لفتح قائمة واحدة

خبر الانتخابات المحلية..عباس يخمد توترات فتح ومرونة حمساوية

الساعة 05:31 ص|13 أغسطس 2016

فلسطين اليوم

انطلق قطار الانتخابات المحلية الفلسطينية، المقررة في 8 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بعد تأكيدات الرئيس محمود عباس المتلاحقة في الأيام القليلة الماضية، بأن « الانتخابات ستجري في موعدها »، على الرغم من الاقتراحات والاجتهادات التي وصلته بضرورة تأجيلها، لكن تأكيدات عباس قطعت كل الشكوك أمام الجميع. مع العلم أن لجنة الانتخابات ستبدأ باستقبال أسماء المرشحين والقوائم بين 16 أغسطس/آب الحالي و26 منه.

في هذا السياق، قطع عباس الطريق، خلال اجتماع المجلس الثوري لحركة « فتح » مساء الاثنين، واجتماع المجلس الاستشاري لحركة « فتح » مساء الثلاثاء، واجتماعه بممثلي المنظمات الشعبية، مساء الأربعاء، على كل المحاولات لإصدار قرار يقضي بتأجيل الانتخابات، كما نصح البعض من قادة الحركة.

والأهم أن عباس وضع الخط الأحمر للحركة، بتشديده على أن « لفتح قائمة واحدة بقرارها المركزي، وأي خروج عنها هو خروج عن الحركة »، ليقطع الطريق على القيادي المطرود من فتح محمد دحلان، وضبط إيقاع الحركة، التي تشهد أحياناً عدم التزام البعض بقراراتها فيما يتعلق بالانتخابات، عكس حماس المعروفة بتنظيمها الحديدي.

وخلال كلمته أمام المجلس الاستشاري للحركة، قال عباس: « إن جميع الظروف تمّت تهيئتها لإنجاح العملية الديمقراطية الفلسطينية، من ناحية الشفافية والنزاهة والحيادية، ليختار المواطن الفلسطيني من يمثله بكل حرية ونزاهة في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء ».

ويرى مراقبون أن أبرز سمات مشهد الانتخابات المحلية التي ظهرت حتى الآن، تتركز في تراجع أهمية العامل الحزبي، لصالح الشخصيات المستقلة والاعتبارية، والعائلية، التي ستحظى بأهمية كبيرة في هذه الانتخابات. في هذا الإطار، يقول مدير مركز العالم العربي للبحوث والتنمية « أوراد »، نادر سعيد، لـ« العربي الجديد »، إن « فتح وحماس تفهمان غضب الشارع من الانقسام، وعدم قدرتهما على إنجاز المصالحة وتغيير الواقع السياسي الفلسطيني، لذلك سيتشكّل مشهد جديد يميزه ذوبان أهمية الحزب، لصالح المستقلين والشخصيات الاعتبارية التي ستؤدي دوراً كبيراً على المستوى المحلي ».

ويضيف أن « فتح تدرك ما يفكر به الناس، لذلك يميلون إلى عدم ترشيح الصف الأول والثاني من الحركة، ويفضلون الذهاب إلى الصف الثالث والكفاءات، ويتفادون بالتالي تشكيل قوائم فتحاوية بشكل واضح. وهو الأمر عينه الذي ستفعله حماس، إذ ستقوم بدعم قوائم معينة، ومن الممكن حتى أن يفوز مرشحون لها بالتزكية، وعلى قائمة منظمة التحرير ».

ويذهب سعيد إلى حدّ القول: « لا تبذل حماس جهداً حتى الآن في التحضير للانتخابات وتشكيل قوائم، وكذلك فتح، التي لم تدخل معترك التحضيرات بقوة، بل تتخذ جانب الحيطة والحذر، كيلا تضطر إلى خوض معارك خارجية من جهة، أو معارك داخلية من جهة أخرى، وتُفضّل تجنّب تفجير الأوضاع الداخلية في الحركة ».

ويشير إلى أنه « لم يتمّ حلّ الكثير من القضايا الداخلية الفتحاوية حتى اليوم، وأي محاولة لحلّها في الشهر المقبل سيؤدي إلى تفجيرها، وستخسر الحركة أكثر، لأنها لا تملك حلولا. بالتالي تتفادى فتح الدخول بأي صراعات أو تحالفات قوية، بل أنه في بعض المواقع ستدعم قوائم مستقلة، ورؤساء بلديات لا ينتمون إليها ».

من جهته، يؤكد ممثل حماس في لجنة الانتخابات، حسين أبو كويك، في حديثٍ لـ« العربي الجديد »، أنه « لن نشكل قوائم باسم حركة حماس، وتركيزنا لن يكون على قوائم بلون واحد، بل ستكون القوائم مفتوحة وسيشارك فيها عدد أكبر من الكفاءات والألوان السياسية في المواقع ». وفي سؤال حول إمكانية مشاركة شخصيات حمساوية ضمن قائمة منظمة التحرير التي تضم فتح، يشير أبو كويك، إلى أنه « لا مانع على الإطلاق، فهناك مفاوضات بيننا وبين فتح، وقد نتوصل لنتيجة في بعض المواقع الانتخابية ».

