خبر قانون «الإقصاء» عنصري بامتياز ومقاومته جماهيريا واجب يفرضه الواقع

الساعة 08:18 ص|25 يوليو 2016

بقلم: محمد أبو لبدة

كثيرة هي القوانين العنصرية التي سنها الكنيست الاسرائيلي خلال تسلم بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي لرئاسة الوزارات اليمينية المتطرفة الثلاث وخاصة الوزارة الحالية الاكثر يمينية وتطرفا وعنصرية منذ اقامة دولة اسرائيل عام ٤٨ على انقاض شعبنا الفلسطيني الذي شرد وطرد من بلاده وبلاد اجداده عنوة وتحت تهديد السلاح وارتكاب ابشع المجازر بحقه والتي يندى لها جبين الانسانية جمعاء خاصة الدول الغربية التي تدعي الديمقراطية وحقوق الانسان والتي ساهمت بدرجة أو بأخرى في اقامة اسرائيل ولا تزال تدعمها وتقدم لها كافة المساعدات العسكرية والاقتصادية والمالية والسياسية والدبلوماسية لدرجة اصبحت فيها اسرائيل ترى بنفسها أنها فوق القانون الدولي حيث تمارس ابشع الممارسات والانتهاكات بحق شعبنا امام مرأى ومسمع العالم قاطبة دون ان يحرك ساكنا باستثناء قيام البعض بإصدار بيانات الشجب والاستنكار التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

ومن احدث القوانين العنصرية التي سنها الكنيست الاسرائيلي هو قانون الاقصاء الذي تم اقراره الاربعاء الماضي حيث صوت الى جانب المشروع ٦٢ نائبا مقابل ٤٧ وتغيب ١١ نائبا عن التصويت.

ويعتبر هذا القانون الجديد من بين اكثر وابرز القوانين عنصرية والذي يستهدف بالدرجة الاساس اعضاء الكنيست العرب تحت ادعاءات ومزاعم التحريض على اسرائيل او دعم الكفاح المسلح ضدها.

وينص هذا القانون من بين ما ينص عليه انه لا يمكن اقصاء اي نائب من الكنيست الا بدعم (٩٠) نائبا من اصل (١٢٠) عدد اعضائه، ولما كان هذا الكنيست مكون من ممثلي الاحزاب اليمينية الاكثر تطرفا وعنصرية في اسرائيل، فإن باستطاعته تجنيد هذا العدد لاقصاء اي نائب عربي من الكنيست، خاصة وان عددا من اعضاء الاحزاب الصهيونية المعارضة صوتت الى جانب هذا القانون العنصري والذي يمس بشكل خطير بأحد ابرز الحقوق في المجتمع الديمقراطي - الذي تدعي اسرائيل زورا وبهتانا بانها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة - وهو حق الانتخاب والترشح وابداء الرأي اي حرية الرأي والتعبير.

وللاطلاع على مدى عنصرية هذا القانون لا بد من الحديث عن خلفيته حيث انه جاء في اعقاب قيام ثلاثة نواب عرب هم حنين الزعبي وباسل غطاس وجمال زحالقة من القائمة العربية المشتركة بحضور اجتماع للجنة مقدسية تطالب الحكومة الاسرائيلية بتسليمها جثامين الشهداء الذين قتلتهم القوات الاسرائيلية وتحتجز سلطات الاحتلال جثامينهم.

وقد جاء حضور النواب الثلاثة لاجتماع اللجنة بناء على دعوة وجهتها لهم لكي يعملوا من اجل استعادة هذه الجثامين لكي يتسنى لذويهم دفنها وفق الشريعة الاسلامية التي تقوم على اساس ومفهوم ان اكرام الميت والشهيد هو دفنه وليس احتجازه في ثلاجات الموتى تحت درجة حرارة ٣٠ - ٤٠ درجة تحت الصفر، دون مراعاة للانسانية ولا للشرائع السماوية، بل على العكس منها.

