خبر الانتخابات المحلية في ميزان المصالحة ..د. أحمد الشقاقي

الساعة 08:57 ص|02 أغسطس 2016

شكلت الدعوة للانتخابات المحلية مفاجأة لدي الجمهور والذي مازال يتشكك في الوصول الى مشهد يوم الاقتراع بعد ان غابت هذه التجربة عن الاراضي الفلسطينية منذ الانتخابات التشريعية قبل احد عشر عاما.

وقبل الخوض في ابعاد الارقام التي اعلنتها لجنة الانتخابات المركزية بعد اغلاق ابواب تسجيل الناخبين، فإن ثمة اسئلة تطرح نفسها بقوة اهمها: ماذا بعد الانتخابات المحلية؟ لماذا لم نذهب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني؟ ما هو واقع الحال في الضفة الغربية وقطاع غزة امنيا وسياسيا؟ وما هو موقع الفصائل الفلسطينية في الهيكل الفلسطيني وبين الجماهير؟ وكذلك ما هو استعداداتها لهذه التجربة وما دافع المشاركة فيها؟.

جملة من الاسئلة لا يمكن تجاوزها او تخطيها، وتأتي مترافقة مع تساؤل كبير : «هل نحن ذاهبون نحو مصالحة ام نحو توسيع لدوائر الانقسام. خاصة وان مشهد التوافق من خلال بوابة الحكومة قد اثبت فشله وأصبح التركيز على تفعيل الاطار القيادي لمنظمة التحرير كمدخل لتحقيق الوحدة الوطنية اكثر انسجاما مع التحديات والواقع الفلسطيني.

إذن هل الانتخابات المحلية تذهب بنا خطوة نحو التوافق ام ستزيد العملية الانتخابية ونتائجها تعقيدات المسرح الداخلي؟ وبدافع الآمال نرجو ان تأتي في الاطار الايجابي ويجب الحرص على هذا. لكن الواقع السياسي والأمني يتداخل مع الخدمة المحلية في المجالس البلدية ويفرض تعقيدات اكبر من القدرات التنفيذية للهيئات المحلية. لذلك فنحن نتجه نحو رغبة فصائل في رفع «هم البلديات» عن كاهلها الرسمي والصريح بعد ان اساءت ادارتها لقاعدتها الشعبية في ظل تضاؤل الخدمات وارتفاع الضريبة والجباية، ورغبة فصائل اخرى في اثبات عودة شعبيتها التي فقدتها في آخر نتائج لصندوق الاقتراع، وبين هاتين الرغبتين يقف المواطن يبحث عن نافذة امل تعيد له ابسط الخدمات المحلية في واقع حصار بقطاع غزة، وإرادة الاحتلال بالضفة الغربية.

الانتخابات المحلية ترتبط بإبعاد سياسية امنية، وهذا يشكل تهديدا واضحا لمجريات العملية الانتخابية ونتائج صندوق الاقتراع ، وبين واقع الضفة الغربية التي يُمكن للاحتلال من خلال قوته العسكرية التدخل بمجريات العملية الانتخابية ويشكل مصدر تهديد للمرشحين والفائزين المعرضين للاعتقال وتجربة 2006 دليل على ذلك، بالإضافة الى المضايقات التي تتعرض لها حركتا حماس والجهاد الاسلامي في الضفة الغربية. وكذلك واقع قطاع غزة الأمني والذي تبسط فيه حركة حماس سيطرتها عليه يطرح تساؤلات كبيرة عن امكانية قيام قوائم حركة فتح بنشاطاتها بحرية وبتجاوب مع القيادات التنفيذية في محافظات غزة وهو ما يذهب بنا نحو التساؤل مجددا هل نقترب من المصالحة أم تعزيز الانقسام؟

طرفا الانقسام الداخلي اعلنا مشاركتهم في الانتخابات المحلية، واليسار الفلسطيني شكل قائمة موحدة لخوضها، وحركة الجهاد لاتزال تدرس المشاركة .. وأمام هذه المشاركات هل تذهب الفصائل نحو خدمة المواطن ووضع برامج خدماتية يمكن تنفيذها وتحقيق خروقات في جدار الحصار المفروض على كافة المستويات؟ أم أن المشاركة لا تعدو سوى البحث عن كشف رصيد لتلك الفصائل في الشارع مما يعطيها انطباعات حول تقييم تجربة الفترة الماضية واتخاذ قرار نحو توسيع مجالات الانتخابات والوصول الى حالة الانتخاب الشاملة لكافة الاطر الفلسطينية والتى فقدت شرعيتها منذ زمن؟.

حركة حماس تتعرض لضغط الشارع في غزة، وحركة فتح تتخوف من تجارب مماثلة لقائمة غسان الشكعة بنابلس وخسرت اليسار الفلسطيني، وحركة الجهاد شاركت مسبقا في الانتخابات البلدية ببعض محافظاتها وستجد نفسها أمام لعبة الانتخابات مضطرة في المرحلة المقبلة على ابواب انتخابات المجلس الوطني، والأجسام المستقلة الفلسطينية لم تتمكن من صياغة نفسها بشكل يمكنها من المنافسة بقوة في صندوق الاقتراع.

ماذا بعد؟ علي صاحب القرار الذهاب بجرأة نحو انتخابات شامله تضمن مشاركة الكل الفلسطيني في عمليه ديمقراطية للمؤسسة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني واسباب الاعتذار من طرفي الانقسام غير مقبولة بعد ان اعطت الاشارة بالموافقة عليها في اطارها المحلي فلم يعد مقبولاً تأخير هذا الاستحقاق والذي نصت عليه اتفاقات المصالحة بمحطاتها العربية والفلسطينية.

الارقام التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية حول أعداد المسجلين في السجل الانتخابي بعد فترة التسجيل الاخيرة تعطي انطباعاً بأن المشاركة في الانتخابات ستكون أكبر من المتوقع رغم حالة التوجس التي تصيب الشارع فهل سيكون قادة العمل السياسي الفلسطيني بمستوى الشارع ام سيبقي الوضع يراوح مكانه؟.

كلمات دلالية