خبر رياح حرب بين اوروبا والاسلام -معاريف

الساعة 10:04 ص|24 يوليو 2016

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون كوتس

 (المضمون: حسب الاصوات التي انطلقت ليس فقط من اليمين المتطرف، في العديد من الدول في القارة، يثور فجأة الاحساس بالعودة الى التاريخ القديم، الى الحرب بين المسيحية والاسلام، بين اوروبا والغزو الاسلامي الذي يهدد من الجنوب ومن الشرق - المصدر).

 

          ليس أقل من 1.256 كاميرة حراسة توجد في نقاط مختلفة في مدينة نيس في الريفييرا الفرنسية تجعل المدينة الاكثر تصويرا في فرنسا وربما في اوروبا كلها. ولكن هذه الشبكة لم تكن تكفي لمنع مذبحة فظيعة في المتنزه في منتهى العيد الوطني في نهاية الاسبوع الماضي. كاميرات مشابهة كانت أيضا في المركز التجاري في ميونخ حين قام منفذ منفرد، الماني ايراني ابن 18 بارتكاب مذبحته هناك، والذي بزعم قادة الشرطة « لم يكن   مرتبطا بالارهاب الاسلامي » (خلافا لمنفذ عملية الطعن قبل بضعة أيام من ذلك في قطار في المنطقة).

 

          في نهاية الاسبوع الماضي، بعد أن نشرت في وسائل الاعلام الفرنسية ولا سيما في صحيفة « ليبراسيون » صور تبين بان سيارة شرطة واحدة فقط توجد في النقطة التي اقتحمت فيها بسهولة شاحنة الموت لمحمد الحويج بهلال حاجز الحراسة البلاستيكي، توجهت سلطات الامن الفرنسية بطلب غير عادي لبلدية نيس: ابادة 30 الف ساعة تسجيل لديها منذ بداية العمل في يوم الجمعة مساء وحتى منتهى السبت. وسارع رئيس المجلس الاقليمي كريستيان استروزي الى اتهام الدولة بمحاولة « شطب الاثار ». ورفضت البلدية الطلب وتستعد لاستخدام الاشرطة في استيضاح الدعاوى القانونية التوقعة من عائلات الضحايا والمصابين. وأمر وزير الداخلية برنار كزمب بالتحقيق داخل الشرطة بعد نشر الصور، وان كان يواصل الادعاء بان الحراسة عملت كما كان مخططا.

 

          خلافا لصورة الوقفة المتماسكة في مواجهة تهديدات الارهاب من جانب فرنسا بعد العمليات الارهابية في كانون الثاني 2015، وبقدر اكبر في حملة الارهاب في تشرين الثاني من العام الماضي، هذه المرة سقطت الاقنعة وتفعل الانتخابات المقتربة للرئاسة فعلها. فزعماء في اليمين ايضا ممن مجدوا دوما الوحدة الوطنية، سمحوا لانفسهم بانتقاد قصور الحكم الاشتراكي، بينما على بؤرة الاستهداف الرئيس اولاند ورئيس الوزراء فالس. وفي الحكم نفسه يزداد الحرج. فباستثناء تمديد حالة الطوارىء تطرح مرة اخرى اقتراحات، رمزية في اساسها، لحظر اظهار « العلائم الخارجية » الاسلامية وغيرها في الاماكن العامة. وذلك بعد ان حظر الحجاب في المدارس الرسمية وحظر البرقع، ينطبق رسميا في الاماكن العامة.

 

          في المانيا، التي تواصل تبني سياسة استيعاب اللاجئين المسلمين، كانت ردود الفعل على عمليات هذا الاسبوع منضبطة جدا وقيدت وسائل الاعلام الانشغال بها. ورغم الاعلانات عن تشديد القتال ضد الاسلام المتطرف، فان « الخوف من الاسلام » تواصل كونها عبارة مرفوضة في فرنسا، في المانيا، في بلجيكا وفي اوروبا كلها. ولكن الجمهور الذي بات يخاف أكثر فأكثر من المسلمين، يطالب بمتابعتهم ويرفض، حسب الاستطلاعات المختلفة، السكن بجوارهم.

 

          وحسب الاصوات التي انطلقت ليس فقط من اليمين المتطرف، في العديد من الدول في القارة، يثور فجأة الاحساس بالعودة الى التاريخ القديم، الى الحرب بين المسيحية والاسلام، بين اوروبا والغزو الاسلامي الذي يهدد من الجنوب ومن الشرق. والتمييز بين السُنة والشيعة، المؤيدين والمعارضو للغرب، داعش وغير داعش، يتبدد امام عين الكاميرات. فلا يوجد مسلمون أخيار واشرار. خذوا مثلا تركيا، موردة المهاجرين رقم واحد الى المانيا – محاولة الانقلاب الفاشلة والخطوات التي جاءت في اعقابها وضعتها، مثلما كان ذات مرة، في مركز صورة التهديد الاسلامي على اوروبا. والان يبدو انضمامها الى الاتحاد الاوروبي، رغم اتفاقات اللاجئين، أبعد من أي وقت مضى. فرنسا، مثل اوروبا، حذرت اردوغان من آثار حالة الطوارىء لديه (رغم تمديد حالة الطوارىء في فرنسا نفسها) ونالت منه ملاحظة مهينة حول التدخل في شؤونها الداخلية. وهكذا، على طول وعرض اوروبا تتعاظم التصريحات عن الاختلاف بين قيم الاسلام وقيم الديمقراطية والغرب.

كلمات دلالية