أما أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح أمين مقبول، فيكشف في حديثٍ لـ« العربي الجديد »، أنه « نعمل على قدم وساق لإنجاز القوائم، وهناك توجه في أن تكون هذه القوائم مهنية، وتضمن معايير الخبرة والاستقطاب للكفاءات ». ويُشدّد على أنه « لا يوجد فيتو على التحالفات من أي جهة كانت، بما فيها حماس أيضاً ». ويوضح مقبول:« نعمل على قدم وساق لإنجاز هذه القوائم، وهناك لجنة في كل محافظة يترأسها عضو من لجنة مركزية فتح لتنظيم القوائم والمشاورات والتحالفات، فقد دخلنا مرحلة العمل المكثف ».

وتظهر كلا الحركتين استعدادات كبيرة لخوض الانتخابات المحلية، وفيما يؤكد قادة الحركتين أن انتخابات البلديات والمجالس القروية ليست سياسية بالدرجة الأولى، بل خدماتية، إلا أن التحركات الحثيثة للحركتين ميدانياً، تنفي هذا الأمر، لأنه بات من شبه المؤكد أن نتائج هذه الانتخابات ستكون مؤشراً قوياً على الانتخابات التشريعية والرئاسية في حال تم إجراؤها. وكانت أصوات من قيادة فتح قد طالبت بتأجيل الانتخابات البلدية بسبب عدم جاهزية الحركة لها، لكن إصرار عباس حسم الأمر لصالح اجرائها في الموعد الذي تم تحديده.

وفي الشأن الفتحاوي يشرح أحد قياديي الحركة في نابلس، رويد أبو عمشة لـ« العربي الجديد »، أن « فتح لديها ظروف استثنائية لأنها تقود الحالة الفلسطينية، بالتالي فإن كل الظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب الفلسطيني تنعكس على الحركة. صحيح أن فتح بحاجة إلى مؤتمر، لكنها لن تعطل القطار الوطني من أجل ذلك، بل ستقوده في الانتخابات المحلية، والنقاش بهذا الأمر انتهى، ولا يوجد سوى خيار واحد هو خوض الانتخابات ».

كما يرى مراقبون أن عباس عمل مثل رجل إطفاء في الأسابيع الماضية، لمحاصرة وإطفاء كل الأزمات التي تفجّرت ميدانياً في الحركة، في الأسابيع الماضية، في طولكرم، ونابلس، وجنين، وأصدر تعليماتٍ لحلّ كل الأزمات، كما أوعز لقادة الأمن بالتحرك السريع لإنهائها.

وشهدت طولكرم تقديم استقالات جماعية لأكثر من 120 شخصاً من كوادر فتح الأسبوع الماضي، احتجاجاً على اعتقال نحو 27 منتسباً منها على خلفية وضعهم « لايك » على صفحات « فيسبوك » تنتقد رئيس الوزراء رامي الحمد لله، حسبما تؤكد مصادر فتحاوية. وكانت الأزمة قد تفجّرت بسبب انقطاع الكهرباء المستمر، وتعيين الحكومة الفلسطينية مراقباً مالياً على بلدية طولكرم، واتهام كوادر فتح الحكومة بتضييق الخناق على البلدية التي تديرها « كتلة الاستقلال والتنمية » التابعة لفتح. وشكّلت الاستقالات الجماعية، وعمليات إطلاق النار، والتوترات الشديدة في الشارع، رسائل كافية، لتدخّل عباس، ملتقياً أمين سر الحركة في طولكرم مؤيد شعبان، مساء الخميس. وعن الاجتماع يقول شعبان: « عدنا عن استقالاتنا، لأن السبب قد زال، والرئيس أعطى تعليمات واضحة مساء الخميس، بوقف الاعتقالات والإفراج عن المظلومين، أما من قام بمخالفة فسيتم تحويله للنيابة ».

ولم يكن الأمر أقلّ سوءاً في محافظة جنين، بعد تناقل وسائل الإعلام، صور أطفال قاصرين تم الاعتداء عليهم من قبل الأمن الفلسطيني، مساء 4 أغسطس الحالي. وذلك بعد أن أقدم الأهالي على رشق نقطة شحن كهرباء الشمال في بلدة اليامون قرب جنين، فأقدم عناصر الأمن على ضرب عدد من الأطفال القاصرين. وعلى الأثر قرر مدير عام الشرطة اللواء حازم عطا الله، تشكيل لجنة تحقيق عليا للوقوف على حقيقة ما حصل وإصدار التوصيات اللازمة بأسرع وقت.

ولا تقلّ مدينة نابلس توتراً عما سبقتها من مدن، بفعل اعتقال أجهزة الأمن العديد من عناصر الأمن المحسوبين على فتح بتهم إطلاق نار في مسيرة تشييع عنصري أمن من المحافظة، قضيا برصاص مسلّحين خارجين عن القانون في نهاية يونيو/حزيران الماضي.

وتعكس تصريحات رئيس بلدية نابلس الأسبق، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير غسان الشكعة، التوتر في المدينة، بعد تأكيده على عدم ترشيح نفسه لانتخابات بلدية نابلس، التي شغلها نحو 13 عاماً، لأن الوضع القائم في المحافظة لن يسمح بإنجاح أي مجلس بلدي.

في هذا الصدد يقول الشكعة لـ« العربي الجديد »: « هناك صعوبات بالنسبة لموضوع الانتخابات سواء بالنسبة لتأجيلها أو عدم تأجيلها، بسبب الوضع الأمني من جهة، والانهيار المجتمعي من جهة أخرى، ومعيار المرشحين يجب أن يكون الكفاءة، والقدرة على خدمة المواطن والإدارة، وأن يكون مسانداً للقيادة السياسية في إنهاء الاحتلال، والحرية للشعب الفلسطيني ».

كلمات دلالية