ومنذ حضور اجتماع اللجنة في شباط من العام الجاري دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى سن هذا القانون الذي يستهدف كما ذكرنا سابقا النواب العرب بالدرجة الاساس، الامر الذي دعا اعضاء كنيست من اليمين المتطرف والعنصري الى الاستجابة لدعوة نتنياهو واعداد مشروع قانون بهذا الشأن والذي صوت عليه الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة بعد ان صوتت عليه لجنة التشريع والقانون في الكنيست بالقراءة الاولى ليصبح قانونا عنصريا جديدا بحق اعضاء الكنيست العرب او من تسول له نفسه التضامن مع اهالي الجثامين المحتجزة لدى اسرائيل.

وما دامت خلفية اقرار هذا القانون هو النواب العرب الثلاثة فإنه قانون تم سنه لتحقيق عدة اهداف من ابرزها ما يلي:

١- الحد من حرية الرأي والتعبير لدى اعضاء الكنيست العرب الامر الذي يعني انه ضد الديمقراطية التي تتغنى بها اسرائيل بل هو مناهض ومناقض لهذه الديمقراطية.

٢- يمس بالحقوق الاساسية للمواطنين العرب وهو حق الانتخاب والترشح.

٣- التعدي على صلاحيات السلطة القضائية في اسرائيل والتي هي جهة الاختصاص بشأن النظر في هذه القضايا واصدار الاحكام وليس السلطة التشريعية الممثلة بالكنيست الاسرائيلي، اي ان الكنيست نصب نفسه سلطة تشريعية وقضائية في نفس الوقت وهو ما يتعارض مع مبدأ اساس في الديمقراطية وهو الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية مما يجعل اسرائيل دولة غير ديمقراطية على الاطلاق .

٤- القانون العنصري الجديد «الاقصاء» يرمي في نهاية المطاف الى جعل الكنيست يقتصر فقط على مرشحي الاحزاب اليهودية والصهيونية تجسيدا لما يطرحه شارون من يهودية الدولة وبالتالي يهودية الكنيست.

٥- يعد فصلا جديدا من فصول النظام العنصري الذي تنحدر اسرائيل باتجاهه جراء نزوح المجتمع الاسرائيلي نحو التطرف والعنصرية واليمينية البغيضة.

٦- ضرب الوجود السياسي للفلسطينيين في الداخل وقمع حرية العمل السياسي لديهم وتكريس لسياسة التمييز والفصل العنصري ضدهم.

٧- يمس بحقوق الاقليات وبمفهوم البرلمان والتمثيل والحصانة البرلمانية.

٨- يفرض المزيد من القيود على النواب العرب في الكنيست حيث يجرم العديد من اوجه العمل السياسي الذي يمارسونه وخاصة دعمهم للقضية الفلسطينية وحضورهم لأية اجتماعات ونشاطات تؤيد حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

٩- الحد من التواصل بين النواب العرب في الكنيست والفلسطينيين في الاراضي المحتلة وتبني قضاياهم والدفاع عنهم وكشف ممارسات الاحتلال ضدهم وتعريتها.

١٠- يشرعن الابعاد سواء السياسي او الشخصي خاصة وان العديد من اعضاء الكنيست اليهود طالبوا بإبعاد عضو الكنيست الزعبي الى غزة بعد تجريدها من عضويتها البرلمانية.

وازاء ذلك فإن السؤال المطروح حاليا او الذي يطرح نفسه هو: ما العمل ازاء هذا القانون العنصري والذي يسعى الى كتم الصوت العربي المعارض للتطرف والسياسة العنصرية الاسرائيلية والكاشف لحقيقة اسرائيل التي تتدحرج ككرة الثلج نحو العنصرية المقيتة والمعادية لحقوق الانسان الفلسطيني في الداخل؟

ان الاجابة على هذا السؤال هي من شقين اثنين، الاول على الصعيد الداخلي والثاني على الصعيد الخارجي.

