744_7870760445771348774_o



13323410_10154845198435744_4893187896140363572_o

13308402_10154845199860744_1443889121708938050_o

13323590_10154845205445744_292059930293463041_o

كلمات دلالية