خبر حزب الله والاختلال بقواعد الاشتباك .. عبد الستار قاسم

الساعة 03:36 م|11 أغسطس 2016

عبد الستار قاسم

تسود قواعد اشتباك بين حزب الله وبين الكيان الصهيبوني، وكل طرف يعرف وفق هذه القواعد الخطوط الحمراء التي يمكن أن تنشب حرب إذا تم تجاوزها. الصهاينة يعرفون الحدود التي لا يستطيعون تجاوزها في مواجهتهم لحزب الله، ولا يتجاوزونها إلا إذا كانوا يرغبون بإشعال حرب، وهكذا هو الأمر بالنسبة لحزب الله. ولهذا تخضع قواعد الاشتباك إلى المزيد من الدراسة والتمحيص باستمرار، وكل طرف يعمل على تقييم نشاطات الطرف الآخر ليفهم توجهاته العسكرية والأمنية. لكن في نفس الوقت، يعمل كل طرف على تطوير قدراته التقنية وتكتيكاته العسكرية وترسانته من السلاح والعتاد عساه يفرض قواعد اشتباك جديدة تربك العدو وتردعه.

قواعد الاشتباك بين حزب الله والصهاينة ليست ثابتة، وهي تبدو متموجة أو متغيرة باستمرار. هناك نشاطات عسكرية وأمنية يقوم بها أحد الأطراف وبالتحديد الكيان الصهيوني فيفرض على حزب الله تغييرا بقواعد الاشتباك. مثلا يقوم الكيان الصهيوني بضرب المنشآت الكهربائية في بيروت، عندها لن يمتنع حزب الله عن ضرب المنشآت الكهربائية في المدن الصهيونية. كان يمتنع حزب الله مثلا عن قصف تل أبيب حفاظا على المدن اللبنانية من قصف الطيران الصهيوني المتفوق، لكنه يغير قواعده فيقصف تل أبيب إذا قصف الصهاينة طرابلس أو صيدا. وقد تتغير قواعد الاشتباك أيضا إذا حصل أي من الطرفين على أسلحة فتاكة تخل بالتوازن العسكري الذي كان قائما، عندها يدرك الطرف الآخر أن مبادرته إلى العدوان ستأتي عليه برد عسكري قاسي لا يتحمله فيمتنع عن عدوانه. فمثلا، نشاطات الكيان الصهيوني العسكرية في البحر اختلفت عندما اكتشف الصهاينة أن حزب الله يمتلك صواريخ بر بحر مدمرة. فبدل أن تبقى السفن الحربية الصهيونية على السواحل اللبنانية، أتتها الأوامر بالابتعاد مئات الكيلومترات وأن تبقى في عرض البحر تجنبا للصواريخ. لم يعد الكيان الصهيوني قادرا على الرسو بالقرب من شواطئ صيدا أو طرابلس ويقصف البيوت والمنشآت اللبنانية كما يشتهي. تغيرت قواعد اللعبة.

قواعد اشتباك بين حزب الله والصهاينة تتغير إما  وفق سقف الاعتداءات الصهيونية أو وفق التطورات التقنية والتسليحية لدى حزب الله.

في هذه الفترة بالذات تأخذ قواعد الاشتباك منحى جديدا وذلك بسبب توفر قاذفات لدى حزب الله بدون طيار. لقد فاجأ حزب الله مختلف أطراف الصراع بما لديه من طائرات استطلاع بدون طيار وتحمل قنابل أو صواريخ موجهة ودقيقة الإصابة. لقد استعمل حزب الله هذه الطائرات في منطقة حلب وأثبتت قدرتها على الإصابة الدقيقة. وهذا بالنسبة للكيان الصهيوني تطور خطير يؤثر سلبا على هيمنة سلاح الجو الصهيوني على الأجواء العربية. اعتادت الطائرات الصهيونية أن تجوب الأجواء العربية بارتياح وبقليل من التحدي سواء من سلاح الجو العربي أو الأسلحة المضادة للطيران. ربما لا تمتلك طائرات حزب الله الآن القدرة على إسقاط الطائرات الصهيونية، لكن الطائرات الصهيونية لم تعد اللاعب الوحيد في الأجواءئ العربية المحتلة وغير المحتلة. الآن بإمكان حزب الله أن يقصف منشآت ومواقع وأهدافا داخل فلسطين المحتلة، وبإمكانه أن يتصدى للدروع والدبابات الزاحفة نحو المواقع العربية من الجو، وبإمكانه استهداف جنود. طائرات الاستطلاع المتوفرة لدى حزب الله تمكنه من الرؤيا الواضحة لتحركات العدو، وإصابة الأهداف بدقة. أي أن الصهاينة لم يعودوا وحدهم القادرين على الرؤية الواضحة لأرض المعركة من الجو، ولم يعودوا وحدهم القادرين على جمع المعلومات الضرورية لتحقيق انتصار على العدو. ولهذا يقلق الصهاينة، ويعون تماما أن النصر في الميدان أبعد مما كان عليه سابقا، وإذا كانوا قد فشلوا في حروبهم السابقة فإن فشلهم في الحروب القادمة سيكون أكثر عمقا وإيلاما. ولهذا ينهمكون الآن بالتأكيد في دراسة هذا التطور التقني التسليحي الجديد، وسيجمعون خبراءهم وعلماءهم للتفكير معا في كيفية مواجهته، وتطوير التقنيات المناسبة للحد من أثره على ميدان المعركة. لكن حزب الله بالتأكيد لا يتوقف عند مرحلة معينة، وهو كما المقاومة الفلسطينية في غزة، يواصل ليله بنهاره من أجل تحقيق المزيد من التقدم العلمي والتقني، ويصر دائما على النصر في معاركه.

 

 كاتب فلسطيني

 

كلمات دلالية