اما على الصعيد الداخلي فإن على النواب العرب في الكنيست دعوة الجماهير العربية في الداخل الى التصدي الحازم لهذا القانون العنصري من خلال القيام بتظاهرات احتجاجية واعتصامات امام الكنيست ومبنى رئاسة الوزراء ومكاتب النواب الاسرائيليين بصورة منظمة ومتواصلة وعدم الاكتفاء بتظاهرة واحدة او اثنتين بل العمل على استمراريتها وكذلك القيام بمسيرات تبين مرامي هذا القانون الجائر والموجه بالدرجة الاولى ضد اعضاء الكنيست العرب وبالتالي ضد الجماهير الفلسطينية في الداخل.

كما ان على النواب العرب استقطاب المزيد من الاسرائيليين المعارضين لهذا القانون خاصة حركة ميرتس اليسارية التي عارضته واكدت انه يمس بالديمقراطية الاسرائيلية ويتناقض معها ويحول اسرائيل الى دولة عنصرية.

وعلى النواب العرب ايضا عدم الاكتفاء باصدار البيانات والتصريحات بل اتخاذ خطوات عملية ضد القانون والسياسة العنصرية ومن اجل المساواة والديمقراطية الحقيقية وكذلك العمل على ايجاد اوسع اصطفاف جماهيري حولهم للحيلولة دون تنفيذ هذا القرار بحق اي نائب منهم وخاصة النائب حنين الزعبي الذي يستهدفها اليمين الاسرائيلي المتطرف وحتى بعض اعضاء احزاب المعارضة.

اما على الصعيد الخارجي فان النواب العرب مطالبون او يقع على عاتقهم من اجل افشال هذا القانون والعمل على الغائه ما يلي:

١- التوجه لاتحاد البرلمانات الدولي للقيام بواجبه في الضغط على حكومة الاحتلال من اجل الغاء هذا القانون الجائر والعنصري وتوفير الحماية لممثلي الجمهور الفلسطيني في الداخل من الممارسات والملاحقات القضائية الاسرائيلية ضدهم.

٢- اللجوء الى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان والديمقراطية لردع حكومة الاحتلال عن سياساتها الرامية الى كتم الصوت العربي سياسيا ونضاليا من اجل نيل حقوقهم.

٣- تجنيد رأي عام عالمي مناهض ليس فقط لهذا القانون بل لكافة القوانين العنصرية التي اقرها الكنيست الاسرائيلي مؤخرا والمعادية للشعب الفلسطيني في الداخل.

٤- اللجوء الى الامم المتحدة ومنظماتها لكشف حقيقة اسرائيل ونزوعها نحو المزيد من التطرف والعنصرية ومحاولتها جعل الدولة يهودية خالصة دون مراعاة لحقوق الاقليات بداخلها.

ان هذه المهام الواجب القيام بها هي الرد على السؤال الذي طرحناه سابقا وهو ما العمل، لانه بدون هذا الحراك الواسع والمتواصل على الصعيدين الداخلي والخارجي فان حكومة اليمين المتطرف ستواصل اصدار القوانين العنصرية ضد فلسطينيي الداخل بعد ان فشلت في ترويضهم وتساوقهم مع سياساتها، كما فشلت في اسرلتهم، لذا نراها تقوم بسن القوانين ضدهم لارغامهم اما على الرحيل او الاستسلام لسياساتها هو ما لم تستطع تحقيقه اسرائيل منذ قيامها حتى الآن ولن تستطيع مستقبلا وما عليها الا الاعتراف بحقوقهم وبأن تكون دولة لكل مواطنيها وليس لليهود فقط وخاصة غلاة المتطرفين والعنصريين، اما قانون الاقصاء فهو عنصري بامتياز ومن الواجب مواجهته شعبيا ولن يحقق اهدافه.

كلمات دلالية